كيف تفوق البيزو المكسيكي والريال البرازيلي على عملات الدول المتقدمة؟

2022/10/24 أرقام

رغم الارتفاع الحاد في قيمة الدولار الأمريكي على مدار الفترة الماضية، تفوقت عملتان من أمريكا اللاتينية - الريال البرازيلي والبيزو المكسيكي - على نظيراتها في مجموعة الدول العشر "جي 10" والأسواق الناشئة الأخرى خلال عام 2022.

 

وبينما وصل مؤشر الدولار - الذي يقيس أداء العملة أمام سلة من ست عملات رئيسية - إلى أعلى مستوياته في 20 عامًا في أواخر سبتمبر، ارتفع الريال البرازيلي بنسبة 7.2% مقابل الدولار خلال العام الحالي حتى أوائل أكتوبر، بينما صعد البيزو المكسيكي بنسبة 2.5%.

 

على جانب آخر، لم تحقق عملات أمريكا اللاتينية الأخرى - مثل السول البيروفي الجديد والبيزو الكولومبي - مكاسب صافية مقابل الدولار هذا العام، إلا أنها لا تزال أفضل أداءً من نظيراتها في الاقتصادات المتقدمة مثل اليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني، فكيف إذا استطاعت هذه العملات تحقيق هذا الارتفاع؟

 

 

سياسات البنوك المركزية

 

- في يونيو 2022، أوضح تقرير لـ "أكسفورد بيزنس جروب" أن الأسواق الناشئة كانت في وضع أفضل للتعامل مع التحدي المالي المتمثل في ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية مقارنة بالماضي بفضل تدابير السياسة النقدية من قبل البنوك المركزية، وارتفاع احتياطيات العملات الأجنبية، وتنوع الاقتصادات والعلاقات التجارية.

 

- وكان البنك المركزي البرازيلي الأكثر اندفاعًا، حيث نفذ 12 عملية رفع متتالية لسعر الفائدة من 2% في مارس 2021 إلى 13.75% الشهر الماضي، لكنه أشار إلى أنه سيوقف هذه التحركات بعدما سجلت أسعار المستهلكين انخفاضًا لشهرين متتاليين.

 

- وبالمثل، رفعت المكسيك الفائدة بمقدار 5.25% منذ يونيو 2021، بما في ذلك زيادة قدرها 0.75% في التاسع والعشرين من سبتمبر ليصل معدل الفائدة إلى 8.5%، في محاولة لكبح تسارع التضخم.

 

- كما أدت أسعار الفائدة المرتفعة في البرازيل والمكسيك إلى خلق عوائد أقوى للمستثمرين مقارنة بانخفاض عوائد سندات الخزانة الأمريكية، مما ساهم في الأداء الإيجابي للعملة البرازيلية والمكسيكية.

 

- ومن خلال كونهما متقدمتين على الولايات المتحدة فيما يتعلق بزيادة أسعار الفائدة، ساعد ذلك كلا البلدين في حماية اقتصاداتهما ضد ارتفاع الدولار.

 

ارتفاع أسعار السلع الأساسية

 

- أدى ارتفاع أسعار السلع الأساسية العالمية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا والحظر الذي أعلنه الاتحاد الأوروبي على واردات النفط المنقولة بحراً من روسيا في يونيو إلى إتاحة الفرص لبلدان أمريكا اللاتينية لزيادة الإنتاج والاستحواذ على حصة في السوق العالمية.

 

- وكان لهذا تأثير إيجابي على الدول الرئيسية المنتجة للنفط مثل البرازيل والمكسيك، إذ ارتفعت عائدات تصدير النفط الخام من شركة البترول المملوكة للحكومة المكسيكية "بيمكس" إلى 22.3 مليار دولار خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2022، بزيادة قدرها 42% عن الفترة نفسها من عام 2021.

 

 

- وفي الوقت نفسه، زادت البرازيل من إنتاجها النفطي بشكل مطرد في السنوات الأخيرة، وساهم إنتاجها البالغ 3 ملايين برميل يوميًا في تحقيق أول فائض في ميزانية البلاد منذ تسع سنوات خلال عام 2022.

 

- ورغم انخفاض صادرات البرازيل إلى الصين - أكبر مشتر لها - بنسبة 36% في النصف الأول من العام، إلا أنها زادت الصادرات إلى الأسواق الأخرى، لا سيما الولايات المتحدة وإسبانيا.

 

- وقفزت إيرادات البرازيل بنسبة 30% على أساس سنوي إلى 19.3 مليار دولار في النصف الأول من هذا العام بفضل ارتفاع أسعار النفط، كما تستهدف زيادة إنتاج النفط بنسبة 70% بحلول نهاية العقد.

 

الاتجاه نحو اقتصادات جديدة

 

- في العام الماضي، توقع العديد من المحللين أن تتطلع الولايات المتحدة إلى أمريكا اللاتينية لتلبية احتياجاتها التصنيعية والواردات من الدول الأقرب إلى الوطن، وبالفعل زادت التجارة بين الولايات المتحدة ودول أمريكا اللاتينية.

 

- ونظرًا لأن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووباء "كوفيد-19" قد حولت التصنيع بعيدًا عن الصين، فقد جذبت البرازيل والمكسيك استثمارات جديدة بهدف تلبية الطلب في الاقتصادات المتقدمة المجاورة.

 

- وارتفعت الواردات المكسيكية إلى الولايات المتحدة إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في عام 2022، لتتراوح بين 37 مليار دولار و 41 مليار دولار، كما أصبحت المكسيك الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة في أغسطس، وكانت صادرات أجهزة الحاسب الآلي وسيارات الركاب وقطع غيار السيارات في المقدمة.

 

- كذلك وصلت التجارة بين البرازيل والولايات المتحدة إلى مستوى قياسي بلغ 42.7 مليار دولار في النصف الأول من عام 2022 ، بزيادة قدرها 43% عن العام السابق، عندما كان لدى البلدين أكبر حجم تجارة في التاريخ.

 

- حتى إن الصين سعت أيضًا إلى الاستثمار في منشآت التصنيع في المكسيك لتفادي التعريفات الأمريكية وخفض تكاليف التوصيل إلى الولايات المتحدة.

 

 

مخاطر تلوح في الأفق!

 

- تعتبر قوة العملة مقابل الدولار الأمريكي أمرًا إيجابيًا في معظم الجوانب، لكنها يمكن أن تسبب تحديات حيث قد يؤدي تباطؤ أو ركود الاقتصاد العالمي إلى إضعاف أسعار السلع الأساسية وبالتالي الضغط على الريال البرازيلي والبيزو المكسيكي.

 

- ويبدو هذا القلق أكثر وضوحًا بالنسبة للمكسيك التي يرتبط اقتصادها ارتباطًا وثيقًا بالولايات المتحدة، حيث إن التحويلات المالية من الولايات المتحدة - التي ارتفعت خلال الوباء وظلت قوية في عام 2022 - ستنخفض في مثل هذا السيناريو، مما يقلل من تدفق الدولارات إلى البلاد ويضعف البيزو المكسيكي.

 

- على جانب آخر، المخاطر أمام البرازيل أكثر تنوعًا، لكن أكثرها إلحاحًا يتعلق بالسياسة الداخلية بالنظر إلى حالة عدم اليقين المستمرة المحيطة بالانتخابات الرئاسية، ومن المقرر أن ينتهي التصويت بالجولة الأخيرة في الثلاثين من أكتوبر.

 

- الخطر الرئيسي الآخر أمام البرازيل هو اعتمادها على صادراتها إلى الصين، ففي عام 2020، استحوذت الصين على 73.1% من صادرات البلاد من فول الصويا، و 70.1% من خام الحديد و 57.3% من النفط.

 

- وفي ظل توقعات تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني من 8.1% في عام 2021 إلى ما يقرب من 3.2% في عام 2022 بسبب أزمة سوق الإسكان وعمليات الإغلاق التي فرضتها سياسة "صفر كوفيد"، يتأكد التأثير الضار الذي يمكن أن يحدثه التباطؤ في الصين على الشركاء التجاريين ومن بينهم البرازيل.

 

مصدر: أويل برايس

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.