يعد التحدي الأكبر فى عصرنا الحالي هو الحفاظ على مهارات الأشخاص بالمستوى المطلوب بالتزامن مع وتيرة الأسواق سريعة التغير، ولكن هذا يبدو صعبًا للغاية بسبب الاختلاف بين المهارات التي يتلقاها الطلاب في المدارس والمعاهد تزامنا مع التطور التكنولوجي السريع.
المهارات كعملة
وتؤكد دراسة أجرتها مجموعة "ماكينزي" للاستشارات أن 62 ٪ من المديرين التنفيذيين يعتقدون أنهم سوف يحتاجون إلى إعادة تدريب أو استبدال أكثر من ربع القوى العاملة لديهم من 2018 وحتى عام 2023 بسبب تقدم الرقمنة والميكنة فى ظل عدم وجود قوى عاملة مجهزة ومستعدة للتعامل مع وتيرة التغيير غير المسبوقة في بيئة الأعمال التجارية والتنظيمية.
ولهذا السبب قدم "كيلي بالمر" و"ديفيد بليك" كتابهما "اقتصاد الخبرة: كيف تستغل أذكى الشركات التعلم في تحقيق المشاركة والمنافسة والنجاح؟"، لمحاولة إيجاد حل للمشكلة التي تعترض الكثير من الشركات في مجال الحصول على العمالة المؤهلة لسد احتياجاتها.
وعملياً، تصاب الأعمال بـ"المرض النهائي" المتمثل في فجوة المهارات، وبينما يبحث الكثيرون عن حل لهذا التحدي، فإن الأمر كله يعود إلى "التعلم" باعتباره الترياق لوباء الفجوة في المهارات، وبخاصة ذلك النوع الذي يتم داخل العمل وليس شيئًا منفصلاً عنه، فقد تطورت عملية التعلم من صورتها القديمة كعملية تتم مرة واحدة داخل بيئة موحدة إلى عملية مستمرة تحدث بصورة يومية.
ويعتبر الكتاب المهارات بمثابة "العملة الرسمية" لاقتصاد الخبرة وكيف يمكن للمنظمات أن تتبع نهجا متكاملا ومتواصلا للتعلم، وتوظيف المهارات والخبرات وليس النسب المئوية التي يجنيها الطلاب في الجامعة في الوقت الذي يتغير فيه مستقبل العمل.
ويقدم الكتاب مبادئ توجيهية يمكن أن تساعد في بناء المهارات الضرورية لنجاح المؤسسة، الآن وفي المستقبل:
جعل التعلم ميزة تنافسية: فوجود كوادر مؤهلة داخل الشركة هو الميزة التنافسية الأهم، وعلى سبيل المثال فإن أحد أهم أسباب تفوق "جوجل" كمحرك بحث الكاسح على منافسيها أنها أعطت العاملين فيها دورات تدريبية أكثر بـ70% من "بينج" على سبيل المثال.
احتضان التعلم الشخصي: في بعض الأحيان يرغب العامل في تلقي بعض المعارف غير المتعلقة بعمله بشكل مباشر، وعلى الرغم من أن الشركة قد ترى في ذلك هدرًا للوقت إلا أن الدراسات أثبتت أنه حتى في حالة التعلم غير المتعلق بالعمل فإن إنتاجية العاملين تتحسن، ولو بفعل تحسنت حالتهم النفسية.
مكافحة المحتوى الزائد: أحد أهم أشكال التعلم هو إعطاء العاملين ما يعرف بالمهارات الناعمة، التي تتضمن تجاهل بعض المعلومات التي لا تخص عملهم، وعدم السعي لمعرفة كل شيء عن العمل وازدادت إنتاجية بعض هؤلاء الذين حصلوا على مثل تلك الدورات بنسب تصل إلى 50%.
تحليل مهارات موظفيك من خلال البيانات والمعرفة: في بعض الحالات قد تتحرك الشركة لتقديم برامج تدريبية للجميع، كأن تعطيهم دورات تدريبية على استخدام الكمبيوتر أو بعض تطبيقاته، بينما يحسب بعض هؤلاء الذين لا يحتاجون إلى تلك الدورات واقعيًا عليها أيضًا بما يمثل هدرا للموارد.
وفي تلك الحالة لا يجب حرمان هذا الذي يعرف مهارات الكمبيوتر من التعلم، لأنه يسبق غيره، بل يجب إعطاؤه دورات في نواحٍ أخرى، حتى لا يشعر بتقدم زملائه عليه بينما "يُعاقب" هو بسبب امتلاكه مهارات تفوق غيره.
ويقترن هذا مع ضرورة قيام إدارة الشركة بتحليل الموظفين بشكل فردي وليس جماعي، بأن ترصد نقاط الضعف والقوة التي يعانيها كل عامل أو موظف، مع ضرورة التنبه لنقاط الضعف العامة بالطبع ولكن التحليل على أساس فردي يبقى أهم.
وينتهي الكتاب بفصل بعنوان "المستقبل هنا بالفعل" والذي يشير إلى تقديرات بأن حوالي 50% من الوظائف التي ستوجد بعد أقل من عقدين غير موجودة الآن، بما يعكس أهمية متزايدة للتدريب على حساب التعليم التقليدي.
وفي الختام يحذر الكتاب من أن الكثيرين قد يعلمون بوجود فجوة المهارات في عالم الأعمال، ولكن وجود "فجوة في التواصل" بين الأعمال والمؤسسات التعليمية كما هو حادث الآن سيؤدي لتعاظم تلك الفجوة في المهارات لتصبح مستقبلًا العائق الأول في وجه النمو الاقتصادي.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}