نجحت "فيرفو – Fervo" الأمريكية الناشئة في تطوير نوع جديد من محطات توليد الكهرباء اعتماداً على الطاقة الحرارية الأرضية في أي مكان تقريباً، دون التقيد بالمواقع التي يتوافر بها مصادر المياه الساخنة بشكل طبيعي على غرار المحطات التقليدية التي لا توفر سوى جزء بسيط من إمدادات الطاقة العالمية.
وبدأ مشروع "ريد" الذي أنشأته الشركة في ولاية نيفادا الأمريكية بالتعاون مع "جوجل" في وقت سابق من الشهر الجاري، في تزويد إحدى شبكات الكهرباء المحلية التي تعتمد عليها الأخيرة في تشغيل خوادم البيانات، وذلك في إطار جهودها لتأمين احتياجات مراكز البيانات الخاصة بها من الكهرباء النظيفة على مدار الساعة.
ويختلف مشروع "ريد" عن المحطات التقليدية للكهرباء الحرارية، في كونه يعتمد على الحفر في الصخور الجافة تماماً لإنشاء ينابيع ساخنة اصطناعية، من خلال ضخ المياه في الآبار، لتعود إلى السطح مرة أخرى أكثر سخونة، ومن ثم استخدام البخار الناتج عنها في تدوير توربينات توليد الكهرباء.
وتعتمد طريقة الإنتاج الجديدة على استغلال تقنيات التكسيرالهيدروليكي للصخور التي طورها قطاع النفط والغاز، حيث قامت "فيرفو" بحفر بئرين بأعماق تتجاوز 7 آلاف قدم (2133.6 متر) قبل أن تتحولا للوضع الأفقي بالكامل عند القاع، ثم الربط بينهما عن طريق التكسير الهيدروليكي لإحداث تشققات في الصخور الفاصلة بينهما، ليتم ضخ الماء البارد من أحد البئرين، ويخرج من الآخر بدرجة حرارة عالية بما يكفي لتشغيل توربينات الكهرباء.
وأعلنت "فيرفو" أن تقنيتها حققت نجاحاً هذا الصيف بعد فترة من الاختبار استمرت لمدة شهر، وصلت خلالها درجة الحرارة في قيعان الآبار إلى 375 فهرنهايت (191 درجة مئوية)، وهو ما يكفي لتدفق كمية من المياه الساخنة عبر نظام الإنتاج لتوليد قرابة 3.5 ميجاواط من الكهرباء.
وأوضح "تيم لاتيمر" الرئيس التنفيذي لدى "فيرفو" أن معدل الإنتاج ظل ثابتاً إلى حد ما منذ انتهاء التجارب، الأمر الذي يوضح جاهزية المشروع للتوصيل بشبكة الكهرباء على المدى الطويل، كما أنه تم حفر الآبار في موقع نيفادا بالقرب من المحطة التقليدية للطاقة الحرارية الأرضية حتى يمكن للمشروع الاستفادة من التوربينات وخطوط الكهرباء الموجودة بالفعل للتوصيل بالشبكة، وفق ما نقلته مجلة "وايرد".
وقال "لاتيمر" إنه في حين يعد إنتاج المشروع منخفضاً دون التقديرات الأولية التي أعلنت عنها كل من "فيرفو" و"جوجل" سابقاً عند 5 ميجاواط، فإن إجراء مزيد من التعديلات على نظام الإنتاج سوف توفر مزيداً من الكهرباء مستقبلاً، مشيراً إلى أن هذا هو أول مشروع من نوعه يحقق مثل هذا المستوى المتفوق من الأداء.
ويذكر أن "جوجل" أقدمت خلال السنوات الأخيرة على شراء ما يكفي من الطاقة المتجددة، لتغطية الاحتياجات السنوية لمراكز البيانات التابعة لها من الطاقة، لكن قد يحدث أن تحصل الشركة على بعض الإمدادات من مصادر ملوثة للبيئة في أي وقت من اليوم، نظراً لاتصال بعض محطات الكهرباء التي تعمل بالوقود التقليدي بالشبكة.
وتستهدف "جوجل" تأمين كامل احتياجات مراكز بياناتها من الطاقة النظيفة القادمة من الشبكات المحلية على مدار الساعة طوال السنة بحلول عام 2030، ويقول "مايكل تيريل" مدير شؤون المناخ والطاقة في الشركة: "هناك مجموعة صغيرة جدًا من الخيارات التكنولوجية المتاحة التي يمكننا توسيع نطاق استخدامها"، لكن المحطة الجديدة للطاقة الحرارية الأرضية في نيفادا هي التقنية الأولى المتوفرة حالياً للحصول على كهرباء نظيفة بعد طاقة الرياح، والطاقة الشمسية، وبطاريات أيونات الليثيوم، ورغم عدم كفاية إنتاجها لتوفير احتياجات مركز نموذجي للبيانات، لكن مفهوم التقنية الجديدة أثبت نجاحه.
ولا تزال التقنية الجديدة تواجه عددًا من المخاطر رغم دخولها مرحلة الإنتاج الفعلي، ويأتي على رأسها مشكلة ارتفاع التكاليف الأولية للمشروع بسبب ضرورة حفر آبار بأعماق تصل إلى آلاف الأقدام للوصول إلى الصخور الساخنة بدرجة كافية، وفي حين يوفر الجرانيت الموجود أسفل مناطق غرب الولايات المتحدة ظروفاً مثالية لأنظمة الطاقة الحرارية الأرضية المتقدمة نظراً لاحتفاظه بالحرارة على أعماق منخفضة نسبياً، وافتقاره إلى الشقوق الطبيعية التي قد تعمل على تسرب المياه، لكن الحفر في هذا النوع من الصخور الضخمة وعالية الصلابة أمر بالغ الصعوبة.
وقد لا يتمكن المشروع من الحصول على ما يكفي من الحرارة، أو ضخ المياه الكافية لتشغيل المحطة بعد الانتهاء من الحفر، كما تسببت بعض التجارب السابقة للمشروعات المماثلة في إحداث زلازل مدمرة عن طريق الخطأ بسبب العوائق الطبيعية، الأمر الذي قد يتسبب في إبعاد المستثمرين المهتمين بتوزيع مبالغ صغيرة على تطوير تقنيات مختبرية جديدة وواعدة، أو تقتيات أكثر رسوخاً مثل الطاقة الشمسية، حسب رؤية "لاتيمر".
ومن المقرر بدء تشغيل المشروع الثاني لشركة "فيرفو" في مقاطعة بيفر بولاية يوتا الأمريكية عام 2026، بطاقة إنتاجية متوقعة عند 400 ميجاواط، ليتجاوز إنتاج مشروع "ريد" الحالي بفارق كبير.
المصدر: وايرد (Wired)
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}