كانت أمام سكوت جيجنهايمر تحديات عندما أصبح رئيساً تنفيذياً لمجموعة «زين» في ديسمبر 2012، وهي التحديات المتمثلة في الرؤية المستقبلية لعمليات واحدة من الشركات العملاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وبعد مرور 11 شهراً على توليه زمام قيادة مجموعة «زين»، يبدو واضحاً من خلال الحديث مع «جيجنهايمر» أنه يستطيع على الأقل أن يكشف النقاب عن بعض النقاط المهمة في قائمة المهام الأساسية الخاصة به.
والواقع أن مجموعة «زين» بدأت في التحدث بشكل جاد مجدداً عن الاستحواذ على شركات أخرى في المنطقة، هو أمر يعتبر مؤشراً واضحاً على انتهاء فترة السكون الوجيزة التي عاشتها المجموعة.
خطط التوسع
يتساءل جيجنهايمر في مقابلة مع مجلة «كومز» الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «هل نحن مهتمون بالتوسع؟ الاجابة هي نعم بالتأكيد»، مضيفا «لكن ذلك ينبغي أن يكون له مغزى استراتيجيا وماليا، ولهذا فإننا لن نلهث وراء عمليات الاستحواذ، فالبنظر إلى مشغلي الاتصالات المتنقلة، أريد أولا أن أتأكد من أنها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومعظم الفرص الحالية موجودة في شمال أفريقيا تحديداً».
ويقول جيجنهايمر إن الاستحواذ على شركات الاتصالات المجاورة قد يكون أيضاً وسيلة مهمة للسماح لمجموعة «زين» بأن تصبح مزوداً للخدمات المتكاملة، وأن تتوسع إلى مجالات خدمات جديدة، مضيفاً «خلال السنوات الثلاثة الى الخمسة المقبلة ستروننا نتحرك أكثر في ذلك المجال، صحيح أن هناك الكثير من العقبات التنظيمية لكننا ندرك أن كل شيء يتحرك في اتجاه خدمات الـ «M2M» والـ «IP»، وخدمات البيانات، ولن تكون هناك خدمات صوتية في غضون السنوات العشر المقبلة.
وستكون كل الخدمات هي خدمات بيانات بنسبة 100 في المئة ونحن نريد أن نتحرك في ذلك الاتجاه، وهناك الكثير من الأشياء التي يمكن القيام بها في مجالات الألياف البصرية، والمحتوى المتنقلة، وخدمات ما بعد البيع، وما إلى ذلك.
ويرى جيجنهايمر أن هذا الأمر يمثل أهمية خاصة في سوق الاتصالات المتنقلة التي تشهد انكماشاً متزايداً في إيرادات المكالمات الصوتية والرسائل النصية، بسبب انتشار ما يسمي بخدمات الـ «OTT»، ويرى أيضاً أنه من المهم بالنسبة لمجموعة «زين» أن تبني منصة موسعة تسمح للعملاء بالوصول إلى الخدمات في أي وقت ومن أي مكان ومن خلال أي جهاز.
ومن خلال السعي إلى تحقيق ايرادات من خلال خدمات البيانات، يتفاءل جيجنهايمر بأنه سيكون باستطاعة المجموعة أن تعوّض التراجعات في إيرادات خدمات المكالمات الصوتية، وايرادات الرسائل النصية، وهي التراجعات التي تؤثر على صناعة الاتصالات برمتها.
ويضيف «أعتقد منطقيا أنه باستطاعتنا أن نواصل تنمية إيراداتنا، ليس بالضرورة بشكل مباشر من تقديم خدمات الاتصالات الصوتية، وخدمات البيانات الى عملائنا الحاليين، بل من خلال الشركات المجاورة والمجالات التي لم نستكشفها بشكل كامل بعد».
خطة خدمات البيانات
وانعكست أهمية خدمات البيانات في نتائج الربع الثاني الخاصة بمجموعة «زين»، ففي واقع الأمر، بلغ نمو إيرادات خدمات البيانات بمعدل سنوي 24 في المئة، وإذا استثنينا إيرادات خدمات الرسائل النصية وخدمات القيمة المضافة، فإن صافي إيرادات خدمات النطاق العريض (البرودباند) المتنقلة أسهمت بما نسبته 13 في المئة من إجمالي إيرادات خدمات المجموعة خلال الربع الثاني.
أما إذا تم احتساب إيرادات خدمات الرسائل النصية وخدمات القيمة المضافة، فإن خدمات البيانات تكون قد أسهمت بما نسبته 21 في المئة من الإيرادات الإجمالية التي حققتها مجموعة «زين».
وقال جيجنهايمر «إن النمو الذي حققته «زين» في ايرادات خدماتها غير الصوتية كان انعكاسا لاستثمارها الفعال في شبكات البرودباند، ولا سيما في مجال البنية التحتية الخاصة بشبكات التطور طويل الأمد (LTE)، وهي الشبكات التي لم تسهم فقط في التدعيم المستقبلي لعملياتها، بل تسمح أيضاً بتقديم خدمات محتوى رقمي بطرق أكثر فاعلية.
وأضاف جيجنهايمر أنه هناك مجالا كبيرا للنمو على صعيد خدمات البيانات، ولا سيما اذا أخذ في الاعتبار أن العراق لم تمنح بعد رخصة الجيل الثالث.
وفي سياق حديثه عن الاستثمارات الأخيرة في مجال الشبكات، أشار جيجنهايمر إلى أن «زين» أطلقت فعلياً شبكات «LTE» في كل من السعودية والكويت والبحرين، بالاضافة إلى خدمات «3G» و«3.5G»، و«3.9G» عالية السرعة في كل الدول التي تعمل فيها باستثناء العراق.
وحتى في العراق، تم تحديث شبكة المجموعة بحيث أنها باتت جاهزة لتقديم خدمات الجيل الثالث، بمجرد أن تحصل على الترخيص والطيف الترددي، وفي وقت سابق من العام الحالي، نجحت «زين» في تأمين إمكانية الحصول على تمويل إضافي بعد توقيعها مع 7 بنوك بقيمة 700 مليون دولار.
ويقول جيجنهايمر إن هذا التسهيل الائتماني يتم استخدامه لأغراض عدة، بما في ذلك الاستثمار في تطوير الشبكات.
وتابع جيجنهايمر «إذا نظرت إلى صافي هامش ديوننا فإنه عند مستوى 0.85 مرة، وهذا معناه أن لدينا معدلات دين معقولة على مستوى المنطقة، وهكذا فإن لدينا مجال لاستيعاب مزيد من الديون، لكن الأمر لم يكن محدداً لشيء بعينه».
وأكد جيجنهايمر أن مجموعة «زين» تنوي ضخ استثمارات كبيرة في شبكاتها، مبيناً أنه لم يكن لديها مطلقاً أي مشكلة عندما يتعلق الأمر بالاستثمار في مجال النفقات الرأسمالية، ويقول «صحيح أن السنوات القليلة الماضية ربما تكون قد شهدت بعض التراجع في الاستثمارات في العراق، وتحديداً خلال العامين 2010 و2011 لكن هذا الحال تغير، ولقد بدأنا في الاستثمار بكثافة خلال الأشهر الثمانية عشرة الماضية، لذا أنا لا أرى أي اشكالية في أي جانب من الجوانب المتعلقة بالإستثمار، فلدينا تدفقات نقدية حرة».
شرائح العملاء
تماشيا مع خطط مجموعة «زين» الرامية إلى زيادة إيراداتها من خدمات البيانات، ستسعى المجموعة أيضاً إلى استكشاف شرائح عملائها بصورة أوسع، بما يسمح لها بتقديم عروض أكثر تخصصاً. وفي ما يتعلق بالاستثمارات في هذه الشريحة، قامت المجموعة بتوقيع اتفاقية تعاون مع شركة «أوراكل» تتعلق بتحليل الأعمال، وشرعت المجموعة في نشر منصات جديدة لهذا الغرض.
ويقول جيجنهايمر «إن الحصول على نظرة متعمقة في شرائح العملاء ومحاولة تحديد الشرائح المختلفة التي نرغب في السعي وراءها، هو واحد من أفضل الأشياء التي يمكن لأي مشغل اتصالات أن يقوم بها».
وهناك جانب آخر أساسي لتمكين تقديم باقات خدمات تستهدف شرائح معينة، ألا وهو جانب خدمات الـ «OSS» و الـ «BSS»، وهذا أيضاً مجال تعكف «زين» على دراسته بعناية، ويقول جيجنهايمر إن المجموعة تسعى حالياً إلى انتهاج سياسة شاملة على مستوى جميع الشركات التابعة لها.
وأضاف «نحن نركز كثيرا على جانب خدمات الـ «BSS» خلال العام الحالي، بالإضافة إلى الفوترة التجميعية واستخبارات الأعمال»، منوهاً إلى أن المجموعة تعكف حالياً على اختيار شركة لتتولى نشر نظام «CRM» جديد، وأنها تتوقع أن تتخذ قراراً في غضون الأشهر القليلة المقبلة.
وتابع أن «زين السعودية» في طريقها إلى التحسن، فبفضل عملية إعادة هيكلة ديونها أخيرا فإن الشركة أصبح يبدو أمامها الآن مجال لتنمو وتتطور، وما حصل هو أنه في شهر يونيو حصلت الشركة على تمديد لمهلة تسديد مبلغ الـ 2.3 مليار دولار المستحق عليها بموجب تسهيل مرابحة، وبموجب ذلك مددت الشركة أجل استحقاق سداد قرض المرابحة لمدة 5 سنوات، وتجديداً إلى 31 يوليو 2018.
أهوال تقلبات صرف العملة
في نتائج مجموعة «زين» عن النصف الأول من العام 2013، كان واضحا أن عملياتها في السودان (زين السودان) أثرت على النتائج الإجمالية للمجموعة، نتيجة لانخفاض سعر صرف العملة السودانية، وفي واقع الأمر فإن التقلبات السلبية في سعر صرف العملة وتحديداً في جمهورية السودان، تسبب في كلفة على الشركة بما يوازي 347 مليون دولار على مستوى الإيرادات، و150 مليون دولار في الـ «EBITDA»، و80 مليون دولار على مستوى صافي الأرباح.
وكان التأثير واضحا على نتائج المجموعة، فلقد بلغت إيرادات المجموعة خلال الربع الثاني 1.1 مليار دولار، وهو ما عكس انخفاضاً بلغت نسبته 9 في المئة مقارنة بالربع الثاني من عام 2012، لكن لو تم استبعاد تأثير تقلبات سعر الصرف، لكانت الإيرادات 1.3 مليار دولار بما يعكس نموا بنسبة 5 في المئة.
لكن لم تكن كل الأخبار الآتية من «زين» السودان تحمل مثل هذه التحديات، فهناك قانون ضرائب اتصالات جديد بدأ تطبيقه في جمهورية السودان في منتصف يونيو 2013 وهو القانون الذي ألغى نسبة الـ30 في المئة المفروضة كضريبة دخل لمدة 3 سنوات. وقد تم تطبيق القانون باثر رجعي ابتداء من 1 يناير 2013.
لكن عند النظر إلى ما هو ابعد من الأمور المتعلقة بتقلبات سعر صرف العملة، يصر جيجينهايمر على أن العملية التابعة للمجموعة في السودان متماسكة وقوية. ويقول «أعمالنا الأساسية في السودان قوية إلى حد معقول، إذ أنها تنمو بمعدل 8 إلى 10 في المئة سنويا على أساس العملة المحلية، إنها شركة ذات أداء جيد».
وبالنسبة إلى شركة زين العراق فإنها تبدو على طريقها أيضا لاستجماع قوتها للانطلاق، فالشركة تستعد لإدراج أسهمها للتداول العام في البورصة العراقية خلال العام 2014، كما أنها أسست بالفعل شركة مساهمة محلية مقرها العراق لتتولى تنفيذ الطرح العام الأولي. ويصف جيجنهايمر شركة زين العراق بأنها «جزء شديد الأهمية في المجموعة»، مضيفا أن الشركة تسهم بما نسبته 40 في المئة من اجمالي ايرادات المجموعة و31 في المئة من اجمالي قاعدة عملائها. ويرى جيجنهايمر أن السوق العراقية سوقا مهمة «نتوقع أن نحقق فيها مزيدا من النمو».
وتنطوي السوق العراقية على امكانات نمو هائلة بالنظر إلى انخفاض معدلات تغلغل خدمات النطاق العريض، بالإضافة إلى الانخفاض النسبي لتغلغل الاتصالات المتنقلة بشكل عام. وقد وسعت «زين» حديثا شبكتها في العراق لتغطي المناطق الكردية في الشمال.
وبما أنه من المقرر أن يتم منح رخص (3G) قريبا، فإن هناك أيضا امكانات كامنة كبرى لتحقيق نمو في مجال خدمات النطاق العريض (البرودباند). وقد استثمرت الشركة أكثر من 4.5 مليار دولار حتى الآن في العراق، ومن المتوقع لإيرادات الطرح العام الأولي المرتقب أن تتجاوز المليار دولار.
تدعيم القدرات التكاملية بين شركات المجموعة
وبالنظر إلى المجموعة ككل، فإن جيجنهايمر حريص على تشجيع التشارك والتكامل بين شركات المجموعة في مجال أفضل الخبرات والقدرات، ولتحقيق هذا تسعى المجموعة إلى عقد منتديات نقاشية حول قضايا مهمة مثل خدمات القيمة المضافة والخدمات التجارية والتمويل، وهي المنتديات التي يستطيع كبار مسؤولي الشركات التابعة للمجموعة أن يتشاركوا ويتبادلوا من خلالها الآراء حول التحديات وأفضل الممارسات الممكنة.
ويقول جيجينهايمر «نحن نحاول ايجاد قدرات تزيد من عناصر التشارك والتكامل بين شركاتنا ونسعى إلى خلق مجالات لتحقيق التميز»، وفي الوقت الذي يحرص فيه جيجنهايمر على المساعدة في نقل الخبرات بين شركات المجموعة، فإنه يعمل أيضا على اضافة بعض المجالات العملية وظيفيا المهمة على مستوى المجموعة.
وأحد تلك المجالات هو خبرة العملاء. ويقول «لن أجلب مجموعة عمل كبيرة لكنني فقط جلبت رئيسا جديدا لإدارة خبرة العملاء»، منوها إلى أن خبرة العملاء تعتبر «أحد أهم الأعمدة الاستراتيجية» بالنسبة لمجموعة «زين».
وأضاف «نحن بصدد البدء في تنفيذ مبادرات رئيسة ستسهم في صياغة الكيفية التي نعمل من خلالها معا داخليا من أجل تحسين خدمة العملاء.»
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}