تمكنت البنوك المركزية في الأسواق الناشئة من زيادة احتياطياتها من النقد الأجنبي إلى حوالي ستة تريليونات دولار، وذلك في ظل صراعها لاحتواء انخفاضات عملاتها المحلية.
وجمعت دول العالم النامي احتياطيات من النقد الأجنبي مستفيدة من إقبال المستثمرين على أصول الأسواق الناشئة ذات العوائد المرتفعة بالتزامن مع التفاؤل حيال نمو الاقتصاد العالمي.
ووفقا لبيانات معهد التمويل الدولي، أضافت البنوك المركزية في الأسواق الناشئة 114 مليار دولار إلى احتياطياتها خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2018، وهي أسرع وتيرة زيادة منذ 2014، ومع ذلك، يرى تقرير نشرته "وول ستريت جورنال" أن هذه الاقتصادات تعاني من انخفاض عملاتها المحلية، فما السبب؟
تحديات متزايدة
- بدأت احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنوك المركزية في الأسواق الناشئة تتراجع بفعل مواجهتها عددا من التحديات لعل أبرزها قوة الدولار الأمريكي وتصاعد التوترات التجارية التي أضرت بأسواق العملات والأسهم والسندات.
- استهلكت البنوك المركزية في الاقتصادات الناشئة ما يقرب من 57 مليار دولار من احتياطياتها من النقد الأجنبي في يونيو/حزيران، وهو ما اعتبر أكبر تدخل شهري منذ أواخر 2016.
- تعد احتياطيات النقد الأجنبي مجرد أداة واحدة من بين أدوات أخرى لدى البنوك المركزية للتأثير في أسعار الصرف، ويقول محللون إنها لا تعد الأكثر فاعلية دائما، ويمكن للبنوك المركزية تعديل الفائدة على الإقراض والتحكم في تدفق الأموال عبر الأنظمة المالية لها وفرض قيود تحول دون تخارج رؤوس الأموال من البلاد.
- رغم التراجع، إلا أن وتيرة زيادة احتياطيات النقد الأجنبي في الاقتصادات النامية لا تزال قرب أعلى مستوياتها منذ عام 2015، وهو ما يشير إلى تحسن وضعيات الأسواق الناشئة للتعامل مع التقلبات المصاحبة لارتفاع الدولار منذ منتصف أبريل/نيسان.
- في الماضي، كانت الاقتصادات الناشئة تعاني من ضعف حيازتها من احتياطيات النقد الأجنبي، وتسبب ذلك في مشكلة تتعلق بخدمة ديونها المقومة بالدولار واحتواء التضخم المصاحب لضعف عملاتها المحلية.
- تراجع مؤشر "MSCI" الذي يقيس أداء سلة من عملات الأسواق الناشئة بنسبة 3% هذا العام مضغوطا بارتفاع الدولار وزيادة الفائدة في أمريكا والنزاعات التجارية.
- لا تزال عملات الأرجنتين وتركيا والصين هي الأكثر تضررا بين عملات الأسواق الناشئة مما اضطر البنوك المركزية في هذه الدول للتدخل في أسعار الصرف.
الصين
- تعرض اليوان لأحد أسوأ الانخفاضات أمام الدولار الأمريكي في يونيو/حزيران الماضي مما يزيد الضغط على البنك المركزي في بكين لإحياء إجراءات تدخل في سعر الصرف اتخذها لدعم العملة خلال عامي 2015 و2016.
- تعهد البنك المركزي الصيني مؤخرا بالعمل على استقرار سعر صرف اليوان، واشترى أحد البنوك المملوكة للدولة العملة المحلية لدعمها أمام الدولار.
- أسهمت هذه الخطوة في استقرار اليوان نوعا ما أمام الدولار بعد خسائر مقابل العملة الأمريكية بنسبة 3.2% في يونيو/حزيران.
- لعبت احتياطيات النقد الأجنبي التي تملكها الصين دورا رئيسيا في احتواء هبوط اليوان بعد خفض البنك المركزي قيمة العملة المحلية عام 2015.
- فقدت بكين حوالي تريليون دولار من احتياطياتها النقدية في الوقت الذي كانت تشدد فيه القيود على حركة رأس المال للحيلولة دون تخارج هذه الأموال من البلاد.
- في الوقت الحالي، لا يبدو أن الصين تلجأ لاحتياطي البنك المركزي للتدخل في سعر صرف اليوان حيث أظهرت بيانات حديثة أن احتياطيات النقد الأجنبي في بكين قد ارتفعت إلى 3.11 تريليون دولار في يونيو/حزيران في إشارة إلى عدم تدخل البنك لدعم اليوان.
- يوجد لدى الصين احتياطيات من النقد الأجنبي بأكثر مما تملكه أي دولة أخرى حول العالم، ولا تستخدم منها الكثير ليتساءل أحد المحللين في معهد "بيترسون" للاقتصادات الدولية: "ماذا يريد الصينيون؟"
تدخل من أجل الاستقرار
- على الجانب الآخر، تستغل بنوك مركزية في اقتصادات ناشئة أخرى ما لديها من احتياطيات نقد أجنبي لدعم استقرار الأسواق، فالبرازيل، على سبيل المثال، أنفقت حوالي 44 مليار دولار نتيجة تدخلها في سعر صرف عملتها "الريال" أمام الدولار هذا العام، في حين أنفقت الهند 17 مليار دولار لنفس السبب.
- أكد محللون أن مثل هذه التدخلات من جانب البنوك المركزية لدعم عملاتها المحلية تعد قصيرة الأجل حيث إنها تلجأ لبيع الدولار مقابل عملاتها لدفع الأخيرة نحو الارتفاع، ولكن الأمر يعتمد على مدى حيازتها من دولار.
- هبط الريال البرازيلي بحوالي 14% أمام الدولار خلال العام الجاري، بينما تراجعت الروبية الهندية بنسبة 7.1%.
- في الأرجنتين، لم يكن التدخل فقط بهدف دعم البيزو في مواجهة الدولار فقط، بل إن الدولة اللاتينية استغلت احتياطياتها لتغطية تكاليف مثل سداد الديون ودفع فاتورة الاستيراد.
- خسرت الأرجنتين أكثر من عشرة مليارات دولار من احتياطياتها في أبريل/نيسان ومايو/أيار في محاولات – غير ناجحة – لوقف هبوط البيزو الأمر الذي دفع البلاد للجوء إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 50 مليار دولار تمت الموافقة عليه بالفعل.
- تعافى البيزو الأرجنتيني إلى حد ما حيث ارتفع بحوالي 4% هذا الشهر أمام الدولار لكن خسائره بلغت 34% هذا العام.
- يرى خبراء أن استنزاف البنوك المركزية في الاقتصادات الناشئة لاحتياطياتها سيعتمد جزئيا على مسار الدولار الأمريكي، الذي ارتفع بنسبة 5% أمام سلة من العملات الرئيسية في الربع الثاني، وهي أول مكاسب فصلية في أكثر من عام.
- أشار محللون إلى أن التوترات التجارية وتباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي يمكن أن يتسببا في كبح صعود الدولار مقابل العملات الرئيسية.
- أفاد معهد التمويل الدولي بأن مسار الدولار سيعتمد أيضا على مدى رؤية البنوك المركزية في الأسواق الناشئة ما إذا كان صعود العملة الأمريكية مؤقتا من عدمه واتخاذ القرار بالتدخل في أسعار الصرف أم لا، وذلك لتحقيق الهدف من تكديس الاحتياطيات – ألا وهو تحقيق الاستقرار في النظام المالي.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}