نبض أرقام
02:08 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/22
2024/11/21

اكتفاء ذاتي من الطاقة وتصفير انبعاثات .. هل خطة الهند الزمنية لتحقيق ذلك "منطقية" أم مجرد وهم؟

2021/08/18 أرقام - خاص

إعلان الصين في الأسابيع الأخيرة خطتها الجديدة لتصفير انبعاثاتها بحلول 2060، يبدو أنه قد نجح في استفزاز منافستها الآسيوية اللدودة وثالث أكبر اقتصاد آسيوي: الهند، التى أعلنت بدورها هي الأخرى عن مشروع للوصول إلى الإكتفاء الذاتي من النفط وتصفير انبعاثات الكربون بحلول 2047.

 

 

وفي ظل إتجاه عالمي سائد لحماية المناخ وتقليل التلوث ومكافأة الدول الملتزمة بمكافحة التلوث بأن تكون دولة جاذبة للاستثمار الأجنبي والتدفقات النقدية من حول العالم، تحاول الصين ألا تتأخر عن ركب التحول نحو الطاقة المتجددة، لكن هذا التحول يواجه عددا كبيرا من العراقيل لا ينحصر فقط في استمرارية السياسات الحكومية الداعمة لهذا التحول على مدى زمني طويل بل يمتد لما هو أعقد من ذلك.

 

وزن الهند في المنظومة العالمية يُعد وزناً ثقيلاً ومؤثراً، فهي ثالث أكبر اقتصاد آسيوي والسادس عالمياً وكذلك ثاني أكبر بلدان العالم من حيث عدد السكان بعد الصين، ومساهمتها في النمو العالمي بين 2013 و2018 كانت ثاني أكبر مساهمة بعد الصين بـ 12%، لكن على الجانب الآخر، هذا الوزن الثقيل للهند والدور المؤثر في التجارة والاقتصاد العالمي يقابله جوانب أخرى سلبية ومظلمة.

 

إحصائيات عن الدول الخمس الأكثر مساهمة في التلوث العالمي حتى 2020

الدولة

الترتيب العالمي في التلوث

المساهمة في التلوث

(%)

الترتيب العالمي في الاقتصاد

الاقتصاد

(تريليون دولار)

الترتيب العالمي في السكان

السكان

(مليون نسمة)

الصين

1

%28

2

15.2

1

1,439

أمريكا

2

%15

1

20.8

3

331

الهند

3

%7

6

2.6

2

1,380

روسيا

4

%5

11

1.4

9

145

اليابان

5

%3

3

4.9

11

126

 

وفى ظل التحولات والتغيرات العنيفة للمناخ في الفترة الأخيرة، بالتزامن مع العيد الوطني الـ 75 للهند، لم تجد القيادة السياسية بزعامة رئيس الوزراء "نارندرا مودي" توقيتاً أفضل من ذلك للإعلان عن استراتيجية جديدة للتحول نحو الاقتصاد الأخضر وتصفير استيراد "نيودلهي" لوارداتها من البترول والفحم والغاز، لكن ماذا عن أكبر دول العالم استيراداً للنفط؟

 

 

 

الدولة

حجم الواردات السنوية من الخام بالمليار دولار

1

الصين

176

2

أمريكا

81

3

الهند

64

4

كوريا

44

5

اليابان

43

6

ألمانيا

27

7

هولندا

22

8

إسبانيا

18

9

تايلاند

17

10

إيطاليا

16

11

بريطانيا

15

12

سنغافورة

14

13

تايوان

12

14

فرنسا

12

15

بلجيكا

10

 

الهند مرت بتغيرات حادة وأحداث كبرى في 2020 متأثرة بالاتجاه العالمي فيما يخص جائحة كورونا وأثرها على الطلب والاستهلاك وحركة الصادرات والواردات والتي أثرت بدورها على مخرجات التلوث.

 

الهند هي ثالث أكبر دولة مستهلكة للطاقة الهيدروكربونية في العالم بكل أنواعها، وذلك بفضل ارتفاع المداخيل والزيادة السكانية والاستهلاك الكبير بالتزامن مع النمو الصناعي الملحوظ في العقود الأخيرة، ومع تعافي الهند من الركود الناجم عن الجائحة في 2020، يدخل البلد الآسيوي مرحلة جديدة في استخدام واستهلاك الطاقة.

 

وعلى مدى السنوات المقبلة، سيتضاعف التعداد السكاني للهند وسترتفع مشتريات الأسر من السيارات وأجهزة التكييف والأجهزة الكهربائية المختلفة، وستصبح الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم، حيث إن التعداد في الهند يزداد سنوياً بما يعادل مدينة بحجم لوس أنجلوس، ومن أجل تلبية النمو في الطلب على الكهرباء مع هذه الزيادات الضخمة في السكان وكذلك السلع والخدمات التي يحتاجونها على مدى العشرين عاما المقبلة، سوف تحتاج الهند إلى إضافة نظام طاقة يماثل حجم الطاقة فى الاتحاد الأوروبي إلى ما لديها حالياً.

 

إحصائيات عن معدلات أداء الاقتصاد والطاقة والتلوث في الهند

 

متوسط سنوي (%)

(2015 – 2019)

2020 (%)

الناتج المحلي الإجمالي

6.4

(8.0)

الطلب على المعادن

3.7

(13.3)

مبيعات السيارات

8.1

(23.0)

الطلب على الكهرباء

3.8

(2.7)

الطلب على الفحم

2.3

(6.9)

الطلب على النفط

4.1

(8.8)

الطلب على الغاز الطبيعي

5.0

(1.4)

الطلب على المصادر المتجددة

8.8

4.9

انبعاثات ثاني أكسيد الكربون

3.3

(8.0)

تلوث الهواء

0.6

(16)

*الانكماش في مؤشرات الانبعاثات والتلوث يعني حدوث تحسن.
 

وفى إطار سعي الهند نحو تلبية الطلب المتزايد ومحاولة احتواء الزيادة السكانية بمزيد من الطاقة وسد احتياجاتها المستقبلية دون التعدي على الطبيعة وتلويث الكوكب، قال رئيس الوزراء الهندي "ناريندرا مودي" في عيد استقلال البلاد الخامس والسبعين: "لكي تعتمد الهند على نفسها، من الضروري أن تصبح مستقلة في مجال الطاقة، وستصبح الهند مستقلة في مجال الطاقة بحلول يوم استقلالها المائة (يقصد بعد 25 عاما)".

 

ملخص تصريحات رئيس الوزراء الهندي:

 

- يجب أن نصل إلى تحقيق الاستقلال في الطاقة بحلول 2046.
- يجب جعل الهند مركزا عالمياً لسوق الهيدروجين الأخضر.
- يجب أن تكون انبعاثات خطوط السكك الحديدية صفرًا بحلول عام 2030.
- الهند تشتري 85% من احتياجاتها النفطية وتنفق 12 تريليون روبية سنويا لواردات الطاقة.
- الهند سوف تدعم صناعة الغاز الطبيعي والسيارات ووسائل التنقل الكهربائية.
- الهند تخطط لمضاعفة قدراتها من الطاقة المتجددة بخمسة أضعاف الحالي بحلول 2030.
- خطة الهند للطاقة جزء من خطة أكبر للبنية التحتية بـ 100 تريليون روبية لتعزيز النمو وخلق فرص العمل.
- الهند سوف تستثمر في دمج وتطوير وسائل النقل والمواصلات العامة لخفض وقت السفر.

 

إجمالي الطلب على الطاقة في الهند أعوام 2000 و2010 و2019 و2020

العام

2020

2019

2010

2000

الطلب (مليون طن من النفط المكافئ)

880

929

700

441

 

حصة كل مصدر إلى إجمالي مزيج الطاقة الهندي أعوام 2000 و2010 و2019 و2020 (%)

الأعوام

2020

2019

2010

2000

الفحم(%)

%44

%44

%40

%33

النفط(%)

%25

%26

%23

%25

الوقود الحيوي(%)

%13

%12

%19

%26

الغاز(%)

%6

%6

%8

%5

المتجددة(%)

%3

%3

%2

%1

 

عقبة الروتين والفساد الحكومي

 

تعمل الهند على صياغة قواعد من شأنها أن تسهل على الشركات التحول بالكامل إلى الطاقة المتجددة، وهي خطوة رئيسية نحو إزالة الكربون من اقتصاد البلاد الذي يهيمن عليه الوقود الأحفوري، لكن الشركات الخاصة الراغبة في التحول نحو الاقتصاد الأخضر تواجه عدة صعوبات في محاولة شراء الطاقة المتجددة بشكل مباشر من محطات الإنتاج دون المرور على المرافق الحكومية المتخصصة في توزيع الكهرباء والتي تفرض رسوماً مرتفعة وتتسم بتعقيد الإجراءات في محاولة منها لثني الشركات عن الاتجاه نحو الطاقة المتجددة.

 

لذا تحاول الحكومة أن تقاوم هذا التيار بداخلها، حيث صرح وزير الطاقة الهندي "راج كومار سينغ" بما يلي: "إن اللوائح الجديدة ستسمح للشركات بشراء الكهرباء المتجددة من موزعين حكوميين بمتوسط أسعار مرجح، وسيتم أيضا تيسير العقبات التي تواجه الشركات التي تسعى إلى شراء الطاقة النظيفة مباشرة، بما في ذلك خفض فترة انتظار الشركات للوصول إلى شبكة التوزيع فى غضون 15 يوما بدلاً من الانتظار لشهور، وهذا من شأنه أن يُجبر مرافق الدولة إما على تلبية الطلب أو المخاطرة بفقدان عملائها ذوي القيمة العالية".

 

 

شركة "تاتا باور" التى توزع الطاقة فى العاصمة المالية للهند مدينة "مومباى" ذكرت فى وقت سابق من شهر أغسطس أن 37 من كبار عملائها بما فى ذلك شركات تكنولوجيا المعلومات والبنوك قد اختاروا التحول إلى الطاقة الخضراء بشكل كلي".

 

توليد الطاقة الكهربائية في الهند حتى قبل الجائحة مباشرة في 2019 كان يعتمد بنسبة 70% على الفحم و3% على الطاقة الشمسية، وفقا للسيناريو المتوقع الذي وضعته الحكومة الهندية، بحلول 2040 سيكون الوضع كالآتي:

 

مساهمة كل مورد فى توليد الكهرباء بالهند بين الواقع في 2019 والمستهدف في 2040

العام

الفحم

الطاقة الشمسية

2019

%71

%3.0

2040

%34

%31

 

ضغوط أمريكية وغربية

 

تعرضت الهند، ثالث أكبر مصدر للانبعاثات في العالم، لضغوط لتقديم تعهد بالوفاء بصافي الصفر انبعاثات قبل محادثات المناخ العالمية القادمة في غلاسكو- أسكتلندا نوفمبر المقبل، ومن المتوقع أن يعزز الموقعون على اتفاقية باريس التزاماتهم بإبطاء الاحترار العالمي، وقد نالت الصين - أكبر ملوث ومنافس للهند في نفس الوقت - إشادات دولية وشهادات من المديح لتعهدها بالوصول إلى صفر انبعاثات بحلول 2060.

 

لكن الولايات المتحدة تأخذ موضوع المناخ بشكل جدي، ويبدو أنها مصممة على قيادة جهد عالمي وممارسة كافة ما تستطيعه من ضغوط ونفوذ لخفض الانبعاثات أو هذا ما يبدو "ظاهرياً" حتى الآن، "جون كيري" الذي يُعد أول مبعوث رئاسي أمريكي لشؤون المناخ قال لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) خلال زيارته إلى "لندن" في وقت سابق من شهر أغسطس: "على كل بلد أن يكثف طموحه، بلدان مجموعة العشرين تعادل وحدها 81% من الانبعاثات العالمية"، "كيري" أدرج الهند صراحة في حديثه حين أشار إلى مجموعة العشرين بصفة الهند عضواً في مجموعة العشرين.

 

آراء متضادة داخل الهند

 

وزارة الطاقة الهندية قد أخرت في وقت سابق حملة للحد من الانبعاثات السامة من محطات توليد الكهرباء، بحجة أن القطاع لا يستطيع الوفاء بالموعد الأصلي لعام 2017 حتى الآن نظراً لإجرائه تحسينات على نُظم تصريف الملوثات مثل ثاني أكسيد الكبريت والزئبق.

 

ومن الواضح أنه لا يوجد توافق في الآراء بين الوزارات المعنية حول هدف الصفر الصافي للانبعاثات، حيث قال بعض المسؤولين بحسب "بلومبرغ" إنه لا ينبغي للهند أن ترضخ للضغوط "الغربية" نظراً لأن استخدامها للوقود الأحفوري سوف يرتفع بشكل حتمي خلال العقد المُقبل لتزويد النمو الاقتصادي بما يحتاجه من طاقة ضرورية بما يخلق فرص العمل ويحقق التنمية ويحسن مستويات المعيشة لمئات ملايين الشباب والأسر ويتوازن مع الزيادة السكانية الكبيرة.

 

"نافروز دوباش"، الأستاذ في مركز أبحاث السياسات الهندي يقول: "تحتاج البلاد إلى مزيد من المعلومات قبل أن تتمكن من تحديد مثل هذا الهدف بمصداقية – يقصد صفر انبعاثات في 2047 – نحن لا نعرف بالضبط كيف سنفعل ذلك وما هي المفاضلة المحتملة مع أهداف التنمية".

 

 

الخلاصة أن الهوس الهندي بالصين التى تخوض حرباً دبلوماسية/اقتصادية/تكنولوجية ضد "واشنطن" و"بروكسل" يُمكن أن يفيد "نيودلهي" بالفعل ويجذب استثمارات غربية كبيرة، لكنه سيأتي على حساب قطاعات أخرى وقد يرفع من حرارة الاقتصاد أكثر من اللازم مما يتسبب في تضخم محموم ومعاناة للأسر وانخفاض للقدرة الشرائية.

 

 ومن ناحية أخرى فالسباق الجاري حاليا بين دول العالم المختلفة لإثبات أنها مهتمة بالفعل بخفض الانبعاثات هو سباق غير عادل بين دول متباينة الإمكانيات ومختلفة الظروف، فالاقتصاد الصيني يختلف كثيراً عن نظيره الهندي، وهو ما يضع ضغوطا جديدة على اقتصاد ناشئ ومُصاب بعدة جروح من جراء الجائحة كالاقتصاد الهندي في محاولة منه للتقرب من التحالف الغربي وإثبات أهميته وإمكانية الاعتماد عليه بأي ثمن.

 

المصادر: أرقام – بلومبرغ – إدارة الطاقة الأمريكية – وكالة حماية البيئة الأمريكية – البنك الدولي – يونيون اوف كونسيرند سينتستس – فوكس – وورلد ميتيرز – الأمم المتحدة.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.