في خضم أزمة "كراود سترايك" التي شلت العالم جزئيًا يوم الجمعة، بسبب خطأ في تحديث للبرنامج الأمني الخاص بشركة المنتجات السيبرانية، كان الجميع منشغلًا بمعرفة السبب وراء هذا الشلل التقني ونطاقه وإلى متى سيستمر.
الآن، وبعد أيام من وقوعه، أصبحت إجابات هذه الأسئلة أكثر وضوحًا للجميع، ما ينقل جميع الأطراف الآن إلى أسئلة أكثر أهمية مثل؛ كم تبلغ خسائر هذه الكارثة؟ ومن يتحمل هذا العبء؟
هذا الخلل الواسع النطاق أدى إلى تعطل أعمال مختلف القطاعات في أستراليا وأوروبا وأمريكا الشمالية، ما ترتب عليه خسائر واسعة للشركات حول العالم، وقد يصب في صالح "كراود سترايك" أن قطاع التأمين "ربما" يتحمل جزءًا من الأعباء.
كم يبلغ حجم الخسائر؟
- صرح مسؤول تنفيذي في شركة "مارش"، أكبر شركة وساطة تأمين في العالم، لوكالة "بلومبرج" الجمعة (يوم وقوع العطل) بأن أكثر من 75 عميلاً استعدوا لتقديم مطالبات في أعقاب العطل السيبراني.
- فيما صرح متحدثان باسم شركتي التأمين السيبراني الرئيسيتين "أكسا- AXA" و"ميونيخ ري- Munich Re" يوم الإثنين، بأنه لا يزال من السابق لأوانه حساب التأثير الكامل للاضطراب الذي حدث يوم الجمعة.
- قالت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني الإثنين، إن صناعة التأمين وإعادة التأمين العالمية من المرجح أن تتجنب أي "تأثير مالي كبير" لهذه الأزمة، مضيفة أن التقديرات الأولية تشير إلى خسائر مؤمن عليها تتراوح بين 5 مليارات و9 مليارات دولار.
- مع ذلك، قال "نير بيري" الرئيس التنفيذي لمنصة "سايبر رايت- Cyberwrite" للتأمين ضد مخاطر الإنترنت، إن الأضرار الاقتصادية الناجمة عن العطل قد تصل إلى "عشرات المليارات من الدولارات".
- تأكيدًا لذلك، ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" نقلًا عن عدد من كبار التنفيذيين في قطاع التأمين العالمي، أن خسائر القطاع المرتبطة بالعطل التقني الأخير قد تصل إلى مليارات الدولارات.
- مع ذلك، ترى "فيتش" وعدد من مقدمي خدمات التأمين، أنه من المبكر حساب التكلفة النهائية لاضطراب يوم الجمعة، وعمومًا، فإن مسألة حساب المخاطر السيبرانية لا تزال تمثل صعوبة بالنسبة لصناعة التأمين.
ماذا يعني ذلك لـ كراود سترايك؟
- في الحقيقة تدين "كراود سترايك" للعملاء فقط باسترداد رسوم الاشتراك الخاصة بهم (في برامجها)، وليس من الضروري تغطية الأموال التي خسرتها الشركات بسبب العطل، وفقًا لشروط التعاقد، وعليه تلجأ الشركات بشكل متزايد إلى قطاع التأمين لتغطية خسائرها.
- علقت "إليزابيث بورجين والر"، الخبيرة القانونية في مجال الأمن السيبراني: "هذا يعني أن المستخدمين المتضررين الذين وافقوا على شروط استخدام برامج ’كراود سترايك‘ لا يمكنهم توقع أكثر من استرداد مدفوعاتهم، بغض النظر عن مدى الخسائر التي تعرضوا لها".
- تغطي اتفاقات التأمين السيبراني القياسية وقت تعطل العمل السحابي بسبب الفشل الأمني أو التشغيلي أو فشل النظام في العمليات الخاصة بالمؤمن له، وعادةً لا تغطي أعطال الأحداث السيبرانية غير الضارة في مزود خدمة الشبكة التابع لجهة خارجية.
- في حين اعتذرت "كراود سترايك" عن العطل العالمي، إلا أنها لم تذكر ما إذا كانت تنوي تقديم تعويضات للعملاء المتضررين أم لا، وتجاهلت أسئلة الصحافة حول هذا الأمر، وحال عدم تدخل التأمين فإن هذا ربما يدفع نحو إجراءات تقاضٍ.
- قال "دان آيفز"، محلل التكنولوجيا في "ويدبوش تكنولوجيز" للخدمات المالية: "إذا كنت محاميًا للشركة فمن المحتمل أنك لن تستمتع ببقية الصيف"، في إشارة إلى التحديات القانونية التي ستواجه "كراود سترايك" نتيجة الأزمة، مضيفًا أن الشركة "تعرضت لضربة كبيرة في علامتها التجارية".
- دعت لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب الأمريكي الرئيس التنفيذي للشركة "جورج كورتز" للإدلاء بشهادته بشأن التحديث البرمجي المعيب الذي تسبب في العطل العالمي، وطلبت من "كراود سترايك" تحديد موعد على الفور.
- في أستراليا التي كانت أول المتضررين من الأزمة، قدر قادة أعمال حجم خسائرهم الإجمالي بعدة مليارات من الدولارات، وقالوا إنه من غير الواضح بعد إذا كانوا سيطلبون تعويضًا من "كراود سترايك" أو شركات التأمين، أم ستدخل الحكومة.
هل تفلس الشركة؟
- الإجابة السريعة المختصرة هي "لا"، وبحسب مؤشر الإفلاس لشركة "ماكرو أكسيس- Macroaxis" للتحليلات والذي يقيس احتمال أن تتعرض الشركة لضائقة مالية خلال 24 شهرًا قادمًا، فإن احتمالية إفلاس "كراود سترايك" تبلغ 4% فقط.
- لكن بمرور الوقت ومع انطلاق دعاوى قضائية ضد الشركة وربما تحركات تنظيمية في أوروبا والولايات المتحدة، فمن المحتمل أن تتكبد الشركة مليارات أخرى من الغرامات والرسوم القانونية والإيرادات المفقودة، والتي من غير الواضح إذا كانت قادرة على الوفاء بها.
- إن نطاق وحجم العطل يعني أنه إذا رُفعت أي دعاوى جماعية في نهاية المطاف، فقد تصبح واحدة من أكبر إجراءات التقاضي في العالم وتستمر لسنوات عديدة، فيما ستراقب شركات التأمين عن كثب لمعرفة ما ينبغي عليها تغطيته فقط.
- انخفض سهم "كراود سترايك" من 338 دولارًا عند إغلاق الخميس إلى 273 دولارًا اليوم (20% تقريبًا)، ليعمق خسائر القيمة السوقية للشركة منذ بداية هذا الشهر إلى الثلث عند 64 مليار دولار الثلاثاء.
- مع ذلك، قد يفسر المستثمرون هذا الانخفاض "المحدود نسبيًا مقارنة بحجم الأزمة"، بأنه إشارة على أن شركة الأمن السيبراني المفضلة في وول ستريت، ستكون قادرة على إنقاذ سمعتها، والأهم من ذلك، أنها لن تكون في مأزق للحصول على تعويض.
- يرجع ذلك إلى صعوبة تحديد حجم الخسائر التي تحملتها الشركات أو الأفراد، والقدرة على ربط هذه الخسائر بالعطل الفني، كما يتوقع بعض المحللين ممن يصفون الشركة بأنها "أكبر من أن يُسمح لها بالفشل" أن تكون مشاركة قطاع التأمين فعالة في تغطية المطالبات.
نطاق هائل للأضرار
- وفقًا لشركة التحليلات ودراسة مخاطر سلسلة التوريد "إنتروس- Interos"، أثر الخلل على نحو 675 ألف شركة من العملاء لدى "كراود سترايك" و"مايكروسوفت" بشكل مباشر، وعلى أكثر من 49 مليون عميل بشكل غير مباشر.
- كانت الولايات المتحدة الأكثر تضررًا، حيث تركزت 41% من إجمالي الكيانات المتضررة عالميًا في أمريكا، ونحو 28% منها في أكبر اقتصادات أوروبا، وكان الاضطراب محسوسًا أيضًا في الموانئ الرئيسية ومراكز الشحن الجوي في أوروبا وآسيا.
- كان قطاع الشحن الجوي هو الأكثر تضررًا عالميًا بحسب "إنتروس"، حيث أوقفت العديد من شركات الطيران العالمية رحلاتها، وألغيت آلاف الرحلات في أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية، ويواجه نظام الشحن الجوي المعقد فترة تعافٍ قد تستمر لأيام أو أسابيع.
- تستخدم 82% من هيئات ووكالات حكومات الولايات في أمريكا برامج "كراود سترايك" في أنظمتها، فيما تستعين 48% من إدارات أكبر المدن الأمريكية بتطبيقات الشركة، ما يعني أن حكومة البلاد كانت في قلب الأزمة الأخيرة.
المصادر: أرقام- بزنس إنسايدر- رويترز- فايننشال تايمز- بلومبرج- سي إن إن- إيه بي سي نيوز الأسترالية- Macroaxis- فاست كومباني- ذا كونفرزشن- تشاينا ديلي- سكاي نيوز- Interos
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}