يبدو أن بعض الشركات، وتحديداً مزدوجة عملة الميزانية، تسعى إلى تفادي كلفة قروضها العالية، وتحديداً المسجلة على الدولار، بإقرار معالجات تمويلية مع البنوك الدائنة، تضمن لها تخفيض تكلفة الأموال، التي شهدت ارتفاعاً ملموساً خلال الفترة الأخيرة، مع الزيادات المتلاحقة لسعر الفائدة على الدولار.
وفي هذا الخصوص، كشفت مصادر مسؤولة لـ«الراي» أن شركات بينها كيانات مدرجة في البورصة زادت أخيراً قروضها بالدينار، مقابل تقليص مديونياتها بالدولار، رغم حاجتها إلى سيولة بالعملة الخضراء، مبينة أن من بين قائمة التمويلات المشمولة تسهيلات وصلت قيمتها إلى 20 مليون دينار.
وذكرت المصادر أن هذه الشركات أوقفت قروضها بالدولار، وكذلك طلباتها التمويلية القائمة والمرتقبة بهذه العملة، مقابل الحصول على قروض موازية القيمة بالدينار، مرجحة توسع هذا التوجه في الفترة المقبلة لدى شريحة أكبر من الشركات التي لديها قروض بالدولار، أو التي تحتاج إلى سيولة دولارية لتمويل أعمالها.
وحسب المصادر من المرتقب أن تشمل حركة التمويلات النشطة بالعملة المحلية طلبات مقترضين جدد، ما يغذي التساؤل حول الأسباب التي تدفع شركات محلية إلى استبدال عملة قروضها التي تناسب في الأساس طبيعة استثماراتها بالدينار؟
كيانات استثمارية
من حيث المبدأ، يمكن القول إن ميزانية العديد من الشركات كانت مبوّبة حتى أسابيع ماضية بقروض دينارية وأخرى دولارية، وتفسير ذلك يرجع إلى أن لدى هذه الكيانات استثمارات بالعملة المحلية، وأخرى بالعملة الخضراء، ما يجعل قوائمها المالية تتضمن تمويلات بالعملتين وحسب وزن كل استثمار لديها والحاجة التمويلية.
لكن بعض الشركات ذات الميزانيات مزدوجة العملة تحركت في الفترة الأخيرة تجاه بنوكها الدائنة لتوحيد عملة قروضها، لتكون جميعها بالدينار بدلاً من الدولار، حيث أوقفت تمويلاته، في وقت طلبت فيه تسهيلات بالدينار.
ولعل السبب الرئيس الذي أغرى صانعي السياسة الائتمانية لهذه الشركات لتوحيد عملة ديونهم بالدينار، تجاوز الدولار لفائدة الدينار، بنحو 1 في المئة، حيث لا يزال سعر الخصم على الاقتراض بالعملة المحلية عند 3.5 في المئة مقابل 4.25 إلى 4.5 في المئة فائدة مقررة من مجلس الاحتياطي الأميركي «الفيديرالي» على الدولار.
التمويل الجديد
وما يؤكد ذلك أنه بعد إيداع التمويلات الجديدة المقوّمة بالدينار في حسابات هذه الشركات، يطلب مسؤولوها من البنك الدائن مبادلتها بالدولار، لتوفّر سيولة بالعملة الخضراء، وبالتالي تستمر في تغطية احتياجاتها التمويلية وفقاً للمخطط دون أي تغيير، سوى تحقيق مكاسب إضافية مكوّنة من فارق الفائدة.
فالشركات، خصوصاً المصنفة مصرفياً على أنها ضمن الشريحة المفضلة ذات الجدارة الائتمانية العالية، تستطيع الحصول على قروض مقوّمة بالدينار بهامش فائدة بين 1 و2 في المئة فوق سعر الخصم، وبالتالي تصل تكلفة أموالها إلى 5.5 في المئة بحد أقصى، في حين أنه سيكون على هذه الشركات نفسها إذا حصلت على قرض بالدولار من البنك الدائن نفسه دفع فائدة تصل 7.5 في المئة، ما يجعل الاقتراض بالدينار أرخص لها مقارنة بتسعير الدين بالدولار.
ومحاسبياً، تستطيع الشركات التي تستبدل قروضها بالدولار بأخرى مقوّمة بالدينار ومن ثم تُغيّر عملة القرض الجديد من الدينار إلى الدولار، تقليل تكلفة الأموال في دفاترها، سواء الخاصة بتمويل أعمالها أو دفع تمويلاتها بمعدلات تبدأ بـ2 في المئة، وهي النسبة المحققة من هامش الفائدة المسجل بين القروض بالدينار والدولار، ومن ثم تكون هذه الشركة أمام فرصة تحسين عوائدها الفترة المقبلة بالأعمال نفسها دون إحداث أي تغيير.
ونوهت المصادر إلى أن مسؤولي البنوك يعتقدون أن هذا التوجه سيتنامى خلال الفترة المقبلة مع اتجاهات الفائدة المرجح أن تكون تصاعدية عالمياً، خصوصاً إذا استمر اتساع الهامش بين الدينار والدولار بهذه المعدلات.
خطوة سابقة
وبافتراض أن بنك الكويت المركزي قرر ضمن سياسته المتدرجة مع الفائدة رفعها بواقع 50 نقطة سواء بخطوة سابقة أو لاحقة لـ«الفيديرالي»، سيظل التسعير محلياً محافظاً على الهامش نفسه بين فائدة الدينار والدولار دون تغيير، ما يحفّز الشركات المقترضة على استبدال قروضها بالدولار إلى دينار، بغرض دفع فائدة أقل.
ومصرفياً يعني توجه بعض الشركات لاستبدال قروضها بالدولار إلى أخرى مقوّمة بالدينار زيادة طلبها على ودائع الدينار، وهذا سبب إضافي يفسّر اشتعال المنافسة في الفترة الأخيرة بين بنوك محلية على استقطاب الودائع بالدينار، وزيادة أسعارها إلى معدلات غير مسبوقة منذ العام 2008.
وتعزز التوقعات حول استمرار تطبيق سياسة رفع الفائدة مقابل التدرج محلياً إستراتيجية الإقبال على الاقتراض بالدينار، حيث تحفّزها الاتجاهات المتوقعة للفائدة على بناء مراكز تمويلية مبكراً استفادة من الأسعار الحالية، أخذاً بالاعتبار أنه من المرتقب أن يزيد «الفيديرالي» في اجتماعه المرتقب 1 فبراير الفائدة بواقع نصف في المئة.
طلب مصرفي مستمر على الودائع
رجحت مصادر مصرفية استمرار طلب المصارف خلال الفترة المقبلة على الودائع بالدينار بمعدلات كبيرة، لا سيما من قبل بعض البنوك، مدفوعة بأكثر من سبب.
وبينت المصادر أن أبرز الأسباب التي تحفّز البنوك على تضييق هامش ربحيتها بين قروضها وودائعها حاجتها لترتيب سلم استحقاقاتها بما يتوافق مع متطلبات المعايير الرقابية، موضحة أنه كلما زادت الحاجة ارتفع طلب البنك إلى الحدود التي تتقارب فيه تكلفة قروضه مع ودائعه.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}