كان "ثوان فام" يبلغ من العمر 12 عاماً حينما بدأ رحلة كفاحه من أجل الحرية التي حفها الموت والأخطار في كثير من الأوقات.
وبحسب تقرير لـ"سي إن إن موني"، كان "فام" يسعى للهروب من فيتنام مع والدته وأخيه الصغير عام 1979، عندما ضربت عاصفة عنيفة قارب الصيد الخشبي الذي يحمل الأسرة وعشرات اللاجئين الآخرين.
ولكنهم أخيراً تمكنوا من الوصول إلى مخيم للاجئين في إندونيسيا كي يعانوا مجدداً من نقص المأوى والصرف لعدة أسابيع، حيث قررت الأم المخاطرة بحياة الأسرة بدلاً من أن يكبر الأبناء بلا أي فرصة لحياة أفضل.
وقال "فام": "إن هذا ما تفعله كمهاجر، حيث تكون على استعداد للتجارة بحياتك من أجل الحرية، حيث يمكن أن تكون محظوظاً وتتمكن من العيش".
وبالفعل كانت عائلة "فام" محظوظة بما يكفي إذ تمكنت من الوصول في نهاية المطاف إلى ضواحي ولاية ماريلاند.
في عام 2013 تم التعاقد مع "فام" -يبلغ الآن 49 عاما- كرئيس لقسم التكنولوجيا في "أوبر" ومنذ هذا الوقت أسهم في بناء المجموعة الهندسية للشركة المكونة من ألفي مهندس، وتمكنت الشركة من رفع عدد رحلاتها اليومية من 30 ألف إلى ملايين الرحلات.
بجانب ذلك تم اختياره مؤخراً كأحد أعظم 40 مهاجرًا خلال 2016 من قبل "كارنيجي" أقدم مؤسسة لتقديم المنح في البلاد، وهذه هي قصة نجاح "فام".
كيف كانت حياة الطفولة في فيتنام؟
عاش "فام" أربع سنوات تحت حكم الشيوعية حينما سقطت "سايجون" العاصمة السابقة لجمهورية فيتنام الجنوبية وأرسل أعمامه إلى معسكرات الاعتقال حيث ماتوا هناك.
هرب وأسرته ونحو 470 شخصاً على متن قارب صيد، حيث واجهوا أمواج البحر العاتية، وبينما يحملهم البحر عبر ظلماته ليلاً شاهدوا الضوء الذي اعتقدوا أخيراً أنه قارب نجدة ولسوء الحظ لم يكن كذلك بل كانت مجموعة من القراصنة التي سرقت منهم كل شيء وكادت أن تقتلهم.
وفي مساء إحدى الليالي وصل قاربهم إلى اليابسة لكن سرعان ما أحاط بهم قوات الجيش حيث اصطحبتهم إلى مخيم للاجئين، معتقدين أنهم نالوا أخيراً الحرية، قبل أن تسحبهم البحرية الماليزية عبر زورقهم مجدداً إلى البحر لينتهي بهم المطاف على جزيرة كوكو في إندونيسيا حيث كانت المعاملة ألطف.
كيف كانت جزيزة كوكو؟
كانت أسرة "فام" من أوائل الشاغلين للمخيم لكنه كان بلا بنية تحتية، لا يوجد سقف يحمي من المطر أو صرف صحي، ومات الكثيرون من المرض.
وعلق الكثيرون على جزيرة كوكو لسنوات لأنهم لم يكن لديهم علاقات بأي من البلدان المستقبلة للاجئين، لكن أسرة "فام" حظيت باللجوء السياسي في الولايات المتحدة نظراً لكون أبيه جزءًا من الجيش الفيتنامي الجنوبي.
لم ير "فام" والده منذ غادر فيتنام ولمدة 10 سنوات، حيث قرر الأب المكوث داخل البلاد.
كيف بدت الحياة بعد الوصول إلى الولايات المتحدة؟
كان هناك مجتمع من اللاجئين في روكفيل حيث تجمع معاً من أجل البقاء الاقتصادي، حيث عملت الوالدة في محطة للوقود ومحل للبقالة، بعد أن كانت محاسبة في فيتنام لكنها لم تكن قادرة على الحصول على شهادة في الولايات المتحدة، إلا أن لغتها الإنجليزية الجيدة ساعدتها.
واضطرت الأسرة لمشاركة شقة من غرفتين مع أسرة أخرى نظراً لارتفاع الإيجار إلى 370 دولارًا في الشهر، وعانت الأم والأبناء من الحر الشديد وانتشار الحشرات داخل هذه الشقة.
حاول "فام" أن يدرس بجد في مدرسة "ريتشارد مونتجمري" الثانوية حيث تخرج عام 1986 وانتقل إلى "إم آي تي" حيث بدأت حياته في التحسن.
الاهتمام بالحاسوب وبداية النجاح
بدأ الاهتمام بالحاسوب ينمو في الثانوية، كما أعد الكثير من البرامج المتقدمة في الصف العاشر لميكنة العمليات المحاسبية.
وعندم أقبل على الذهاب إلى "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" تم منحه مكافأة 1800 دولار، لذا تمكن من شراء حاسوب خاص به.
وبعد التخرج من المعهد التكنولوجي حصل على وظيفة في مركز بحوث "إتش بي" ثم انضم لشركة "جرافيكس"، ثم التحق بشركة زميله "نت جرافيتي".
وقال "فام": "قد يكون لدى الكثيرين مهارة لكن في النهاية هناك حاجة لخلق الفرص وإظهار القدرات، وكانت "أوبر" فرصتي الكبيرة حيث كنت أعلم أنه صنف من الشركات التي يمكن أن تحدث تغييراً حقيقياً في العالم".
الشيء الذي يفعله يومياً لتحقيق أهدافه
يؤكد " فام" أنه يركز على التفكير، قائلا: "أفكر في الأشياء التي حدثت خلال اليوم وأسأل نفسي هل هذا أفضل شيء يمكن القيام به؟ حيث يكون الجواب دائماً، كان من الممكن أن أفعل ذلك على نحو أفضل".
وحول النجاح، أكد أنه على كل إنسان أن يسأل نفسه "هل فعل كل شيء يمكن تحقيقه خلال حياته على هذه الأرض".
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}