يتقلص عدد سكان اليابان مع مرور السنوات حيث لأول مرة منذ أن بدأت الحكومة تسجيل بيانات المواليد منذ أكثر من قرن مضى كان هناك أقل من مليون حالة ولادة في العام الماضي كما انخفض عدد سكان البلاد بأكثر من 300 ألف شخص، ويواجه الشباب الياباني اللوم بسبب وضع حياتهم المهنية قبل الزواج وتكوين أسرة.
ويناقش تقرير لمجلة "ذا أتلانتيك" السبب وراء انخفاض معدل المواليد في اليابان وتجزره في الثقافة الشعبية وكيفية تعامل الحكومة معه.
سبب انخفاض معدل المواليد
- هناك تفسير بسيط لانخفاض معدل المواليد في اليابان، وهو أن الفرص المتاحة للشباب ولا سيما الرجال في اقتصاد البلد قليلة.
- في بلد ينظر فيه للرجال كمعيلين للأسرة فإن الافتقار إلى الوظائف الجيدة قد يتسبب في وجود فئة من الرجال الذين لا يرغبون في الزواج لأنهم لا يستطيعون تحمل تكاليفه.
- قد يبدو ذلك مفاجئا في اليابان حيث ينمو الاقتصاد حاليا ويبلغ معدل البطالة أقل من 3%، لكن الفرص الاقتصادية المتقلصة تنبع من الاتجاه العالمي وهو ارتفاع العمالة "غير المستقرة".
- منذ سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية، كان لليابان تقليد خاص بشأن ما يطلق عليه خبراء العمل "العمالة المنتظمة" حيث يبدأ الرجال حياتهم المهنية في الوظائف التي تمنحهم فوائد جيدة ويمكن الاعتماد عليها ويعلمون أنهم إذا عملوا بجد سوف يحافظون على وظائفهم حتى التقاعد.
- الآن حوالي 40% من القوى العاملة اليابانية هم عمالة "غير نظامية"، وهذا يعني أنهم لا يعملون في الشركات التي لديها وظائف مستقرة ولكن بدلا من ذلك يعملون في وظائف مؤقتة بدوام جزئي وبرواتب منخفضة .
العمالة غير النظامية
- لا يستطيع سوى 20% فقط من العمال غير النظاميين الانتقال إلى وظائف منتظمة في مرحلة ما من حياتهم المهنية، حيث انخفض عدد العمال المنتظمين في اليابان بين عامي 1995 و 2008 بمقدار 3.8 مليون عامل في حين ارتفع عدد العمال غير النظاميين بمقدار 7.6 مليون عامل.
- بدأ ارتفاع عدد العمال غير النظاميين في اليابان في تسعينيات القرن الماضي عندما قامت الحكومة بتنقيح قوانين العمل لتمكين الاستخدام الأوسع للعمال المؤقتين والمتعاقد معهم من قبل الشركات الوسيطة.
- بعد ذلك عندما فرضت العولمة ضغوطا أكبر على الشركات لخفض التكاليف اعتمدت بشكل متزايد على العمالة غير النظامية وهو اتجاه تكثف خلال فترة الأزمة المالية العالمية.
- في الثقافة اليابانية لا يعتبر الرجال الذين ليس لديهم وظائف منتظمة شركاء زواج يرغب فيهم، حتى لو كان الراغبان في الزواج كلاهما يعمل في وظائف غير نظامية من المرجح أن يعارض ذلك والداهما.
- إن حوالي 30% من العمال غير النظاميين في الثلاثينات من العمر متزوجون مقارنة مع 56% من العاملين في الشركات بدوام كامل.
- كثيرا ما تجد النساء اللواتي يبحثن عن عمل بدوام كامل أنفسهن في وظائف غير نظامية، مما يؤثر على دورهن في الأسرة لأن ساعات العمل لا يمكن التنبؤ بها كما أن الأجور منخفضة.
ثقافة الإرهاق من العمل
- يبلغ أجر الموظفين غير النظاميين في المتوسط حوالي 1800 دولار شهريا، ولكن ينفقون الكثير من هذا المال على الإيجار ومدفوعات برنامج الضمان الاجتماعي.
- دفعت الزيادة في عدد الوظائف غير النظامية الشركات إلى الشعور بأنها تستطيع معاملة عمالها النظاميين بشكل سيئ لأن هؤلاء العمال يشعرون بأنهم محظوظون جدا للحصول على مثل هذه الوظيفة.
- تقوم الشركات بإجبار الكثير من الشباب على العمل لساعات طويلة دون أجر إضافي، مما أدى إلى ظهور ثقافة جديدة في اليابان تشير إلى الموت من الإرهاق في العمل والتي تصفها الكلمة اليابانية "كاروشي".
- النتيجة هي أنه حتى الوظائف الجيدة في اليابان يمكن أن تكون سيئة حيث يحاول العمال كسب ما يكفي من المال لإعالة أسرهم ولا يكون لديهم الكثير من الوقت لفعل أي شيء سوى العمل والنوم وتناول الطعام.
وضع اليابان
- تتميز اليابان عن غيرها من الاقتصادات المتقدمة في هذا الصدد بعدة عوامل أولها أن العمالة المنتظمة لا تزال ذات قيمة عالية في الثقافة اليابانية حتى أن الذين لا يستطيعون العثور على عمل منتظم بغض النظر عن مؤهلاتهم يتم لومهم من قبل المجتمع.
- ثانيها أن ثقافة العمل الشاق وساعات العمل الطويلة مقبولة على نطاق واسع في اليابان وأولئك الذين يشكون من ساعات العمل الطويلة قد لا يجدون تعاطفا كبيرا من أصدقائهم أو أسرتهم ناهيك عن الحكومة.
- أخيرا إن النقابات العمالية في اليابان ضعيفة وغالبا ما تركز على التعاون مع الشركات والحفاظ على الوظائف الجيدة الموجودة بدلا من التفاوض نيابة عن جميع العمال.
الجهود الحكومية
- وجهت إدارة رئيس الوزراء "شينزو آبي" بعض الاهتمام إلى ارتفاع الوظائف غير النظامية في البلاد، حيث اقترحت لجنة حكومية لإصلاح ظروف العمل تحديد عدد ساعات العمل الإضافية التي يمكن أن تطلبها الشركات قانونا من العمال عند 100 ساعة في الشهر.
- هذا العام ولأول مرة نشرت الحكومة اليابانية قائمة تضم أكثر من 300 شركة تنتهك قوانين العمل، على أمل أن التشهير بالشركات المخالفة سيحد من هذه الظاهرة.
- تتعهد إدارة "آبي" بمعالجة مشاكل انخفاض معدل المواليد في البلاد من خلال مساعدة المرأة على تحقيق توازن أفضل بين العمل والأسرة، وهو بالتأكيد جزء من المشكلة.
- لكن على الرغم من أن الرجال اليابانيين هم أكثر حظا من النساء من الناحية الاقتصادية والاجتماعية إلا أنهم يحتاجون أيضا إلى المساعدة في العثور على الاستقرار في الاقتصاد المتغير.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}