نبض أرقام
12:38 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/22
2024/11/21

ما الانعكاس المعرفي؟ وكيف يمكن للمتعاملين في سوق الأسهم استغلاله لتحقيق المكاسب؟

2023/03/10 أرقام - خاص

هل يتخذ الإنسان قراراته وفقًا لمنطق معين أم يتركها وفقًا للصدفة والحظ..؟ وهل أغلب البشر "متسرعون" في اتخاذ قراراتهم بالفعل؟

 

في محاولة للإجابة عن هذه التساؤلات، قدم العالم "تشان فريدريك" أحد أهم الاختبارات التي تم إعدادها في علم النفس خلال الأعوام الأخيرة، ويعرف باختبار الانعكاس المعرفي (أو الإدراكي)، والذي يسعى من خلاله لتبيان طريقة اتخاذ من يخضع للاختبار لقراراته، وكيفية تفكيره بشكل منطقي ومُرتب، ومدى ذكائه أيضًا.

 

 

أسئلة للمنطق

 

وأعد "فريدريك" الاختبار ليقدم قياسًا لأكثر من عنصر، لكن أهم أسئلة قدمها في اختباره تعلقت بالقدرة على التحليل المنطقي وتجنب التسرع في تقديم الإجابات التي "تبدو صحيحة" على حساب التفكير وتقديم الإجابات الصحيحة حقًا.

 

وأشهر ثلاثة أسئلة في الاختبار هي أسئلة المنطق:

 

1- إذا كان لديك مضرب وكرة، وكانا معًا بـ22 ريالًا، وكان المضرب أغلى من الكرة بـ20 ريالًا، فكم يكون سعر الكرة؟
 

2- إذا كانت 5 ماكينات تستغرق 5 دقائق لإنتاج 5 قطع ملابس، فكم من الوقت تستغرق 100 ماكينة لإنتاج 100 قطعة ملابس؟
 

3- هناك بقعة على بحيرة تتضاعف كل يوم، فإذا استغرقت البقعة 48 يومًا كي تغطي البحيرة بأكملها، فكم استغرقت لكي تغطي نصفها؟

 

فلو كانت الإجابات عن الأسئلة السابقة هي (2 و100 و24 على التوالي) فهي إجابات خاطئة، رغم أنها إجابة غالبية من خضعوا للاختبار (بنسب متفاوتة لكنها تزيد على 60% بها جميعًا).

 

فسعر الكرة ريال واحد لأن سعر المضرب 21 ريالًا وهكذا يكون الفرق بينهما 20 ريالًا ومجموعهما 22 ريالًا، وفي السؤال الثاني فإن إنتاج آلة واحدة لقطعة ملابس يستغرق 5 دقائق، لذا فإن إنتاج 100 آلة لمائة قطعة ملابس يستغرق 5 دقائق أيضا، وفي النهاية بما أن البقعة تتضاعف يوميًا فقد بلغت نصف حجم البحيرة في اليوم 47 لأنه 0.5*2= 1 أي كامل مساحة البحيرة.

 

 

الانعكاس المعرفي على عالم الأسهم

 

ولعل هذا الاختبار يعد أكبر شارح لفقاعات أسواق الأسهم بشكل كبير، فعندما يرى الكثير من المتداولين رسمًا بيانيًا صاعدًا للسوق لا يملكون إلا رؤيته مستمرًا في الصعود، ولا يرى كثيرون انكسارًا في هذا الصعود أو انعكاسًا له.

 

وتشير دراسة لـ"ريسيرش جيت" إلى أن 92% من المتعاملين في سوق الأسهم في أوقات السوق الصاعدة (الثيران) لا يتحسبون لانعكاس المنحنى بل يظلون يدفعون بما لديهم من سيولة باستمرار في الأسواق طمعًا في المزيد من المكاسب ورهانًا على استمرار الأسواق في الصعود.

 

وفي المقابل فإن أكثر من 81 % من المتعاملين في سوق الأسهم في أوقات الهبوط (الدببة) لا يتحسبون لارتفاعها، ولعل اختلاف النسبة بين المتحسبين للهبوط إبان أسواق الثيران والمتحسبين للارتفاع إبان أسواق الثيران يؤكد تغلب "الأمل" على الخوف في الأسواق بشكل عام ويبرر ارتفاعها بشكل يفوق تراجعها تاريخيًا.

 

ويشير الملياردير والمستثمر الأمريكي الشهير "كارل إيكان" إلى أن تحسبه لارتفاع وانخفاض قيمة الأصول والأسهم كان السبب الرئيسي وراء ثروته الكبيرة، معتبرًا أنه لا يوجد منحنى "دائم" سواء بالصعود أو بالتراجع وهو ما يعد تأكيدًا على فكرة غياب الانحيازات المتعلقة باختبار الانعكاس الإدراكي لدى الملياردير الشهير.

 

ويقول "إيكان" إنه على المرء ألا يشتري "غير المرغوب فيه" لأنه يكون رخيصًا، ولكن بالطبع بعد انتقائه والتأكد من قيمته العالية رغم عدم الرغبة به، وهو في ذلك يؤكد أيضًا رؤيته لدخول السوق في أوقات التراجع- بعد حسابات دقيقة بالطبع- ضمانًا لشراء الأسهم في أوقات القيعان وتحقيق أرباح قياسية.

 

هل "الاتجاه العام" صديقك حقا؟

 

والشاهد أن هناك نصيحة يقدمها كثيرون للمتداولين في سوق الأسهم وهي "TREND IS YOUR FRIEND " أو أن الاتجاه العام للسوق (التيار) هو صديقك، فلا تعاديه ولا تسر ضده وإلا تسبب ذلك في خسارتك.

 

وعلى الرغم من أن هذه النصيحة تبدو منطقية في بعض الأحيان لأن الشراء وقت تراجع السوق يكبد صاحبه الخسائر –إذا استمر التراجع- والبيع وقت ارتفاعه يفقده مكاسب محتملة، ولكن السير في "قطيع" السوق أيضًا لا يؤدي للمكاسب، حيث إن أي منحنى صاعد أو متراجع سينعكس حتمًا ووقتها يكون التغير سريًعا لأنه يكون مصحوبًا بشراء الجشع أو بيع الهلع.

 

 

وانعكاسًا على ذلك فإن أكثر من 67% من المتعاملين في سوق الأسهم يتبنون بشكل أو بآخر نظرية أن "الاتجاه صديقي" ويشتري مع المشترين ويبيع مع البائعين، ويتكبدون الخسائر أو يحققون أرباحًا تقل عن أرباح السوق بينما "يهزم السوق" (أي يتفوق في نسبة أرباحه عن المتوسط) من يتجنب السير في ركب السوق بلا تحليل خاص.

 

وهنا يبدو الأمر متعلقًا بنظرية الانعكاس المعرفي، فهؤلاء الذين خضعوا من قبل للاختبار يحققون نتائج أفضل من هؤلاء الذين لم يخضعوا له بنسبة تفوق 54%، بما يعني أن "الخبرة" في هذا الأمر حيوية، وهو الأمر ذاته الذي ينطبق على سوق الأسهم والمتعاملين فيه.

 

فهؤلاء الذين خضعوا للاختبار من قبل يعلمون أنه كثيرًا ما لا تكون "أول إجابة" هي الصحيحة، وأن بعض الاسئلة التي تبدو شديدة السذاجة قد تكون فخًا في واقع الأمر وهو ما ينبغي على المتعاملين في سوق الأسهم إدراكه بشكل أو بآخر.

 

التحذير من "الخدعة"

 

ففي اختبارات أسئلة المنطق لاختبار الانعكاس المعرفي، عندما تم إخبار المشتركين بأن الأسئلة "قد تكون خادعة" ارتفعت نسبة الإجابات الصحيحة بنسبة 38% بما يعكس أن البعض قرر إيلاء الأمر وقتًا أطول وأهمية أكبر بما أدى لتحسن في النتائج.

 

فلا يجب أن تكون إجابة 91% من المتعاملين في سوق الأسهم الأمريكي قبل عامين في استطلاع رأي أن السوق سيواصل النمو "بالتأكيد" لسنوات طويلة، وهو ما تأكد عدم صحته لاحقًا بل دخل السوق في مرحلة تصحيحية أو مرحلة دببة خلال 2022، فهذا نوع من الخلل في الانحيازات الذي يستهدفه اختبار الانعكاس المعرفي.

 

فالدراسات تؤكد أن 70% من الناس بشكل عام لا يغيرون انطباعاتهم الأولى عن أي شيء أو أي شخص، وإذا كان هذا الأمر ممكنًا بدرجة ما في أشياء ثابتة وغير متغيرة (مع التأكد من صحة المنطق والمعلومات المتوافرة)، ولكنه غير صالح بالمرة لسوق تتغير باستمرار مثل سوق الأسهم، التي تتبدل بين عشية وضحاها، بل خلال ساعات ودقائق.

 

 

وهناك نظرية مقابلة لنظرية الانعكاس الإدراكي وهي نظرية الحسابات المنطقية، وتدعو الأخيرة لتجنب اتخاذ المواقف بناء على "أول ما يطرأ على الذهن" وتدعو للتوقف واستخدام "القواعد العلمية الصحيحة" وتجنب الاعتماد على الحدس و"الإحساس" في اتخاذ القرارات.

 

وتشير النظرية المقابلة إلى أنه في كثير من الأحيان ما يخطئ الأشخاص بسبب تخصيصهم وقتًا "أقل مما ينبغي" في التفكير، بدعوى أن الأمر سهل ولا يتطلب جهدًا، وأنه لو قاموا بتخصيص وقت أقل بنسبة 20-50% فقط ستكون النتائج أفضل بنسبة تفوق النصف.

 

فمن يخطئ في حساب قيمة المضرب والكرة ليس جاهلًا بقواعد الحساب وتكوين معادلة بسيطة (الجبر)، ولكن التسرع والاعتقاد بسهولة الأمر تقوده إلى الخطأ، وهذا ما يحدث للكثير من المتعاملين في سوق الأسهم في قراراتهم المتسرعة بناء على ما يبدو عليه الأمر وليس على الحقائق والأمر الواقع.

 

 

المصادر: أرقام- ريسيرش جيت- فورنتيرز- دراسة " Cognitive reflection vs. calculation in decision making".

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.