عندما تكون أسعار النفط مرتفعة للغاية، يبدأ المستهلكون بالقلق ويقل طلبهم. أما حينما تهبط إلى مستويات متدنية كثيرًا فالمنتجون هم من يعانون الويلات؛ حيث تضطر الشركات إلى تقليص عملياتها، وتسريح الآلاف من العاملين، لكن تحديد السعر الأمثل للنفط الذي يوازن بين طرفي هذه المعادلة لا يزال معضلة يجتهد المحللون في حسمها.
وبحسب تقرير لـ"سي إن إن موني"، تتباين الآراء حول المستوى الأمثل لسعر النفط في الوقت الحالي، لكن بعض المحللين والخبراء الاستراتيجيين يقولون إنه ربما يُراوِح بين 60 دولارًا و70 دولارًا للبرميل.
قالت كبيرة الاستراتيجيين لدى "إيساي إنرجي" لأبحاث الطاقة "سارة إيمرسون": "إذا كنت تسأل عن السعر المرتفع بقدر كافٍ للحفاظ على الإمدادات، والمنخفض في ذات الوقت بما يضمن استمرار الطلب ويحافظ على توازن السوق العالمي بوتيرة مستدامة؛ فمن المرجح أنه قرب نطاق 65 دولارًا للبرميل".
وترى "سارة" أن السعر المثالي للنفط يختلف بين وجهات نظر المنتج والمستهلك والمنظم. ومع ذلك يعتقد بعض المحللين أن السوق العالمي قادر على تحقيق توازن دقيق وفعال يصب في صالح الكثيرين.
وأشار محللو الطاقة لدى "إرنست آند يونج" في مذكرة الشهر الماضي، إلى أن أسواق النفط خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2018، تحولت إلى "توازن مستدام"، وخلال تلك الفترة تحركت الأسعار في نطاق يُراوح بين 59 دولارًا و71 دولارًا للبرميل.
لكن في الآونة الأخيرة، تغيرت الأمور تغيرًا ملحوظًا، ومنذ أوائل أبريل/نيسان، ارتفعت أسعار الخام الأمريكي 15% تقريبًا لتبلغ 72 دولارًا للبرميل، فيما زاد خام "برنت" 20% ليُتداوَل قرب 80 دولارًا.
كان الارتفاع الأخير في الأسعار مدفوعًا بقرار الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، وإعادة فرض العقوبات عليها؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى خفض إمدادات النفط في السوق العالمي. يضاف إلى ذلك تدهور الأوضاع الاقتصادية في فنزويلا التي تعد أحد المنتجين الرئيسيين.
وقال مصرف "يو بي إس" الشهر الماضي إن الأحداث السياسية الأخيرة ساعدت على دفع أسعار النفط الخام أعلى من النطاق الذي يُنظَر إليه باعتباره "مستوى طبيعيًّا" أسرع مما توقع المحللون.
وقبل أيام، أعربت الهند (ثالث مشترٍ للنفط في العالم) عن قلقها بشأن تأثير ارتفاع الأسعار على المستهلكين والاقتصاد؛ ما يثير شكوكًا حول استقرار السوق؛ فهذه الأسعار المرتفعة يمكن أن تقيد النمو العالمي، وتشعر الأفراد والشركات بأنهم مجبرون على خفض إنفاقهم.
وفي نهاية المطاف، سيؤدي تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي إلى تراجع الطلب على النفط؛ ما يعني خسارة للمنتجين، لكن أيضًا أي تحرك من قبل بعض المنتجين، مثل السعودية، لكبح أسعار الخام؛ لن يلقى ترحيبًا من منتجي النفط المرتفع التكلفة، مثل أولئك الذين يعملون في كندا.
يعد استخراج الخام من الرمال النفطية في كندا من العمليات المكلفة للغاية؛ لذلك يحتاج هؤلاء المنتجون إلى أسعار مرتفعة بشكل خاص لتحفيز الإنتاج، وحتى بعض منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة يحتاجون إلى سعر مرتفع ليضمنوا أرباحًا كبيرة.
وفقًا لـ"سارة إيمرسون"، فإن هناك اعتقادًا سائدًا الآن بأن استهلاك الطاقة يجب أن يتحرك نحو الوقود المتجدد والوسائل التكنولوجية البديلة؛ للتخفيف من أثر التغير المناخي وتلوث الهواء، وهو ما تراه هدفًا سهل التحقيق مع ارتفاع أسعار النفط.
من جانبه، قال كبير محللي أسواق السلع في "بي إن بي باربيا" "هاري تشلونجوريان"، إن بلوغ سعر يحفز الاستثمار النفطي دون أن تكون له آثار ضارة على الاستهلاك والنمو الاقتصادي؛ ليس سهلًا، وقد لا يتبع بالضرورة عملية منظمة في بلوغه.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}