منذ عام بالضبط، كانت أسواق الاقتصادات الناشئة في خضم عمليات بيع حادة ناجمة عن تصاعد التوترات التجارية وارتفاع قيمة الدولار، وجاء الانخفاض الذي شهدته أصول هذه الأسواق خلال أبريل الماضي، ليثير أصداء اضطرابات العام الماضي، بحسب تقرير لـ"ساوث تشاينا مورنينغ بوست".
خلال فترة شهرين، بدءًا من مطلع أبريل 2018، انخفض مؤشر "إم إس سي آي" للأسهم الناشئة -وهو أحد المؤشرات الرئيسية للأسهم في الأسواق الناشئة- بما يزيد قليلًا على 8%، وخلال هذا العام، فقد المؤشر بالفعل 7% منذ منتصف أبريل.
كما تعرضت عملات هذه الأسواق للضغط أيضًا، وانخفض مؤشر "إم إس سي آي" لعملات الأسواق الناشئة بنسبة 2% على مدار الأسابيع الستة الماضية، مقارنة بانخفاض نسبته 7.7% بين أواخر مارس ومنتصف أغسطس 2018.
نفس عوامل الاضطرابات حاضرة
- إن التدهور في المعنويات الذي كان واضحًا في الأسواق الأكثر هشاشة (الأرجنتين وتركيا) التي تحملت العبء الأكبر من العمليات البيعية في العام الماضي، كان بسبب نقاط ضعف أساسية خاصة ونظرًا للاعتماد القوي على التمويل الأجنبي.
- الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للمستثمرين، أن العوامل الكامنة وراء تجدد الضغوط في الأسواق الناشئة هذا العام، هي نفس العوامل التي تسببت في الهزة الشديدة بها في 2018.
- منذ نهاية يناير، ارتفع مؤشر الدولار (الذي يقيس أداءه مقابل سلة من العملات الأجنبية) بنسبة 2.3% ليصل إلى أعلى مستوياته في عامين، مما يجعل من الصعب على الأسواق الناشئة خدمة ديونها المقومة بهذه الورقة الخضراء.
- يضاف إلى ذلك، استئناف الحرب التجارية وتوتر المحادثات بين الولايات المتحدة والصين، بعدما تم الاتفاق على هدنة في أواخر العام الماضي للبحث عن حل وسط، وتسبب تجدد الصراع في محو ما يربو على تريليون دولار من قيمة الأسهم العالمية في يوم واحد.
الفارق بين 2019 و2018
- في مذكرة حديثة قال مصرف "جيه بي مورجان" إن عمليات البيع الحالية في الأسواق الناشئة والتي سبقتها موجة حادة، تثير مقارنات غير مريحة مع الاضطراب الشديد للأسواق في 2018، علمًا بأن العائدات ما زالت تتبع حتى الآن نمطا مشابها للغاية.
- لكن الفارق الكبير هذا العام، هو موقف الاحتياطي الفيدرالي، ففي العام الماضي كان البنك المركزي الأمريكي برئاسة "جيروم باول" يميل نحو التشديد بشكل متزايد، وفي أواخر ديسمبر الماضي، كان لا يزال متمسكًا برفع الفائدة.
- ذهب "باول" إلى حد القول إن تخفيض الميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي تمضي قدمًا وفقًا للخطة، ما تسبب في أكبر خسائر لمؤشر "إس آند بي 500" في شهر ديسمبر منذ عام 1931.
- هذا العام، انتهج الاحتياطي الفيدرالي سياسة الصبر، وعلق توجهه لرفع الفائدة، بسبب التباطؤ العالمي والضعف المتواصل في التضخم، تراهن أسواق السندات على خفض أسعار الفائدة بنهاية هذا العام، وارتفع احتمال حدوث هذا السيناريو إلى 70% منذ تجدد التوترات التجارية.
- ارتفع الدولار رغم تراجع الفيدرالي عن توجهاته، إلا أن الحذر بين البنوك المركزية (في الاقتصادات المتقدمة والنامية على حد سواء) في أعقاب التحول الكبير للسياسة النقدية الأمريكية أدى إلى كبح عائدات السندات، مما أسهم في تخفيف الأوضاع المالية.
الخطر قائم لكن الانهيار مستبعد
- ينبع التهديد الرئيسي للأسواق الناشئة الآن من مراكز المستثمرين، فمنذ بداية هذا العام، ضخ المستثمرون أموالهم بكثافة إلى أسهم الأسواق الناشئة وصناديق السندات، وهذا من شأنه جعل فئات الأصول عرضة للتدفقات الخارجة إذا تدهورت المعنويات.
- خلال الأسابيع القليلة الماضية، تباطأت التدفقات إلى الأسواق الناشئة بشكل حاد، وشهدت صناديق الأسهم تدفقات خارجة، ومع بلوغ التدفقات الداخلة هذا العام ما يقرب من ضعفي مستواها خلال العام الماضي بأكمله، يحذر "جيه بي مورجان" من مزيد من التدفقات الخارجة خلال الأسابيع المقبلة.
- لكن خطر رفع الرسوم الجمركية يزيد من الضغوط على الصين لمواصلة التحفيز الاقتصادي، خاصة بعد البيانات الضعيفة بشأن مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي خلال أبريل، ولعل أحد أسباب التقلبات خلال الأيام الماضية؛ اعتقاد المستثمرين أن بكين وواشنطن ستلجآن إلى إجراءات تحفيز جديدة.
- هذه التوقعات، بالإضافة إلى اعتقاد المستثمرين بأن صراع الرسوم الجمركية سيكون له حد أقصى، حيث لا يزال لدى الجانبين دوافع قوية لتفادي الانزلاق إلى صراع عميق وحرب تجارية شاملة؛ عوامل تقلل من المخاوف.
- كشفت الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام عن مخاطر الشعور بالرضا عن الذات في الأسواق، وغالبًا سيكون مستثمرو الأسواق الناشئة أكثر يقظة، وتخليهم عن الركب مبكرًا سيغدو خطأ كبيرًا، لذا من المستبعد أن يتجدد الانهيار في الأسواق الناشئة على غرار ما حدث العام الماضي.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}