ظل علماء الفيزياء يدرسون تفاعلات الاندماج النووي على مر عقود من الزمن لمحاولة فهم طبيعة إحدى أصعب الظواهر العلمية تطبيقاً على أرض الواقع، لكنهم واجهوا معوقات رئيسية، أبرزها عدم القدرة على توفير الظروف الملائمة لإجراء التفاعل.
لكن "أريندام بانيرجي" أستاذ الهندسة الميكانيكية في جامعة "ليهاي" الأمريكية، وفريقه البحثي، توصلوا إلى حل قد يبدو غير مألوف للتغلب على هذه المشكلة، ألا وهو استخدام صلصة الـ "مايونيز" الشهيرة بديلاً عن البلازما التي تعمل كوسيط لتفاعل الاندماج النووي.
يعبر مفهوم الاندماج النووي عن تفاعل فيزيائي يتم خلاله دمج ذرات عناصر خفيفة مثل الهيدروجين مع ذرات أخرى ثقيلة مثل الهيليوم، ما ينتج عنه توليد طاقة هائلة على غرار التفاعلات التي تتم داخل الشمس والنجوم الأخرى.
وتعتبر عملية تسمى "الاندماج عن طريق حجز الذرات بالقصور الذاتي" المرحلة الأولى من تفاعلات الاندماج النووي، وتواجه هذه العملية صعوبات عدة، أهمها هو عدم استقرار مادة البلازما الناتجة عن الضغط السريع وتسخين الكبسولات المملوءة بنظائر الهيدروجين، في ظاهرة فيزيائية يطلق عليها "عدم استقرار رايلي-تايلور".
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
وأوضح "بانيرجي" أن هذه الظاهرة تنشأ نتيجة تداخل المواد السائلة ذات الكثافات المختلفة عند اصطدامها ببعضها البعض، ومن هنا يأتي دور المايونيز في أبحاث الاندماج النووي.
وقال إن المايونيز يستخدم في التجارب لأنه يعتبر مادة صلبة في الظروف العادية، لكنه يتحول إلى سائل عند تعريضه لضغط مرتفع على نحو تدريجي، ومن ثم يدرس فريق العمل خصائص هذا السائل، ومقارنتها بالخصائص المرجوة للبلازما.
وكان أول ظهور لهذه الفكرة المبتكرة في ورقة بحثية نشرها فريق "بانيرجي" عام 2019 بعنوان "تجارب عدم استقرار رايلي-تايلور باستخدام مادة مرنة ذات خصائص بلاستيكية".
وذكر "بانيرجي" أن هدف هذه الدراسات هو تعزيز قدرة العلماء على التنبؤ بالتغيرات التي تطرأ على كبسولات البلازما المنصهرة ذات الحرارة والضغط العاليين، وذلك من خلال إجراء تجارب على المايونيز في ظروف متطابقة.
ونجح مختبر "لورانس ليفرمور" الوطني في الولايات المتحدة نهاية عام 2022 في تحقيق إنجاز علمي تاريخي، من خلال إجراء أول اشتعال اندماجي مبدئي في ظروف معملية للمرة الأولى على الإطلاق بعد جهود استمرت 60 عاماً، وكانت الطاقة المنبثقة عن الاندماج أعلى من طاقة الليزر المستخدم في بدء التفاعل.
ومنذ ذلك الحين، أجرى المختبر التجربة ذاتها 4 مرات، ما عزز آمال العلماء في إمكانية تحقيق الاندماج النووي، والاعتماد عليه كمصدر أساسي للطاقة.
المصدر: أويل برايس دوت كوم
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}