تعد أفريقيا واحدة من أكثر المناطق في العالم التي تعاني من النمو البطيء، فبعد الاستقلال واجهت الدول الأفريقية مهمة ضخمة لإعادة هيكلة اقتصاداتها التي كانت تقوم فقط على صادرات المواد الخام أثناء فترات الحكم الاستبدادي والصراع، ولا تزال الدول الأفريقية في أدنى مستويات التصنيفات العالمية فيما يتعلق بالناتج المحلي الإجمالي للفرد.
ويمثل الاستثمار العام في البنية التحتية والصناعة أولوية بالنسبة لمعظم الحكومات في القارة، وهناك الكثير من المصادر التي تجلب رؤوس أموال لتحقيق هذه الأهداف مثل بيع سندات اليورو التي يرتبط جزء كبير منها بمشروعات البنية التحتية.
- يظهر هذا الاتجاه نحو التصنيع بشكل واضح في نيجيريا التي خصصت هذا العام ميزانية للسكن والأعمال والطاقة أكبر من إجمالي الأموال المُخصصة للتعليم والصحة.
- كما أن الأموال التي خُصصت في كينيا العام الماضي للطاقة والبنية التحتية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات أدت إلى تقليل ميزانية الصحة والأمن القومي وحماية البيئة.
- استوحت الدول الأفريقية اتجاهها الجديد نحو التصنيع من الازدهار الكبير الذي شهدته أوروبا وأمريكا الشمالية خلال الموجة الأولى للتصنيع.
- كما استوحتها أيضًا من التجربة الحديثة للدول الآسيوية التي انتشلت الملايين من الفقر بفضل الصناعات الخفيفة والثقيلة.
- يمكن قراءة الوضع الحالي بطريقة واقعية من خلال مقارنة بسيطة، ففي فترة الستينيات كان الوضع في أفريقيا مماثلا للوضع في الدول الآسيوية.
- فعند استقلال غانا عام 1957 كان الناتج المحلي الإجمالي للفرد بها مماثلا لما لدى كوريا الجنوبية، وكان يبلغ حينها نحو 490 دولارًا.
- بحلول عام 1990 أصبح الناتج المحلي الإجمالي للفرد في كوريا الجنوبية عشرة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للفرد في غانا، لذلك تتطلع العديد من الدول الأفريقية لتقليد تجربة نظرائها من الدول الآسيوية.
دروس يمكن تعلمها من كوريا الجنوبية
عكس الاجتماع السنوي الأخير للبنك الأفريقي للتنمية "إيه إف دي بي" في مدينة بوسان العاصمة الاقتصادية لكوريا الجنوبية موافقة واضحة للنموذج الذي تطبقه كوريا الجنوبية، والرغبة في التعلم من الدولة التي تأتي في المركز الحادي عشر كأكبر اقتصاد في العالم.
- أشار رئيس بنك "إيه إف دي بي" إكينومي أديسينا إلى أن التطور الملحوظ في كوريا يرجع إلى اعتماد كوريا على الصناعات الثقيلة واستثماراتها الضخمة في البنية التحتية.
- يتضمن ذلك الموانئ والسكك الحديدية خلال الثمانينيات، ثم اتباع سياسات للتحول إلى الصناعات الخفيفية.
- بحلول أوائل التسعينيات تحولت إلى صناعة عالية القيمة، مؤكدًا أن أفريقيا يجب أن تتعلم من كوريا الجنوبية.
- مع اتجاه جميع الاقتصادات الآسيوية الكبرى نحو السلع والخدمات عالية القيمة، يرى كثيرون أن أفريقيا لديها فرصة ذهبية لتصبح المركز القادم للصناعات الخفيفة.
- نجحت إثيوبيا التي تصدرت قائمة أسرع الاقتصادات نموًا لعام 2017، في تكرار هذا النموذج من خلال إنشاء مدن صناعية للنسيج الموجه نحو التصدير.
- يتم إنشاء مدن صناعية في جميع أنحاء الدول الأفريقية الآن.
اقتصاد المستقبل
- في حين حققت إثيوبيا نجاحًا كبيرًا إلا أن ذلك لا ينعكس على نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، والذي تأتي نسبة كبيرة منه من شركات القطاع العام.
- يتضمن ذلك "الخطوط الجوية الإثيوبية" و"الإثيو تليكوم" أكثر من الصناعات الموجهة نحو التصدير.
- يجب أن تسأل حكومات الدول الأفريقية نفسها بما في ذلك إثيوبيا ما إذا كان تصدير السلع الخفيفة مناسبًا للاقتصاد العالمي الآن.
- يختلف السوق في الوقت الحاضر يختلف اختلافًا كبيرًا عن السوق الذي عملت فيه كوريا في أواخر القرن العشرين.
- أشار رئيس البنك الدولي " جيم يونج كيم" خلال مؤتمر "إيه إف دي بي" إلى أن رغبة أفريقيا في تكرار نموذج كوريا الجنوبية تستند إلى مجموعة من الافتراضات التي قد لا تكون صحيحة.
- ستتجه الشركات الكبيرة نحو أفريقيا الآن بحثًا عن العمالة الرخيصة لتصنيع السلع، في حين أن السوق الآسيوي قد تحول إلى السلع عالية القيمة.
- مع ظهور التكنولوجيا وبشكل أخص الروبوتات فإن آسيا قد تستخدم التكنولوجيا في تصنيع السلع الخفيفة، ولن تكون هناك حاجة للأيدي العاملة، وبالتالي لن تتمكن أفريقيا من المنافسة.
- استطرد "كيم" قائلاً إن هناك دلائل كثيرة تشير إلى أن الاتجاه الذي اتخذته كوريا الجنوبية يصعب تطبيقه في أفريقيا، وإن التكنولوجيا ستغير مسارات التنمية الاقتصادية المتاحة بشكل أساسي.
الاستثمار في الأشخاص وليس في الأشياء
- نفى "كيم" أن يكون تطور كوريا الجنوبية قد تحقق بفضل التصنيع وحده، وأشار إلى أن الاستثمار في البشر من خلال الاستثمار في التعليم والصحة كان العنصر الأكثر أهمية في عملية التنمية.
- اقترح أن تستثمر أفريقيا في الأشخاص للتكيف مع متطلبات السوق الحالية، بدلاً من الاستثمار في الصناعة والبنية التحتية بغرض تصنيع سلع تنافس عالميًا.
- أشار "كيم" إلى أن تعزيز البنية التحتية والصناعة أمر جيد، إلا أنه يجب أن يُترك للقطاع الخاص.
- يستهدف ذلك تقليص التفاوتات الهائلة في نسبة الأموال المُخصصة للتعليم والصحة وتلك المُخصصة للبنية التحتية والصناعة في ميزانيات الحكومات الأفريقية.
- خلصت دراسة أجراها البنك الدولي أن هناك علاقة وثيقة بين تقديم تعليم ورعاية صحية أفضل وبين النمو الاقتصادي.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}