عندما انهارت أسعار النفط عام 2014 تحت وطأة طفرة الأعمال الصخرية في الولايات المتحدة؛ أدى ذلك إلى ترسيخ معتقد جديد فحواه أن أسعار الخام ستظل منخفضة لفترة أطول بشكل غير معتاد.
وبحسب تقرير لـ"فايننشال تايمز"، كان ينظر إلى المصدر الجديد لإمدادات الخام الكبيرة، على أن بإمكانه تلبية الطلب العالمي المتزايد وحده تقريبًا؛ ما يعني أنه لا حاجة لزيادة إنتاج بلدان "أوبك" مرة أخرى.
ومن هنا، ظهر مفهوم النطاق السعري الصخري، الذي يُراوِح بين 40 و55 دولارًا للبرميل، ويعكس المدى الذي يمكن من خلاله لأغلب منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة تحقيق الأرباح دون خطر الإفراط في النمو، بما يؤدي إلى إغراق الأسواق مرة أخرى. وعلى مدار ثلاث سنوات تقريبًا ظلت تداولات أسعار النفط في هذا النطاق.
2018 عام النهاية
- في عام 2018، بدأت هذه الأسطورة تتداعى، وهي الآن في طور الانهيار مع ارتفاع سعر خام "برنت" القياسي مؤخرًا إلى 80 دولارًا للبرميل -لكنه حاليًّا يُتداول دون ذلك المستوى- للمرة الأولى منذ عام 2014.
- يتداول حاليًّا منحنى الأسعار المستقبلية للعقود الآجلة بأكمله لخام "برنت" فوق 60 دولارًا، بما في ذلك عقود التسليم حتى ديسمبر/كانون الأول عام 2024. وهذا التطور هو علامة رئيسية هامة للغاية بالنسبة للسوق تؤكد نهاية أسطورة "أسعار أقل لفترة أطول".
- الحقيقة هي أن القطاع الصخري لم يستطع تلبية نمو الطلب العالمي على النفط، الذي بلغ متوسطه 1.7 مليون برميل يوميًّا منذ عام 2014، ضِعف مستواه بداية هذا العقد. ونتيجة ذلك انخفضت المخزونات وتلاشت التخمة.
- انخفاض المخزون جاء مدفوعًا بنمو الطلب بقوة، بجانب اتفاق "أوبك" وروسيا على تقليص الإنتاج بداية من يناير/ كانون الثاني، الذي تزامن معه هبوط حاد في إنتاج فنزويلا وأنجولا ومنتجين آخرين.
قائدان رئيسيان للسوق
- إن عجز العرض الذي لا مفر منه مثير للقلق، خاصةً في ظل وجود قدرة إنتاجية احتياطية محدودة للغاية على مستوى العالم، رغم أن النفط الصخري أصبح جزءًا من مزيج التوريد اللازم لتلبية نمو الطلب.
- هناك موضوعان رئيسيان يؤثران الآن على تفكير المستثمرين، ويقودان الاهتمام الجديد بالدخول في مشروعات الطاقة.
- أولاً- بدأت بيانات الإمدادات أخيرًا تعكس الآثار السيئة الناجمة عن قلة الاستثمار بسبب انهيار الإنفاق الرأسمالي منذ عام 2015. وتظهر البيانات الآن معدلات انخفاض متسارعة في إمدادات موردين مهمين مثل البرازيل والنرويج وأنجولا.
- ثانيًا- رغم قوة الطلب على مدار العامين الماضيين، اتجهت الأنظار إلى التحذير من هيمنة السيارات الكهربائية، لكن مع أن هذه المركبات ستغير مسار الطلب العالمي على النفط، فإن ذلك لن يحدث سريعًا.
- التغير المرتقب للسيارات الكهربائية الذي يتوقع أن يحدث على المدى الطويل، دون أي تأثير في الكتلة الحرجة للطلب خلال المدى المتوسط (السنوات الخمس المقبلة)؛ يكفي لمعادلة النقص المتوقع في الإمدادات نتيجة ضعف الاستثمارات.
- عملية إطلاق سيارة "تسلا موديل 3" المضطربة، من العوامل الهامة في تحول المشاعر إزاء قطاع المركبات الكهربائية. ورغم أن "تسلا" ليست الوحيدة في هذا المجال، فإن الصعوبات التي تواجهها أضعفت ثقة المستثمرين.
- لذا على الرغم من أن التوقعات تشير إلى تباطؤ نمو الطلب على النفط، فإن الاستهلاك سيظل قويًّا بما فيه الكفاية؛ حيث إن السوق سيحتاج إلى إمدادات جديدة لمواجهة الاستهلاك المتزايد.
ضغوط صعودية إضافية
- سيواجه سوق النفط ضغوطًا أكبر قبل تغيير مواصفات الوقود البحري في عام 2020، الذي من المتوقع أن يعزز الطلب على الديزل وزيت الوقود المنخفض الكبريت بنسبة تُراوِح بين مليوني برميل و3 ملايين برميل يوميًّا.
- نتيجة لذلك، من المتوقع أن ترتفع أسعار النفط إلى 100 دولار (وربما أكثر) للبرميل. وبذلك يكون النطاق السعري الصخري قد انتهى، وسيدرك السوق أن النفط الصخري وحده لا يمكنه تلبية نمو الطلب المتزايد.
- سيدرك السوق أيضًا أنه ينبغي ارتفاع الأسعار لإعادة تحفيز الاستثمارات الطويلة الأمد، ومع ارتفاع أسعار عقود التسليم المستقلبية، سيسهم ذلك في إحداث التوازن المطلوب لتشجيع الاستثمار.
- بمجرد استقرار العقود المستقبلية حول مستواها الجديد، ستبدأ العقود القريبة الأجل في الارتفاع بما يتماشى مع الطلب الموسمي هذا الصيف. وفي ظل تزايد المخاطر الجيوسياسية والاضطرابات، ربما تتجاوز الأسعار 100 دولار للبرميل قبل الموعد.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}