نبض أرقام
11:15 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/21

"أمازون" والهيمنة .. فورة استحواذ لا نهائية في كل القطاعات وسط مخاوف بشأن الخصوصية

2022/08/29 أرقام - خاص

تمضي "أمازون" في فورة استحواذ تبدو لا نهائية، فالشركة الأولى عالميا في قطاع البيع بالتجزئة تنطلق للتوسع في كل القطاعات تقريبا بدءا من التكنولوجيا وانتهاء بالرعاية الصحية، ومع سيولة تُقدر بنحو 37 مليار دولار فإن أمازون لا تلبث أن تعلن بين كل فينة وأخرى صفقات استحواذ غير مسبوقة من قبل في مجالات بخلاف التجارة الإلكترونية والحوسبة السحابية تحت قيادة رئيسها التنفيذي الجديد "آندي جاسي".

 

مستفيدة من انخفاض التقييمات مع تراجع السوق بسبب ضغوط النمو، عرضت الشركة في أغسطس فحسب الاستحواذ على شركة "iRobot" المصنعة لروبوتات التنظيف الآلية (المكانس) المعروفة باسم "رومبا" مقابل 1.7 مليار دولار بعد أسابيع قليلة من تقديم عرض شرائها شركة تقديم خدمات الرعاية الصحية المتميزة "One Medical" مقابل 3.5 مليار دولار.

 

وكانت أمازون، التي تملك بالفعل منصة البث المباشر لألعاب الفيديو "Twitch"، اشترت أيضا "ستوديوهات إم جي إم"، التي أنتجت سلاسل أفلام "روكي" و"جيمس بوند" ذائعة الصيت مقابل 8.5 مليار دولار.



يقول بعض المراقبين إن "جيسي" يسعى لمحاكاة ما قام به "جيف بيزوس" رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لأمازون في نهاية التسعينيات حين نفذت أمازون 14 عملية استحواذ على مدى 21 شهرا.

 

الصفقة الأحدث لأمازون بالاستحواذ على "iRobot" جاءت تجسيدا لرؤية أعلنتها الشركة في 2021 وتكررت على لسان "ديف ليمب" النائب الأول لرئيس الشركة الذي قال: "في غضون خمس إلى عشر سنوات نعتقد أن كل منزل سيحوي روبوتا واحدا على الأقل سيصبح جزءا أساسيا من حياتك اليومية".

 

وعلى نحو مماثل، قال "كولين آنجل" الرئيس التنفيذي لشركة "iRobot" إن المنازل يجب أن تحتوي على عدد وافر من الأجهزة التي تتواصل على نحو سلس مع بعضها البعض وتعالج التحديات الاجتماعية مثل رعاية المسنين.

 

وعلى الرغم من أن وحدة الأجهزة لدى "أمازون" لا تشكل سوى هامش بسيط من إيرادات الشركة، فإن عملاق التجارة الإلكترونية توسع بشكل مطرد مجموعتها مع المزيد من الأجهزة الصوتية التي تحوي تطبيق المساعدة الصوتي "أليكسا" في الأجراس والكاميرات الأمنية للمنازل من "Ring" التي استحوذت عليها في 2018.

 

كانت أمازون استحوذت على "Kiva Systems"لصناعة أنظمة الروبوت المتحركة المخصصة لتلبية متطلبات المخازن في 2012، و"Evi Technologies" المعنية ببرمجيات البحث وقواعد المعرفة في 2013، و"Blink" المصنعة للكاميرات الأمنية اللاسلكية في 2017، و"Ring" لأنظمة الأمن والمنازل الذكية في 2018.

 

كما اشترت شركة "Eero" الناشئة لخدمات "الوايفاي" ودخلت في شراكة مع شركة التشييد "Lennar" لتوفير منازل تديرها تقنيات متطورة.

 

بالطبع تثير عمليات استحواذ أمازون المتتالية مخاوف السلطات الأمريكية بشأن مكافحة الاحتكار والتنافسية من جهة والخصوصية من جهة أخرى وتتكرر كل آن وآخر نداءات بتفكيك الشركة إلى عدة شركات لوقف تغولها العملاق في الاقتصادات.

 

وقال "إيثان جلاس" خبير مكافحة الاحتكار لدى شركة المحاماة "كولي إل إل بي" إن لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية ستنظر في صفقة "iRobot" على الأرجح لوجود شكوك في كونها تخالف قواعد المنافسة.

 

وسعت أمازون لتبديد المخاوف بشأن تأثير الصفقة على المنافسين الآخرين في السوق بالقول إنها ستستمر في توفير منتجات الشركة لشركات تجارة التجزئة الأخرى وإنها ستبقيها متوافقة مع تطبيقات المساعدة الصوتية التي تنتجها بقية الشركات.

 

أمازون في كل شيء

 



بداية مما تشتريه عبر الإنترنت، إلى تنبيهات التذكير التي يطلقها مساعدك الإلكتروني لتذكيرك بجدول أعمالك، إلى مراقبة من يطرق باب منزلك، فأمازون تبدو تقريبا متواجدة في كل شيء.

 

تثير استحواذات أمازون مخاوف أكبر بِشأن الخصوصية، فعملاق الأجهزة السحابية بات يحصل على ملايين البيانات من عادات التسوق الإلكتروني إلى المشاهدة إلى الألعاب الإلكترونية والخدمات الصحية، بما يشكل خطرا على خصوصية المستخدمين ويثير مخاوف بشأن استهدافهم بالإعلانات.

 

أصدرت مجموعة من الباحثين الجامعيين تقريرا في وقت سابق من العام الجاري أشار إلى أن أجهزة "ايكو" التي تبيعها أمازون تستخدم لتوجيه الإعلانات للمستهلكين وهو ما نفته الشركة في الماضي.

 

وخلص أحد المستخدمين إلى أن من بين البيانات التي تجمعها أمازون سجلات لأي شيء قام بالبحث عنه على موقع أمازون بالإضافة إلى أكثر من 1000 جهة اتصال مسجلة على هاتفه ومقتطفات حتى من الموسيقى المفضلة التي يستمع إليها.

 

وتسببت أحدث صفقتين للشركة وهما الاستحواذ على "iRobot " و"One Medical" في إثارة مخاوف أكبر حيال الشركة المعروفة بجمعها الهائل معلومات حول المستهلكين وزيادة الخوف بشأن المخاطر التي تهدد الخصوصية وطرح تساؤلات بشأن كيف تجمع أمازون البيانات وماذا تفعل بها.

 

فعلى سبيل المثال، لا تخرج مكانس "رومبا" خاوية الوفاض من البيانات خلال تنظيف منزلك، إذ تستخدم أحدث النسخ منها مجموعة من المستشعرات التي تحدد مخطط المنزل وتحتفظ به في ذاكرتها، وتقوم بجمع بيانات مكانية عن المنازل من حيث الحجم والشكل والتصميم.

 

"رون نوكس" الذي يعمل في معهد "Local Self-Reliance"، وهي مجموعة لمكافحة الاحتكار، وأحد منتقدي أمازون علق على أحدث صفقاتها بالقول "إنه استحواذ على هذه الكمية الهائلة من البيانات التي تجمعها رومبا عن منازل الناس".

 

وقال على تويتر إن الصفقة تمثل كابوسا للخصوصية لأنها توسع معلومات المنازل الشخصية التي لدى أمازون، ودعا من جانبه السلطات التنظيمية إلى الاعتراض على الصفقة. وأضاف: "النسخ الأكثر تقدما من رومبا تجمع معلومات بشأن منزلك خلال التنظيف، إنها تعرف أين تحتفظ بأثاثك، مساحة كل غرفة فهي مكنسة وأداة لرسم الخرائط".

 

ووجه اتهاما واضحا إلى أمازون قائلا: "نيتها الواضحة، من خلال جميع المنتجات الأخرى التي تبيعها للمستهلكين، أن تكون في منزلك. وبجانب مشكلات الخصوصية تأتي مشكلات مكافحة الاحتكار، لأنها تشتري حصة سوقية".

 

وقال "نوكس" إن الصفقة ستخرج أكبر منافس لأمازون من السوق وتسمح لها بالقضاء على المنافسة المتبقية عبر سياسة تسعير لا رحمة فيها.

 

وأضاف أن "جيف بيزوس" سبق أن قال إن أمازون تريد أن تشق طريقها صوب الهيمنة مضيفا أنه بالاستحواذ على "رومبا" وإقرانها بقوتها الاحتكارية الهائلة المتمثلة في نظام "برايم" فإنها ستنفذ حرفيا ما قاله بيزوس.

 

وقال نوكس "قد تكون هناك مكانس كهربائية ذكية أخرى اليوم، لكن فور أن تمتلك أمازون رومبا لن يكون هناك المزيد".

 

تشير بعض التقديرات إلى أن أمازون تسيطر على ما يقرب من 38 بالمئة من سوق التجارة الإلكترونية في الولايات المتحدة مما يسمح لها بجمع بيانات دقيقة حول تفضيلات التسوق لملايين الأمريكيين وغيرهم في أنحاء العالم. وفي الوقت نفسه تسيطر أجهزة "ايكو" المزودة بتطبيق المساعدة الشخصي "اليكسا" على سوق أجهزة الصوت الذكية في الولايات المتحدة بحصة مبيعات 70 بالمئة.



تراقب "Ring" أبواب المنازل وتساعد الشرطة في تعقب الجريمة حتى عندما لا يكون المستخدمون على علم بذلك. وفي متاجر مختارة لأمازون و"Whole Foods" تختبر الشركة تقنية مسح خلايا اليد للتعرف على المستهلك وسداد مشترياته، لكن تخزين البيانات الحيوية للمستخدمين في خدمات الحوسبة السحابية يثير مخاوف بشأن مخاطر اختراق البيانات.

 

وبالطبع فإن أمازون تهيمن جنبا إلى جنب مع جوجل على شبكات الكمبيوتر في العديد من الشركات عبر استخدام خدماتها السحابية المتطورة.

 

يقول "إيان جرينبلات" الذي يرأس قسم الأبحاث التقنية لدى شركة "جي دي باور" لأبحاث المستهلك وتحليلات البيانات "من الصعب أن تجد مؤسسة أخرى تملك العديد من نقاط الاتصال مثل أمازون بالنسبة للفرد... أمر مكتسح".

 

وتقول "كريستيان مارتن" أستاذة أخلاقيات التكنولوجيا في جامعة "نوتردام" إنه بالنسبة لشركات مثل أمازون فجمع البيانات لا يقتصر على استخدامها بشكل مجرد.

 

وقالت مارتن" بمقدورك أن تراهم يحاولون فقط رسم صورة أوسع للفرد. يتعلق الأمر بالاستدلالات التي يمكنهم استخلاصها عنك على وجه التحديد".

 

أثارت صفقة "وان مديكال "أيضا أسئلة حول كيفية تعامل الشركة مع البيانات الصحية الشخصية التي ستملكها.

 

تقول "ليزا فيلاندوسكي" المتحدثة باسم أمازون إنه في حالة إغلاق الصفقة، فإنه سيتم التعامل مع المعلومات الصحية بشكل منفصل عن جميع شركات أمازون الأخرى مؤكدة أن أمازون لن تستخدم تلك البيانات خارج الشركة "لأغراض الدعاية أو التسويق لمنتجات وخدمات أمازون الأخرى دون إذن واضح من العميل".

 

لكن "لوسيا سافاج" كبيرة مسؤولي الخصوصية في شركة "Omada Health" المقدمة لخدمات الرعاية الصحية قالت إن ذلك لا يعني أن "وان مديكال" لن تكون قادرة على الحصول على البيانات من الشركات الأخرى التابعة لأمازون والتي يمكن أن تساعدها في تكوين صوة أفضل عن مرضاها.

 

مخاوف الخصوصية بالطبع لا تقتصر على أمازون وإنما تمتد أصابع الاتهام إلى شركات أخرى مثل جوجل وميتا، لكن الاختلاف هنا هو أن الشركتين تركزان بشكل أساسي على بيع الإعلانات بينما تستفيد أمازون أكثر من جمع البيانات لأن هدفها هو بيع المنتجات والخدمات، وفقا لما يقوله "أليكس هارمان" مدير سياسة المنافسة في مجموعة مكافحة الاحتكار "Economic Security Project".

 

وقال هارمان "بالنسبة لهم (أمازون)، تتعلق البيانات كلها بجعلك تشتري وأن تظل مقيدا في منتجاتها".


 

المصادر: أرقام- رويترز- فوكس نيوز- فوربس- بلومبرج

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.