في كتابهما الجديد "عندما تأتي ماكنزي إلى المدينة: التأثير الخَفِي لأقوى شركة استشارية في العالم"، قام الصحفيان الاستقصائيان والت بوجدانيتش ومايكل فورسايث بتحطيم الصورة المضيئة لشركة ماكنزي والتي لطالما كانت معروفة بأنها عملاق الاستشارات.
تلك الشركة التي وصفها مركز "Vault" للأبحاث بأن " شهرتها طبقت الآفاق"؛ مع وجود أكثر من 30 ألف موظف موزعين على عشرات المكاتب في جميع أنحاء العالم، حيث تخدم ماكنزي 90 من أكبر 100 شركة في العالم بالإضافة إلى مجموعة من الحكومات والمؤسسات البارزة.
ولا تكتفي ماكنزي بتحقيق ما يربو على 10 مليارات دولار من العائدات السنوية؛ بل تصور الشركة نفسها على أنها "منظمة تحركها القيم" وأنها مكرسة لإحداث "تغيير إيجابي ودائم في العالم"، وتمجد مبادراتها البيئية والاجتماعية.
- يُظهر كتاب بوجدانيتش وفورسيث صورة مغايرة تمامًا. حيث يكشف المؤلفان عن ممارسات الشركة المشبوهة مع شركات الوقود الأحفوري وصانعي السجائر وموزعي المواد الأفيونية والأنظمة الاستبدادية.
- في عمل بارع للصحافة الاستقصائية، اخترق بوجدانيتش وفورساث "ثقافة السرية" لماكنزي؛ وهي عملية يصفونها بأنها "شبيهة بمطاردة الظلال"؛ للكشف عن تضارب المصالح والفساد والنفاق والأخطاء الإستراتيجية التي تُعد بمثابة لائحة اتهام للمدعي العام.
- وإلى جانب الخطايا العديدة التي كشفها المؤلفان، تم كشف النقاب عن مجموعة من أخطر الممارسات المشبوهة؛ حيث تورطت الشركة في مهام مشبوهة لعملائها، ومساعدتهم على التحايل على اللوائح، والتهرب من المسؤولية عن الأضرار السامة والمخالفات الجنائية، وتجنّب دفع نصيبهم العادل من الضرائب.
- بيد أن النفاق هو أكثر السمات المقيتة التي يبرزها الكتاب. على سبيل المثال، أثناء الترويج لمبادرات الحد من الكربون كان لدى ماكنزي قائمة من العملاء تضمنت على الأقل 43 ملوثًا رئيسيًا للكربون منذ عام 2010.
- كما قدمت المشورة للحكومات الصينية والروسية في الوقت الذي انضمت فيه إلى الميثاق العالمي للأمم المتحدة لدعم جهود مكافحة الفساد وحقوق الإنسان.
- كان السلوك الأكثر إثارة للصدمة الذي تم سرده في الكتاب يتعلق بدور ماكنزي في أزمة المواد الأفيونية. كتب المؤلفان أنه لتسوية التحقيقات الحكومية في دورها في مساعدة شركة بوردو "فارما" على زيادة مبيعات المواد الأفيونية عندما كان الآلاف من الناس يموتون من الجرعات الزائدة، وافقت الشركة على دفع أكثر من 600 مليون دولار حتى بالرغم من نفيها ارتكاب أي مخالفات.
- ولكن على الرغم من سلسلة الحوادث المؤسفة في الكتاب، بخلاف مشكلة المواد الأفيونية وفضيحة فساد في جنوب إفريقيا، نادرًا ما "يُحاسب" "الأب الروحي للاستشارات الإدارية" على أفعاله السيئة.
- إن حقيقة عدم علم المنظمين أو الجمهور أو معظم موظفي ماكنزي بهذه الأحداث الدنيئة إلى أن تسلط وسائل الإعلام الضوء عليها هي شهادة على براعة المؤلفين كمراسلين استقصائيين.
- الأمر الوحيد المفقود في هذا الكتاب الرائع هو السياق. والتأكد مما إذا كانت هذه التجاوزات تمثل جزءًا صغيرًا من أعمال ماكنزي أم دورًا مركزيًا وممنهجًا في عملياتها.
- ومع ذلك، فإن قلة من الناس يطالبون بإحداث تغييرات جوهرية في هذه المهن. ما يجعل إصلاح الثقافة في هذه الشركات أمرًا صعبًا هو أنه بخلاف أولئك الذين يخالفون القانون أو يتورطون في فضيحة كبرى، دفع عدد قليل من الناس ثمنًا اجتماعيًا أو مهنيًا أو نقديًا لعملهم في مشاريع مشكوك فيها.
- في حالة ماكنزي، فقد عدد قليل فقط من الأشخاص وظائفهم بسبب الأحداث التي تم توثيقها في هذا الكتاب. ولكن نادرًا ما عانى أعضاؤها من الإضرار بسمعتهم بسبب انتمائهم إلى الشركة.
- بغض النظر عن مقدار الأعمال الخيرية وغيره من البرامج الجديرة بالثناء التي قد تقوم بها ماكنزي وغيرها من شركات الخدمات المهنية الرائدة - فإن جزءًا من دخلها مرتبط بعمل مشكوك فيه أخلاقياً.
- أخيرًا يبقى السؤال الأهم؛ إلى أي مدى ستتغير الأمور إذا أجرت شركة ماكنزي إصلاحات، والتي تعهدت بالقيام بها ردًا على فضائحها المعلنة؟
- ربما إلى حد كبير؛ إذا نفذت ماكنزي الإصلاحات بجدية. أو ربما لن تتغير على الإطلاق.
- كما أعلنت الشركة في دحض شكوى أحد الشركاء المحبطين بشأن عمل ماكنزي نيابة عن صناعة الوقود الأحفوري: "إذا لم نخدم عملاءنا في قطاع الفحم، فإن غيرنا سيفعل ذلك."
المصدر: واشنطن بوست
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}