تواجه العملة الأوروبية الموحدة آفاقاً بالغة التعقيد هذا العام، والتي تتسم بوجود العديد من التحديات الاقتصادية، والتحولات السياسية مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في كثير من دول منطقة اليورو، فضلاً عن تصاعد وتيرة الصراعات العالمية.
واستطاع اليورو تحقيق مكاسب سنوية بلغت 3% أمام الدولار في عام 2023 بعد انخفاضه على مدار العامين السابقين، ومع بداية العام الجديد، فإن مخاوف الأسواق تجاه التضخم، وتشديد الحكومات الأوروبية لسياساتها المالية، يمكنها تشكيل مستقبل العملة الموحدة خلال الفترة القادمة.
الانتخابات والديناميكيات السياسية المتغيرة
- يستعد كثير من الدول الأوروبية بما فيها النمسا، وبلجيكا، وكرواتيا، والبرتغال، وسلوفاكيا، وغيرها لعقد انتخابات برلمانية أو رئاسية هذا العام.
- لكن جميع الأنظار تتوجه نحو انتخابات البرلمان الأوروبي المقرر عقدها في الفترة بين 6 إلى 9 يونيو، والتي من شأنها إحداث تحولات على صعيد المستويات العليا لصناعة القرار في كل من المفوضية والمجلس الأوروبيين، وإظهار مبادرات سياسية جديدة قد تؤثر على قيمة اليورو.
تحديات الصراعات العالمية ومخاوف التشديد المالي
- استقبلت منطقة اليورو عاماً جديداً محفوفاً بالمخاطر الناجمة عن الصراعات الجيوسياسية، وخاصة مع استمرار الصراع الروسي الأوكراني، وتصاعد وتيرة الحرب الدائرة في الشرق الأوسط، كما يتعين على حكومات المنطقة التعامل مع العديد من المتغيرات الاقتصادية المتشابكة فيما يتعلق بموازنة الاتحاد الأوروبي، وحتمية التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
- يتوقع أن تُشدد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي سياساتها المالية في عام 2024، لا سيما وأن المفوضية الأوروبية تتوقع انخفاضاً بالغاً في تدابير دعم الطاقة، الأمر الذي سوف يؤثر على الوضع المالي للتكتل الاقتصادي بشكل كبير.
- تعد مشكلة برنامج كبح الديون في ألمانيا مسألة حاسمة بالنسبة لمسار السياسة المالية الأوروبية، بعدما قررت المحكمة الدستورية في نوفمبر الماضي أن قسماً كبيراً من خطة الحكومة لبرامج المناخ والطاقة غير قانوني، لتعاني الموازنة العامة للبلاد عجزاً أولياً بقيمة 60 مليار يورو (65.4 مليار دولار) في العام المالي الجديد.
المسار المستقبلي للتضخم وآفاق السياسة النقدية
- شهد اقتصاد منطقة اليورو تعافياً قوياً في مرحلة ما بعد الوباء بدعم من انتعاش الطلب على الخدمات، لكن النمو الاقتصادي للمنطقة فقد الكثير من الزخم على خلفية أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة، وضعف الطلب الخارجي، وآثار التشديد النقدي.
- رغم توقعات استمرار تباطؤ معدلات التضخم في المنطقة مستقبلاً، فإن الإلغاء التدريجي لسياسة التشديد النقدي قد يبطئ وتيرة انخفاض الأسعار، وربما هذا هو ما دفع "كريستين لاجارد" رئيسة البنك المركزي الأوروبي للتأكيد على أن الوقت ليس مناسباً "لتخفيف الحذر" بشأن أسعار الفائدة عقب قرار التثبيت في ديسمبر، وهو نهج مختلف تماماً عن المتوقع من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
- تشير التوقعات الحالية للأسواق إلى احتمال خفض البنك المركزي الأوروبي للفائدة سبع مرات في عام 2024، بمقدار 25 نقطة أساس في المرة الواحدة.
توقعات كبرى البنوك العالمية بشأن سعر صرف اليورو في 2024
- تتوقع مجموعة "آي إن جي" الهولندية المتخصصة في الخدمات المالية والمصرفية، ارتفاع العملة الأوروبية الموحدة أمام نظيرتها الأمريكية إلى 1.15 دولار في عام 2024، بناء على تقديراتها بشأن التباطؤ المحتمل للاقتصاد الأمريكي وخفض الاحتياطي الفيدرالي للفائدة.
- ترى المجموعة أن ضعف النمو الاقتصادي في منطقة اليورو قد يدفع المركزي الأوروبي إلى خفض الفائدة على غرار نظيره الأمريكي، وهذا من شأنه الحد من ارتفاع قيمة اليورو.
- من جانبه، يتوقع "بنك أوف أمريكا" ارتفاع اليورو إلى 1.15 دولار بحلول نهاية العام الجاري، وأن قيمة العملة الأوروبية سوف ترتفع بسبب خفض الفائدة في الولايات المتحدة رغم التباطؤ المتوقع لاقتصاد منطقة اليورو، كما يرى المصرف الأمريكي أن اليورو مقوم بأقل من قيمته بنحو 15% أمام الدولار في الوقت الراهن.
- خلافاً للتقديرات السابقة، أبقى "سيتي جروب" توقعاته بشأن سعر صرف اليورو عند 1.02 دولار خلال فترة الـ 6 أشهر إلى 12 شهراً القادمة، ويرى أن ضعف الاقتصاد الأوروبي سوف يستمر في ظل تباطؤ الاستهلاك، وتراجع إجراءات التحفيز المالي.
المصدر: يورو نيوز
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}