نبض أرقام
11:10 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/22
2024/11/21

لماذا تتهافت تركيا وروسيا على الذهب؟ وهل هي مقدمة لتحول عالمي مرتقب؟

2018/07/02 أرقام

منذ ديسمبر/ كانون الأول 2017، قلّصت روسيا حيازتها من ديون الولايات المتحدة بأكثر من النصف، وبدأت زيادة احتياطياتها الدولية من الذهب، ورغم أن هذا السلوك قد يكون مفهومًا بالنسبة لبلد عليه التعامل مع سياسة العقوبات الأمريكية التي لا يمكن التنبؤ بها، فهو أيضًا جزء من توجه رئيسي للبلاد.

 

بالنسبة للحكومات الأجنبية والمنظمات الدولية، فحصتها من الديون الأمريكية متناقصة باستمرار منذ فترة، وبدلًا من ذلك عمدت بعض الاقتصادات في السنوات الأخيرة إلى رفع حيازاتها من الذهب، بحسب تقرير لـ"بلومبرج".

 

هل تهتم أمريكا بهذه التغيرات؟

 

- إن خفض روسيا لحيازاتها من سندات الخزانة الأمريكية إلى 48.7 مليار دولار في أبريل/ نيسان 2018 من 102.2 مليار دولار في ديسمبر/ كانون الأول 2017 لم يكن أمرًا مثيرًا، خاصة أنها تبدو "حصة صغيرة جدا" مقارنة بما في حوزة الصين واليابان والبرازيل وبعض الدول الأوروبية.

 

 

- لا يمكن للولايات المتحدة حتى أن تلتفت بعين الاهتمام إلى تغيرات بقيمة عشرات المليارات من الدولارات في حيازات ديونها البالغة حوالي 21.2 تريليون دولار.

 

- في غضون ذلك قد تشعر الولايات المتحدة بالرضا والأمان وهي تراقب ارتفاع إجمالي حيازات الأجانب لديونها بشكل مطلق، تزامنًا مع انخفاض نسبة الدولار من احتياطيات النقد الأجنبي الرسمية ببطء.

 

- شكلت العملة الأمريكية 62.7% من هذه الاحتياطيات خلال الربع الأخير من عام 2017، انخفاضًا من 64.59% عام 2014، لكن من الملاحظ أيضًا أن حصة ثاني أكبر عملة احتياط في العالم وهي اليورو انخفضت إلى 20.15% من 21.57%، ما يعكس تحولًا رئيسيًا عالميًا.

 

- ومع ذلك، لدى الولايات المتحدة بعض الأمور التي تدعو للقلق عندما يتعلق الأمر بهيمنتها على الاحتياطيات الدولية الرسمية للدول الأخرى، فالحكومات والبنوك المركزية أقل اهتمامًا بالديون الأمريكية هائلة الحجم.

 

اكتناز كبير للذهب

 

- هناك الكثير من الديون الأمريكية المتاحة للشراء، لكن البلدان ليست حريصة على زيادة حصتها ضمن احتياطياتها الدولية، حيث انخفضت حصة سندات الخزينة إلى 25.4% حاليًا من 28.1%، في حين استقرت حصة الذهب عند 11% خلال نفس الفترة.

 

 

- يرجع ذلك جزئيًا إلى إقبال عدد من الأنظمة الجامحة عن الإجماع العالمي لاكتناز الذهب، وعلى خطى روسيا، تتصرف بلدان أخرى بنفس الطريقة، منها روسيا البيضاء وكازاخستان ومؤخرًا تركيا، حيث يخشى الرئيس "رجب طيب أردوغان" سعي الغرب لمعاقبة بلاده.

 

- تمثل روسيا وكازاخستان وتركيا 50% من صافي مشتريات الذهب التي قامت بها البنوك المركزية خلال السنوات الخمس الأخيرة، لكن الاقتصادات الأوروبية الكبيرة التي حافظت على احتياطياتها الدولية من المعدن النفيس منذ فترة طويلة، دأبت على استثمار حصص ثابتة من الأموال في الأصول المقومة بالدولار.

 

- تتشكل 55% من الاحتياطيات الدولية لمنطقة اليورو، بما في ذلك البنك المركزي الأوروبي، من الذهب منذ عام 2008، وعلى الصعيد العالمي انخفض إجمالي الطلب على المعدن النفيس بنسبة 7% خلال الربع الأول من 2018، بسبب تراجع الطلب على الاستثمارات الخاصة.

 

- لكن البنوك المركزية (لا سيما تلك المحبة للذهب والتابعة للبلدان السابق الإشارة إليها) اشترت 116.5 طن من الذهب خلال الثلاثة أشهر الأولى من 2018، وهي أكبر وتيرة زيادة يشهدها الربع الأول منذ عام 2014، والتي تشكل أيضًا نموًا نسبته 42% على أساس سنوي.

 

القطعة الأولى من أحجار الدومينو

 

- بالنسبة لتركيا وروسيا، يبدو أن قرار تخفيض حيازاتهما من العملات الغربية استراتيجي، ويشار هنا إلى أن أنقرة مضت على نهج موسكو تزامنًا من تحولها للذهب، حيث خفضت حيازتها من الديون الأمريكية بنسبة 38% إلى 38.2 مليار دولار منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2017.

 

- السبب في عدم اتباع المزيد من البلدان لهذا النهج رغم المخاوف من سياسات الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" وحروبه التجارية وخطابه الانعزالي، والدولار الضعيف نسبيًا، هو أن أداء الذهب نفسه كان أسوأ من العملة الأمريكية.

 

 

- بات قادة البنوك المركزية في معظم بلدان العالم يتصرفون على نحو متزايد مثل مستثمري القطاع الخاص، حيث يبحثون عن عائدات أكبر، وهذا يعني أن التحركات المدفوعة بالتغيرات الآيديولوجية أو الجيوسياسية نحو الذهب ليست في حسبانهم، وهي خطوات كانت لتدعم أسعار المعدن.

 

- أصبحت البنوك المركزية أكثر تركيزًا على الأصول غير الدولارية، وارتفعت حصص جميع عملات الاحتياطيات الدولية باستثناء الدولار ولو بشكل طفيف منذ فاز "ترامب" في الانتخابات الرئاسية.

 

- هذا التحول يبدو خجولًا للغاية، لكن لا ينبغي أن يخدع صناع السياسة في أمريكا، فهيمنة الولايات المتحدة على الاحتياطيات الدولية لمدة قرن من الزمان بفضل الدولار ليس إلا فترة وجيزة نسبيًا عند النظر إلى التاريخ، وقد سبقه الإسترليني في ذلك، ومن قبلهما الفرنك الفرنسي.

 

- ليس من المعقول استمرار العالم في شراء الديون الأمريكية بنفس المستويات بغض النظر عن السياسات الأمريكية والتصورات المتغيرة للقوة السياسية والاقتصادية، وفي النهاية قد تكون الرحلة الروسية والتركية إلى عالم الذهب مقدمة لتحولات عالمية أكبر.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.