يترقب صانعو السياسة الائتمانية في البنوك المحلية منذ شهر تقريباً، وتحديداً منذ انتهاء وقف التعيين بالوظائف القيادية وشغل الوظائف الإشرافية بشغف واسع حركة التعيينات الجديدة، لعلها تزيد الطلب على القروض الاستهلاكية والإسكانية ولو بشكل طفيف، بعد أن أنهى 2023 على أداء ائتماني ضعيف نسبياً بلغ نحو 1.5 في المئة على أساس سنوي.
وفي مسعى منهم لزيادة الأداء التشغيلي بدأ مسؤولو القروض في جميع البنوك فتح أعينهم أكثر على أصحاب التعيينات الجديدة المرتقبة من المواطنين، بعد أن أعلن ديوان الخدمة المدنية ترشيح 457 مواطناً ومواطنة للعمل لدى الجهات الحكومية، كدفعة جديدة من المرشحين للعمل من المسجلين لديه والراغبين بالعمل بوزارات وهيئات ومؤسسات الدولة.
وفي هذا الخصوص كشفت مصادر مسؤولة لـ«الراي» أنه كجزء من الاستعداد المصرفي للمنافسة الحامية المرتقبة على شريحة المعينين الجُدد من الكويتيين، والتي باتت على ما يبدو تُشكّل نقطة ضوء للنمو الائتماني بنفق المعطيات التشغيلية الحالية، طرحت غالبية البنوك عروضاً خاصة بأصحاب الرواتب الكويتيين، وتحديد الذين يرغبون في تحويل حساباتهم، من خلال تقديم مزايا نقدية تتراوح من مصرف لآخر، وبمتوسط يصل 500 دينار في العموم، وأحياناً تقدم البنوك عروضاً نقدية خاصة لأول 100 عميل تصل أحياناً إلى 1000 دينار، علاوة على ما توفره بطاقاتها من مزايا خاصة ليس أقلها الاسترداد النقدي.
محفظة القروض
ورغم ضعف العدد المستهدف بالاستقطاب والقيمة الائتمانية المرجوة قياساً بمحفظة القروض الاستهلاكية والإسكانية التي تُقارب 18.76 مليار دينار، إلا أن استقرار الائتمان الشخصي منذ بداية العام الحالي دون تغيير يذكر مقارنة بالعام الماضي، يُمثل امتداداً للتباطؤ الائتماني، ما يستدعي مصرفياً المنافسة على شريحة المعينين الجُدد التي باتت تُشكل نقطة ضوء للنمو التمويلي وفقاً للمعطيات التشغيلية الحالية.
وحسب بيانات بنك الكويت المركزي زاد إجمالي التسهيلات الائتمانية الشخصية بنهاية 2023 بنحو 0.284 مليار (+1.53 في المئة) على أساس سنوي، فيما شهدت انخفاضاً بسيطاً بنحو 80 ألفاً فقط على أساس شهري مقارنة بنوفمبر، وهو معدل تشغيلي غير مرض مصرفياً، ويضغط على أداء القطاع مالياً، معزّزاً بضعف نمو ائتمان قطاع الأعمال، لكن لماذا البنوك مهتمة بالقروض الجديدة للدرجة التي تراقب فيها التعيينات الجديدة؟
أرباح مدعومة
مبدئياً بينت المصادر أن ربحية البنوك عن 2024 ستبقى ثابتة ومدعومة بكفاءة قوية، لكن ضعف النمو الائتماني يُعرّضها لضغوط طفيفة، تسعى معها قطاعات التشغيل المختلفة في المصارف لتجاوزها، خصوصاً من بوابة القروض الاستهلاكية التي تُشكّل نحو 35 بالمئة من محفظة القروض الإجمالية، أخذاً بالاعتبار أن هذه المحفظة محمية بشكل جيدة لأنها موجهة إلى حدٍّ كبير للموظفين الحكوميين، الذين يتمتعون بمستوى مرتفع من الأمان الوظيفي.
ولفتت المصادر إلى أن هذه الحالة ترجع لأكثر من سبب لعل أبرزها الآتي:
1- مع ارتفاع أسعار الفائدة في العام الماضي قل طلب المواطنين على القروض الجديدة لحد كبير، وتحديداً غير الضرورية تلافياً للكلفة المرتفعة التي تصل حالياً إلى 7.25 في المئة، لكن المفارقة أن التوقعات المتزايدة عن احتمال خفض الفائدة دفع المقترضين المحتملين إلى تأجيل طلباتهم التمويلية، أملاً في الحصول على قروض بفائدة أرخص، وبين الحالتين تعرضت المحافظ الاستهلاكية والإسكانية إلى ضعف ائتماني.
2- تراجعت المنافسة بين البنوك على تسعير قروض التجزئة المقدمة للمواطنين في القطاعات الوظيفية المغرية، وذلك بعد أن أدت سياسة «الزيرو فائدة» إلى غلق نافذة استقطابات العملاء الجُدد من بنوك أخرى لسنوات، بحكم أن بنك الكويت المركزي يشترط لقبول جدولة القروض انتظام العميل في سداد 30 في المئة من إجمالي مديونيته، ما يعني مصرفياً أن العميل المعاد هيكلة قروضه لن يستطيع الانتقال إلى بنك آخر إلا بعد مرور تسديد نحو ثلث مديونيته.
3- لاتزال البنوك الكبرى ومعها بنوك متوسطة أخرى تغلق أبوابها على إقراض غير الكويتيين حتى الآن من باب الحذر، وإن شرعته يكون ذلك بمعدلات غير مؤثرة، ما يعني الاستغناء ائتمانياً في بعض المصارف عن شريحة كبيرة من هؤلاء العملاء، الذين قلت احتياجاتهم التمويلية أصلاً بضغط التغيرات الوظيفية التي طرأت على سوق العمل منذ تداعيات كورونا ولجوء بعضهم إلى مغادرة عائلاتهم.
4- منذ فترة تتعامل البنوك مع الموظفين الكويتيين المؤهلين للتقاعد بحذر أوسع، بعد زيادة وتيرة التقاعد الفترة الأخيرة.
5- تراجع زخم القروض العقارية الفترة الماضية أثر على حركة القروض، مع الإشارة إلى أن أي نشاط حاصل في هذا القطاع يعزز الطلب على قروض الأفراد بمعدل ملموس.
أول انخفاض للقروض منذ عامين
وفقاً لإحصائية بنك الكويت المركزي تراجع إجمالي القروض الشخصية الممنوحة من البنوك في فبراير الماضي بنحو 18 مليون دينار (-0.1 في المئة تقريباً) مقارنة بمستواها في يناير لتبلغ 18.479 مليار، ما يُعد أول انخفاض تشهده هذه القروض منذ نحو عامين، وتحديداً منذ يناير 2021 حيث تراجعت حينها إلى 17.248 مليار دينار مقارنة بـ17.25 مليار في ديسمبر من 2020.
وأدى هبوط القروض الشخصية الشهر الماضي إلى تقليص ارتفاعها منذ بداية 2023، أي خلال شهري يناير وفبراير، ليبلغ 2 مليون (+0.01 في المئة)، فيما وصل ارتفاعها 1.341 مليار (+7.82 في المئة) على أساس سنوي مقارنة بمستواها في فبراير من العام الماضي.
وسجلت القروض الاستهلاكية انخفاضاً بنحو 5 ملايين (-0.25 في المئة) الشهر الماضي لتبلغ 1.961 مليار نهاية فبراير مقارنة بـ1.966 مليار في يناير، فيما شهدت انخفاضاً بـ6 ملايين (-0.31 في المئة) خلال أول شهرين من2023، في حين حققت ارتفاعاً بـ123 مليوناً (+6.69 في المئة) مقارنة بفبراير 2022.
وعموماً بلغ إجمالي التسهيلات الائتمانية الممنوحة للمقيمين وغير المقيمين، نحو 52.696 مليار دينار نهاية فبراير الماضي، مرتفعة 233 مليوناً (+0.44 في المئة) على أساس شهري وبـ249 مليوناً (+0.47 في المئة) أول شهرين من 2023، فيما بلغ ارتفاعها 3.862 مليار (+7.91 في المئة) على أساس سنوي.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}