قد تكون في الحروب منفعة للبعض مثل مستثمري ومصدري النفط الذين يستفيدون من قفزات الأسعار بمجرد تداول الأخبار والشائعات حول الصراعات، غير أن الحرب التجارية مختلفة، لأنها عادة تدفع قطاعات كبيرة من الاقتصاد إلى التخبط، بحسب تقرير لـ" بلومبرج".
في حين يبدو أن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" قد انسحب من المواجهة المباشرة مع الاتحاد الأوروبي، فإن تأثير التعريفات الحالية التي تستهدف الصين بشكل رئيسي بدأت تلقى صداها لدى مصنعي السيارات والمزارعين الأمريكيين.
عانى سوق النفط من اضطرابات محدودة مؤخرًا بسبب هذه التحركات، لكنه حافظ على تماسكه رغم العوامل الهبوطية الأخرى مثل ارتفاع الإنتاج السعودي والحديث عن استهلاك بعض مخزونات الخام الاستراتيجية في الولايات المتحدة، لكنه كان بمنأى عن الهبوط الحاد الذي منيت به سلع مثل النحاس والألومنيوم.
خُمس صادرات الخام الأمريكية في خطر
- التصعيد يمكن أن يغير كل شيء، لأن الصراع التجاري اشتعل على يد البلد الذي يفترض أنه يرعى نظام التجارة الحرة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
- ينبع تهديد الصين بفرض رسوم جمركية على بعض صادرات الطاقة الأمريكية إليها، من ثلاثة أمور؛ أولها اتساع نطاق الصادرات الصينية المستهدفة من قبل واشنطن، وثانيًا محدودية السلع التي يمكن لبكين استهدافها في هذا الصراع، وثالثًا الرغبة في النيل بشكل رمزي من وعد "ترامب" الانتخابي المسمى بـ"هيمنة الطاقة".
- استحوذت الصين على 20% من صادرات الولايات المتحدة من الخام خلال الأشهر الاثني عشر المنتهية في أبريل/ نيسان، وكانت أكبر سوق لها هذا العام، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، ومع ذلك يعتقد البعض أن فرض بكين تعريفات على وارداتها من النفط الأمريكية ستكون بلا أي أثر.
- صحيح أن الصين ستشتري كميات أقل من النفط الأمريكي لكنها ستضطر إلى شراء كميات إضافية من أماكن أخرى، وهذا من شأنه دفع دولًا أخرى إلى شراء الخام المتوافر لدى الولايات المتحدة.
- لكن الأمر ليس بهذه السهولة، لأن بعض النفط أثقل ومليء بالشوائب أكثر من غيره، ومصافي النفط تميل إلى أن تكون لها أذواق معينة، وكما قال الخبير في اقتصاديات الطاقة "فيليب فليجر"، فإن التعريفة الصينية ستعمل كضريبة على صادرات النفط الأمريكية، والتي سينبغي تسعيرها عند مستوى أقل كي تصل إلى بكين أو للبحث عن مشترين جدد.
الجميع في خطر
- ربما يجد المنتجون من يشتري النفط الخفيف المستخرج من الأحواض الصخرية الأمريكية، وقد تستورد المصافي الأوروبية مزيدًا من الخام من الولايات المتحدة مع إعادة فرض واشنطن للعقوبات الاقتصادية على إيران.
- تقول المحللة لدى وكالة الطاقة الدولية "كريستين بيتروسيان"، إن مصافي التكرير التي تم تصميمها لاستهلاك درجات أخرى من الخام ستقوم بمعالجة النفط الأخف إذا وجدت الأمر مجديًا من الناحية الاقتصادية.
- استثمرت هذه المصافي (مثل تلك التي تقع على خليج المكسيك) بكثافة في الماضي من أجل الاعتماد على النفط الأثقل والأرخص من الشرق الأوسط وفنزويلا، وبما أن الأمر يخضع لمسألة السعر، فمن المستبعد أن تدفع شركات التكرير المزيد من الأموال لتعويض الضريبة التي ستشكلها التعريفات الصينية.
- على أي حال، توجيه الضربات لصناعة النفط الأمريكية لن يغير من حقيقة أن اقتصاد الصين الذي يعتمد بقوة على التصدير، قام على أسس نظام التجارة الحرة التي رسختها الولايات المتحدة والذي يتم تقويضه الآن أيضًا من قبل أمريكا، وهذا يمثل تهديدًا أوسع لمنتجي النفط في كل مكان وليس فقط في تكساس.
الضغوط السعرية ستتزايد
- تمثل الصين نحو 30% من النمو العالمي المتوقع في الطلب على النفط خلال العامين الجاري والمقبل، وهناك بعض الأسباب التي تدعو إلى القلق بالفعل، مثل الارتفاع الواضح (27% خلال النصف الأول من 2018) في صادرات البلاد من الديزل، وهو وقود يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالنشاط الصناعي والشحن.
- إن وقوع حرب تجارية واسعة النطاق يشكل تهديدًا بالنسبة للصين، حيث يمثل خطرًا على طلب البلاد على الديزل في الوقت الذي يتعرض فيه نمو الطلب على البنزين لضغوط سعرية في جميع أنحاء العالم بما في ذلك الولايات المتحدة.
- في الوقت الراهن، هناك أمل على الأقل في إمكانية تجنب حرب تجارية موسعة مع أوروبا، ولكن لفترة مؤقتة وذلك يأتي تزامنًا مع مواصلة إدارة "ترامب" السعي تجاه ممارسات غير عادلة تؤجج الكراهية والميل إلى التحركات المفاجئة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}