- تحتل المكسيك على مدى فترة طويلة نفس المكانة التي احتلتها الصين بالنسبة إلى أمريكا الشمالية في نهاية القرن العشرين، بعمالتها الرخيصة، وإنتاجية القوى العاملة العالية وجودتها المنخفضة.
- تحول هذا البلد إلى مكان مثالي لإنتاج وتصدير مجموعة كاملة من السلع بعد مساهمة الحكومة في تطوير صناعات التكنولوجيا الفائقة، وانفتاح المكسيك غير المسبوق على التجارة الدولية، وارتفاع الأجور في الصين.
- تُعَد المكسيك بالفعل أكبر دولة على مستوى العالم في تصنيع أجهزة تلفزيون البلازما وهواتف بلاك بيري الذكية، وأصبحت السيارات التي تحمل علامة "صنع في المكسيك" تنطلق إلى الطرقات خارج أمريكا الشمالية.
ازدهار صناعة السيارات
- يُعد قطاع تصنيع السيارات أحد أسرع القطاعات نموًا في الاقتصاد المكسيكي. يعود إنتاج السيارات في المكسيك إلى عقود عديدة مضت، إلى عام 1925 على وجه التحديد، عندما افتتحت شركة فورد أول خط تجميع لها هناك.
- في عام 1935، افتتحت جنرال موتورز، أكبر مصنع للسيارات في ذلك الوقت. وفي عام 1938، كان لشركة كرايسلر وجودٌ هناك. وهكذا أصبحت المكسيك أول دولة في أمريكا اللاتينية قادرة على جذب استثمارات من شركات صناعة السيارات الكبرى بحلول الثلاثينيات.
- وبإلهام من نجاح هذه الشركات الأمريكية الثلاث، انضمت فولكس فاجن ونيسان إلى هذا المزيج في الستينيات، وتبعتهما لاحقًا شركات كبيرة أخرى مثل تويوتا ومرسيدس وهوندا، وبي إم دبليو.
- في البداية، تم تقسيم أمريكا الشمالية بحيث تنتج الولايات المتحدة مجموعة واسعة من السيارات الموجهة لكل من الأسواق المحلية والخارجية، بينما تم استخدام المصانع المكسيكية لإنتاج طرازات أرخص للاستخدام حصريًا في السوق المحلية.
- بعد ذلك، ومع التركيز الجديد على الصادرات، حدثت تغييرات ارتبطت بالاتجاه الرئيسي لتدفقات التجارة. في حين أن معظم معدات السيارات كانت تظل سابقًا داخل البلاد، إلا أنه في منتصف التسعينيات تم تصديرها إلى الولايات المتحدة في الغالب.
- وبحلول عام 2021، أصبحت المكسيك خامس أكبر دولة مصدرة للسيارات على مستوى العالم، ثم بلغ إجمالي صادرات 2.14 مليون سيارة سنويًا في 2022، لتصبح رابع أكبر دولة مُصدرة بعد ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية.
- تحقق شركات صناعة السيارات التي تعمل في السوق المكسيكي أرباحًا سنوية قدرها 30 مليار دولار، وهو ما يعادل 6% من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
- تستوعب صناعة السيارات نفسها حوالي 20% من الاستثمارات الأجنبية المباشرة. تجذب المكسيك الآن مليارات الدولارات من الاستثمارات الجديدة في قطاع السيارات وأصبحت منافسة جدية للولايات المتحدة من حيث العمالة الماهرة والإنتاجية.
بعيداً عن صناعة السيارات
- اقتصاد المكسيك موجه نحو التصدير، ليس في قطاع السيارات فقط، ولكن أيضًا الإلكترونيات والمعدات الطبية والعديد من السلع المصدرة الأخرى.
- يُعد تطوير صناعة الإلكترونيات أحد النهج الاستراتيجية للاقتصاد المكسيكي. تشكل الأجهزة المنتجة 24% من إجمالي الصادرات غير النفطية للمكسيك، أو 27% من ناتجها المحلي الإجمالي الصناعي.
- وتحتل البلاد حاليًا المرتبة الخامسة عالميًا في تصدير أجهزة الكمبيوتر والعاشرة في مجال الهواتف المحمولة على مستوى العالم.
- اكتسبت المعدات الطبية والإكسسوارات أيضًا أهمية في السنوات الأخيرة. وتأتي معظم المعدات الطبية المستوردة في الولايات المتحدة من المكسيك.
- على الصعيد العالمي، تحتل المكسيك المرتبة العاشرة لمثل هذه الصادرات والأولى في أمريكا اللاتينية.
مجال الطيران والفضاء
- مجال آخر مهم هو مجال الطيران والفضاء، والذي يشهد نمواً بنسبة 19% سنويًا منذ عام 2004.
- يوجد 270 شركة تعمل في هذا القطاع، 80% منها تنتج منتجات الطيران والفضاء، بينما تعمل الـ20% الأخرى في التصميم ودعم المنتجات والإصلاحات.
- تمتلك شركة جنرال إلكتريك، وهي شركة رائدة في تصنيع محركات الطائرات، أكبر مركز للبحث والتطوير لديها في ولاية كويريتارو بالمكسيك.
- هناك استراتيجية وطنية خاصة لتطوير هذا القطاع، ما يحول المكسيك إلى مكان يكون فيه للطائرات "دورة حياة" كاملة بدءًا من التصميم والهندسة إلى التصنيع والتجميع وصيانة الطائرات، وصولاً إلى إعادة تدوير أو إصلاح الطائرات التي وصلت إلى نهاية عمرها الافتراضي.
- هذه واحدة من أسرع الصناعات نمواً وهي صناعة تقنية المعلومات، حيث حققت نمواً متوسطًا قدره 13.8% على مدار عقد من الزمان.
- بشكل عام، سلة صادرات المكسيك اليوم أكثر تنوعًا من أي دولة أخرى نامية بسرعة في امريكا الجنوبية. في الوقت نفسه، تصدر المكسيك سلعًا أكثر من جميع دول أمريكا اللاتينية مجتمعة.
- ويقول محللون في مجموعة بوسطن الاستشارية وباركليز، إن المكسيك ستتفوق على الصين في المستقبل المنظور كأكبر دولة مصنعة في العالم.
مزايا تنافسية
- غني عن القول إن الوصول إلى السوق الواسعة والمربحة لجارتها الشمالية -الولايات المتحدة- ليس الميزة الوحيدة لمزاولة الأعمال التجارية في المكسيك.
- الأمر المهم هو أن المكسيك وقعت 12 اتفاقية تجارة حرة مع 45 دولة، مما أتاح لها الوصول إلى سوق واسعة تضم 1.5 مليار شخص تغطي 65.3% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
- لا يوجد بلد آخر في العالم منفتح على التجارة الدولية بهذا القدر. ولعل إحدى المزايا التي تتفوق بها المكسيك على الصين، وبالتالي السبب وراء نقل قسم كبير من الإنتاج من هناك إلى المكسيك، هي الارتفاع الأبطأ في تكلفة العمالة.
- بالإضافة إلى ذلك، استثمرت الحكومة المكسيكية في التعليم الفني وتشجع بشكل خاص على وجود مهندسين جدد.
- وفقًا لوزارة الاقتصاد المكسيكية، يوجد حوالي 900 برنامج دراسات عليا للمهندسين، وعدد الخريجين من الجامعات التقنية يزيد على مئة ألف خريج، وهو أكثر من ألمانيا وكندا والبرازيل.
- كما أن الموقع الجغرافي للبلد جذاب أيضًا للشركات المصنعة. إن درجة القرب من الولايات المتحدة وكندا، وإمكانية الوصول إلى كل من المحيطين الهادئ والأطلسي، إلى جانب اتفاقيات مناطق التجارة الحرة القائمة، كلها عوامل تجعل من المكسيك مكانًا مناسبًا للغاية لمشهد التجارة الدولية.
- في السنوات القليلة الماضية، قامت المكسيك بتبسيط عملية تأسيس الأعمال التجارية بشكل كبير، حيث ألغت الحد الأدنى لرأس المال للشركات ذات المسؤولية المحدودة.
- ولأغراض إطلاق شركة تجارية، يُطلب من المستثمرين إجراء ستة إجراءات فقط تستغرق تسعة أيام. تنعكس كل هذه العوامل بشكل منطقي على جاذبية الاستثمار في البلاد.
- ووفقًا لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، في عام 2013، احتلت المكسيك المرتبة السابعة بين أكثر الدول جاذبية للاستثمار، مسجلة صعودًا خمس نقاط عن العام السابق.
المصدر: وورلد إيكونوميك
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}