لا يزال سوق الأسهم الأمريكي يمضي قدمًا، كاسرًا المستويات القياسية جلسة تلو الأخرى، مفعمًا بالحيوية المستمدة من اطمئنان الجميع بشأن عدم رفع الفيدرالي لأسعار الفائدة، ومؤخرًا بنتائج الأعمال الجيدة، بغض النظر عن التحذيرات المتعلقة بتضخم التقييمات.
بعدما انخفض مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 34% تقريبًا خلال 22 جلسة تداول في بداية الوباء العام الماضي، ووصل السوق إلى القاع عقب انخفاضه بنسبة 2.9% في الثالث والعشرين من مارس 2020، ارتفع في جلسة الإثنين التالية بأكثر من 9% ولم ينظر المستثمرون خلفهم منذ ذلك الحين.
كان عائد عام واحد منذ هذا القاع مذهلاً وبلغ 75% دون حتى احتساب الأرباح، مكسب بهذا الحجم في مثل هذه الفترة القصيرة هو أمر نادر في سوق الأسهم، وفي الواقع، كان هذا أكبر مكسب لمدة 12 شهرًا منذ عام 1950.
ومع ذلك، لا يبدو أن الحفلة ستنتهي قريبًا بالنسبة للمستثمرين في وول ستريت، ويرى صندوق النقد الدولي على سبيل المثال، أن سوق الأسهم الأمريكي سيواصل الارتفاع على المدى القصير والمتوسط، رغم إقرار المؤسسة الدولية بتضخم التقييمات.
هذا الارتفاع ربما يكون مؤشرًا على نهاية مؤلمة تلوح في الأفق، بحسب محللين، والذين قالوا إن السوق قد يقفز بنسبة تتراوح بين 30% و40% قبل أن يشهد حركة تصحيحية بنسبة 20% من المستوى الذي سيصل إليه.
مع تضخم السوق بهذا الحجم، ليس من المنطقي أن يواصل ارتفاعه بشكل لا محدود، لكن هل سيكون التوقف التالي لقطار الأسهم مؤلمًا كما يتوقع بعض المحللين؟ النهاية حتمية للموجة الصعودية وحتى في سيناريو صندوق النقد سيواصل السوق الارتفاع على المدى القصير والمتوسط، لكن كيف سيبدو بعد انقضاء هذه المرحلة؟
ماذا بعد المكاسب الضخمة؟
- بالعودة إلى مكاسب الاثنى عشر شهرًا الماضية، كانت هناك مكاسب أكبر منها خلال عام واحد عقب اضطراب الكساد الكبير، لكن الخسائر أيضًا كانت أكبر بكثير في ذلك الوقت، ومن الصعب إجراء مقارنة متكافئة بين الفترتين، المهم الآن، إلى أين سيمضي السوق لاحقًا؟
- من المفهوم أن يشعر العديد من المستثمرين بالقلق من أن هذه المكاسب جاءت كبيرة جدًا وبسرعة كبيرة أيضا؛ إذ لا يوجد شيء "سهل" عندما يتعلق الأمر بالاستثمار في الأسواق لأن المستقبل دائمًا ما يكون غير مؤكد، ولكن العام الماضي كان جيداً للغاية بالنسبة للمستثمرين في الأصول الخطرة، ويبدو أنهم جنوا الأموال السهلة.
- للحصول على فكرة أفضل عن كيفية تفاعل الأسواق مع المكاسب المزدهرة مثل هذه، يجب النظر إلى العوائد على مدى سنة وثلاث وخمس سنوات لاحقة لمعرفة ما حدث بعد المكاسب الهائلة في الماضي.
- يمكن فعل ذلك عبر تحديد مكاسب فترة 12 شهرًا التي بلغت 50% أو أكثر منذ عام 1950 بالنسبة لمؤشر "إس آند بي 500"، وبعد ذلك حساب مكاسب فترات السنة والثلاث والخمس سنوات التالية، لمعرفة ماذا يحدث للأسواق بعد ارتفاعها بشكل كبير.
- أظهرت جهود ذلك البحث عن تسجيل السوق عائدًا قدره (في المتوسط) سالب 1.5% خلال العام التالي لفترة المكاسب الكبيرة، لكن مكاسبه قفزت إلى 42.4% على مدار فترة الثلاث سنوات، وإلى 65.6% خلال فترة السنوات الخمس.
الرهان الطويل يكسب
- ليس من المستغرب أن تظهر عوائد العام التالي للمكاسب الكبيرة انخفاضًا؛ إذ لا يمكن للأسواق الصعود في خط مستقيم إلى الأبد، وفي بعض الحالات كان عائد العام التالي سالبًا بنسبة 65% منذ تحقيق مكاسب بنسبة 50% أو أكثر.
- مع ذلك، كلما طالت الفترة اللاحقة كانت العوائد أفضل، ومنذ عام 1950 لم تكن هناك فترة 3 سنوات واحدة من العائدات السالبة بعد 12 شهرًا من المكاسب القوية، لكن كانت هناك فترة 5 سنوات واحدة فقط شهدت خسارة.
- جاءت تلك الفترة (الخمس سنوات الخاسرة) في نهاية انهيار السوق بين عامي 2000 و2002 الذي شهد هبوط السوق بنسبة 50%، كان متوسط العوائد السنوية لفترتي الثلاث والخمس سنوات 7% و11% على التوالي، دون احتساب الأرباح.
- من المحتمل أن يأخذ السوق قسطًا من الراحة في مرحلة ما لأن المكاسب كانت قوية جدًا عند الخروج من القاع في مارس من العام الماضي، ولا شك أن هذا سيكون صحيًا لتجنب انفجار الأوضاع في السوق.
- التنبؤ بالمسار المستقبلي لسوق الأسهم بناءً على ما فعلته خلال عام مضى أصعب بكثير مما يبدو، ففي معظم الأوقات يرتفع سوق الأسهم ولكن في بعض الأحيان يكون انخفاضه جيدًا لقراءة السوق، من الصحيح أيضًا أنه كلما طال الأفق الزمني، كانت احتمالات رؤية المكاسب أكبر.
هل التصحيح قريب إذًا؟
- في الحقيقة، الأسهم الأمريكية لا تغرد منفردة؛ إذ سجل مؤشر "إم إس سي آي" للأسهم العالمية والذي يشمل 23 سوقًا متقدمًا و27 سوقًا ناشئًا، أعلى مستوى له على الإطلاق أيضًا، ويمضي مؤشر "ستوكس يوروب 600" الأوروبي على المسار الصحيح محققًا مكاسب لأسابيع عدة متتالية.
- هذه المكاسب المتزامنة في الأسواق تعطي نوعًا من الطمأنينة حول الأساسيات التي تدفع وول ستريت، لكن في الوقت ذاته، هناك عوامل قلق خاصة بالسوق الأمريكي، وأخرى متعلقة بالعالم ككل، والتي قد تعني انقلابًا أو انحسارًا للموجة الصعودية في الأفق.
- من العوامل المساعدة في ارتفاع الأسهم الأمريكية مؤخرًا، كان انخفاض عائد سندات الخزانة، لكن من المرجح أن يرتفع العائد على السندات العشرية لاحقًا هذا العام، مع انتعاش الاقتصاد بفعل حزم الإنفاق الضخمة التي أقرتها الإدارة الأمريكية.
- قد يؤدي هذا الارتفاع في عائد السندات إلى توجيه دفعة قوية لأسهم القيمة، بعد أسابيع عديدة من تفوق أسهم النمو على القيمة، ورغم أن أسهم القيمة شهدت مسارًا مثيرًا للإعجاب هذا العام.
- ارتفاع العائد بشكل كبير يمكن أن يؤدي إلى انخفاض كبير في تقييمات أسهم النمو، وتؤدي العوائد المرتفعة إلى تآكل قيمة التدفقات النقدية المستقبلية، وتتوقع شركات النمو أن ترى الجزء الأكبر من أرباحها يتحقق في المستقبل البعيد.
- إلى جانب القلق العالمي من موجة عدوى جديدة قد تجبر الاقتصادات على الإغلاق مجددًا في ظل عدم كفاية جهود التطعيم لتحقيق المناعة الجماعية، سيكون المستثمرون دائمًا في موضع بحث عن خروج التضخم عن نطاق السيطرة أو الإشارات حول ارتفاعه لفترة طويلة.
- ارتفع مؤشرا مديري المشتريات التصنيعي ولقطاع الخدمات إلى مستويات تاريخية، وهذه الإشارة في الماضي كانت دليلًا على تعثر سوق الأسهم خلال الأشهر التالية، كما أن نسبة سعر الأسهم إلى الأرباح المتوقعة عند أعلى مستوى منذ أواخر التسعينيات (قبل انهيار فقاعة دوت كوم مباشرة)، وهذا يعني أن الأسهم مكلفة.
المصادر: أرقام- فورتشن- بزنس إنسايدر- بارونز- سي إن إن
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}