الإشريكية القولونية أو "إي كولاي" هي بكتيريا تصيب غالباً الأمعاء الغليظة للكائنات الحية ذات الدم الحار، مثل الإنسان والحيوانات، ومعظم سلالاتها ليست ضارة، لكنها تتسبب في بعض الأحيان بحالات تسمم غذائي خطرة.
انتشرت هذه البكتيريا في عدة ولايات أمريكية هذا الأسبوع وأدت إلى عشرات الإصابات وحالة وفاة واحدة، وارتبطت الواقعة بتناول شطائر "كوارتر باوند" من مطاعم "ماكدونالدز".
وتُدعى السلالة المُسببة للتسمم من تلك البكتيريا "شيجا - Shiga toxin-producing E. coli"، والمصدر الأساسي لتفشيها هو منتجات اللحوم المفرومة النيئة أو غير المطهية جيداً، والحليب الخام، والخضراوات الملوثة بالفضلات.
تكون معظم حالات الإصابة بالبكتيريا محدودة، لكنها قد تُسبب أمراضاً تُهدد الحياة كما في حالة "متلازمة انحلال الدم اليوريمية – HUS"، والتي يكون تأثيرها الأكبر على الأطفال وكبار السن.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
تعد سلالة "شيجا" المنتجة للسموم حساسة للحرارة، لذا توصي منظمة الصحة العالمية باتباع الممارسات الأساسية المتعارف عليها لتنظيف الطعام، وأولها هو الطهي الجيد بحرارة 70 درجة مئوية أو أكثر.
تشمل أعراض الإصابة ببكتيريا "إي كولاي"، تقلصات في البطن، وإسهالا قد تزداد حدته بعد ذلك ليكون مصحوباً بنزيف فيما يُعرف بـ "التهاب القولون النزيفي"، وقد تتضمن الأعراض أيضاً القيء، والإصابة بالحمى.
تتراوح فترة حضانة البكتيريا بين ثلاثة إلى ثمانية أيام، وعادة ما يتعافى غالبية المرضى في غضون 10 أيام، وتصل نسبة الإصابة بالسلالة السامة منها إلى 10% بمعدل وفيات يتراوح بين 3% و5%.
شطائر ماكدونالدز
رصدت السلطات الصحية في الولايات المتحدة هذا الأسبوع إصابة 49 شخصاً وحالة وفاة واحدة نتيجة تناول شطائر "مالكدونالدز" التي احتوت النوع السام من بكتيريا "إي كولاي".
تراوحت أعمار المصابين بين 18 و88 عاماً، وتوصلت التحقيقات الأولية إلى أن مصدر البكتيريا هو البصل الأصفر الطازج المستخدم في شطائر "كوارتر باوند"، وفق المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها.
ركزت السلطات الصحية على قطع اللحم البقري والبصل الطازج المستخدمة في شطائر "ماكدونالدز" باعتبارها المصادر الرئيسية المشتبه بها لتفشي البكتيريا.
لكن من غير المحتمل أن يكون اللحم هو سبب الإصابة بالبكتيريا، إذ تقتضي سياسة "ماكدونالدز" طهيه عند درجات حرارة مرتفعة بدرجة كافية للقضاء على الملوثات، في حين يُقدم البصل طازجاً على هذا النوع من الشطائر.
تايلور فارمز والبصل الملوث
قررت "ماكدونالدز" وقف بيع شطائر "كوارتر باوند" في قرابة 20% من مطاعمها بالولايات المتحدة، وقالت إنها تحصل على إمداداتها من البصل من شركة توريد للأغذية تُدعى "تايلور فارمز".
أعلنت شركة "يو إس فودز" -إحدى أكبر شركات توريد الأغذية للمطاعم بالجملة في أمريكا- أن "تايلور فارمز" بدأت سحب منتجات البصل الأصفر المُقطّع من العملاء بسبب الاشتباه في احتوائه على بكتيريا "إي كولاي".
تُنتج "تايلور فارمز" البصل المعبأ في إحدى المنشآت التابعة لها بولاية كولورادو، والتي شهدت حالة الوفاة المرتبطة بتفشي البكتيريا في شطيرة "ماكدونالدز".
استجابة سلاسل مطاعم الوجبات السريعة الأخرى
أعلنت شركة "رستورانت براندس إنترناشيونال" المالكة لسلسلة مطاعم "برجر كينج"؛ أن قرابة 5% من الفروع سحبت البصل الطازج من قوائم الطعام، وأن هذه الفروع كانت تحصل على إمدادات البصل من المورد المحتمل ارتباطه بتفشي البكتيريا.
واتخذت شركة "يام براندس" المُشغلة لسلاسل مطاعم "كنتاكي فرايد تشيكن"، و"بيتزا هت"، و"تاكو بيل"، إجراءً مماثلاً من باب الاحتياط، إذ لم ترصد أية من الشركتين إصابات بسبب تناول منتجاتهما.
قالت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية إن "تايلور فارمز" تورد البصل الطازج لعملاء آخرين من مقدمي خدمات الطعام، وأن هؤلاء العملاء تم إخطارهم بقرار الشركة سحب المنتج المشتبه بتلوثه.
أبرز الحالات السابقة لتفشي إي كولاي في أمريكا
حدثت واحدة من أكبر حالات تفشى بكتيريا "إي كولاي" في الولايات المتحدة عام 2006، وكانت ترتبط بمحصول السبانخ من حقول في ولاية كاليفورنيا كانت قريبة من مزرعة للمواشي، وتسببت في 205 حالات إصابة، و3 وفيات.
رصدت المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها في أكتوبر من عام 2015، تفشي سلالة "شيجا - STEC O26" في 11 ولاية أمريكية وإصابة 55 شخصًا تم حجز 21 منهم في المستشفيات.
كما رصدت في ديسمبر من العام ذاته تفشيًا آخر أقل نطاقاً لسلالة مختلفة وأكثر ندرة من البكتيريا، وكانت الإصابات في الموجتين الأولى والثانية ترتبط بتناول وجبات من سلسلة مطاعم "شيبوتل مكسيكان جريل".
لم تستطع حينها السلطات معرفة المُكون المُسبب لتفشي البكتيريا نظراً لاختلاط مكونات الطعام في منتجات هذه السلسلة، لكن الأمر المؤكد هو ارتباط حالات الإصابة بتناول مُنتج بعينه.
في عام 2016، تم رصد تفشي سلالة "STEC O157" من البكتيريا في ولايتي مينيسوتا (8 إصابات) وويسكونسن (3 إصابات).
كان الانتشار بسبب براعم برسيم تنتجها شركة "Jack & The Green Sprouts" بولاية ويسكونسن، ولم يتم الإبلاغ عن أية وفيات حينها.
وتفشت البكتيريا عام 1993 بسبب منتجات سلسلة المطاعم "جاك إن ذا بوكس"، كما اضطرت شركة "تايلور فارمز" في عام 2015 لسحب منتج عبارة عن مزيج من الكرفس والبصل من السوق بعد إصابة 19 شخصا بالبكتيريا بعد تناول سلطة الدجاج من سلسلة متاجر "كوستكو".
ويبدو أن البصل الطازج أحد الأسباب الأبرز لانتشار العدوات البكتيرية السامة في الولايات المتحدة، إذ أصيب 80 شخصاً وتوفي واحد بسبب تفشي بكتيريا الـ "سالمونيلا" في منتج للبصل المعبأ من شركة "جيلز أونيونز" التي تقع بولاية كاليفورنيا.
أشارت بيانات صدرت عن المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها هذا الصيف إلى أن انتشار الأمراض المنقولة عبر الغذاء آخذ في الزيادة داخل الولايات المتحدة.
وأن معدل الإصابة ببكتيريا "إي كولاي" في أمريكا بلغ 5 حالات لكل 100 ألف مواطن عام 2023، بزيادة 25% عن متوسط السنوات الخمس السابقة.
وأوضحت البيانات أن وتيرة الإصابات أعلى بنسبة 40% عن المستهدفات الرسمية للحد من انتشار الأمراض المنقولة عن طريق الغذاء.
المصادر: منظمة الصحة العالمية – المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها – أسوشيتد برس – رويترز – سي إن بي سي – ياهو فاينانس – إن بي سي نيوز – سي إن إن
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}