نبض أرقام
01:37 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/22
2024/11/21

ببساطة ودون تعقيد.. ما الذي سيستفيده المستثمرون من إتاحة المشتقات المالية في السوق السعودية؟

2020/08/10 أرقام - خاص

في الرابع عشر من يوليو 2020، أعلنت شركة السوق المالية السعودية "تداول" عزمها إطلاق سوق للمشتقات المالية لأول مرة في السوق المالية السعودية، وذلك بداية من 30 من أغسطس، على أن تكون العقود المستقبلية للمؤشرات هي أول منتج مشتقات يتم طرحه في السوق.

 

ورغم أن هذه الخطوة لم تكن مفاجئة إلى حد كبير، بل مهدت لها سلسلة من التطورات في البنية التحتية للسوق، ونذكر منها إطلاق مركز مقاصة الأوراق المالية "مقاصة" وترقية تداول لتصنيف الأسواق الناشئة، وعددا من الخطوات والتحسينات التي تم إدخالها على السوق المالية خلال الأعوام الماضية. إلا أن عدداً لا بأس به من المستثمرين في السوق المالية السعودية سيطرت عليهم حالة من الحيرة والتساؤل تجاه الأداة المالية الجديدة التي ربما لا يعرفون طبيعتها.

 

 

"تم تطوير العقود المستقبلية لمؤشر "إم تي 30" (والتي تتخذ من مؤشر "إم تي 30 " أساساً لها) لتزويد المستثمرين بأدوات التحوط لإدارة المخاطر بشكل أكثر فعالية، وتوفير فرص متنوعة للاستثمار...." بهذه العبارة أشارت "تداول" في بيانها المتعلق بموعد إطلاق سوق المشتقات المالية إلى المزايا التي ستوفرها العقود الجديدة للمتداولين بشكل عام.

 

وانطلاقًا من إدراكنا في "أرقام" لأهمية هذه الخطوة والتي يمكن اعتبارها دون مبالغة أهم المبادرات التي تم تنفيذها في السوق السعودية في هذه الفترة، سنحاول في هذا التقرير توضيح أهمية إتاحة المشتقات كأداة مالية بالنسبة للمستثمرين الأفراد والمؤسسات من جهة، وبالنسبة لهيكل السوق بشكل عام من جهة أخرى.

 

ولكن قبل أن نوضح ما ذُكر في بيان "تداول"، سنتطرق معًا بشكل سريع إلى ما لم يُذكر فيه، والحديث هنا عن نقطة في غاية الأهمية والخطورة وهي: السيولة.

 

كيف ستؤثر المشتقات المالية على سيولة السوق؟

 

أولاً وقبل أي شيء، هناك نقطة أساسية هامة يجب أن ينتبه إليها الجميع وهي أن المشتقات المالية بأنواعها كافة ليست أدوات مالية مستقلة، بل هي مجرد منتجات مالية قائمة على أصول أساسية أخرى كالأسهم والمؤشرات والسندات، ومن هنا جاءت تسميتها بالمشتقات وهو ما يؤكد حقيقة أنها ليست مستقلة بذاتها.

 

على سبيل المثال، نجد أن أول منتج من المشتقات المالية سيتم تداوله في المملكة وفقًا لخطة "تداول" هي العقود المستقبلية لمؤشر "إم تي 30"، والتي تستمد قيمتها من مؤشر "إم إس سي آي تداول 30" الذي يعكس أداء الشركات الـ30 الأكبر حجمًا والأكثر تداولًا في سوق الأسهم السعودية.

 

ما سبق يعني ببساطة أن المشتقات تؤثر وتتأثر بأداء الأصل الذي تقوم على أساسه بأكثر من طريقة اعتمادًا على عدة عوامل. وفي هذا السياق تشير كثير من الدراسات الأكاديمية إلى أن إدخال المشتقات المالية إلى السوق لتصبح ضمن الأدوات المتاحة للمستثمرين والمتداولين يؤثر بشكل إيجابي على مستوى السيولة بالسوق.

 

 

في دراسة صادرة في سبتمبر من عام 2014 تحت عنوان "تأثير تداول المشتقات المالية على سيولة الأسهم" أشار أستاذ المالية الهندي، البروفيسور "إم إس ناراسيمهان" إلى أن إتاحة المشتقات المالية تجعل السوق المالية غير المكتملة أكثر اكتمالاً لأنها تساهم في تحسين مستوى سيولة السوق بشكل عام وسيولة الأسهم التي تقوم العقود على أساسها بشكل خاص، وتزيد كذلك من فرص الاستثمار المتاحة أمام المتداولين.

 

كان "ناراسيمهان" في الواقع يتحدث من واقع تجربة السوق الهندية، والتي أدخلت المشتقات المالية لأول مرة في يونيو من عام 2000، وذلك انطلاقًا من اقتناع منظمي السوق وقتها بالمردودات الإيجابية لهذا النوع من المنتجات الاستثمارية على السوق الأمريكية تحديدًا. واللافت للنظر هو أن أول منتج مشتقات مالية تم طرحه في السوق الهندية هو عقود المؤشرات، قبل أن تتم إتاحة العقود المستقبلية للأسهم المفردة في نوفمبر 2001.

 

كمستثمر.. ما الذي سأستفيده من تحسن السيولة؟

 

قد يسأل أحدهم، وما الذي سيعود علي كمستثمر فرد من تحسن مستوى السيولة في السوق؟ وهذا سؤال مهم جدًا في الحقيقة والإجابة عليه تتطلب الرجوع خطوة إلى الخلف من أجل إلقاء نظرة على الصورة الأكبر.

 

السيولة -والتي تعبر عن مدى سهولة وسرعة تحويل الأصول والأوراق المالية إلى مبالغ نقدية بسعر لا يختلف كثيرًا عن سعر السوق- هي ببساطة شريان الحياة بالنسبة للأسواق المالية بشكل عام ولسوق الأسهم بشكل خاص، والافتقار إليها أو اختفاؤها أو تدهورها من شأنه أن يزيد الاضطرابات في السوق.

 

 

ويمكننا فهم أهمية السيولة من خلال إدراك تأثيرها على مختلف الجهات الفاعلة في السوق. فبالنسبة للمستثمرين، تترجم السيولة في صورة تكاليف تداول أقل وسهولة أكبر في الخروج والدخول من وإلى السهم. أما بالنسبة للشركات المدرجة، فإن ارتفاع مستوى السيولة في السوق يقلل من تكلفة زيادة رأس المال، وينتج تقييمات أكثر دقة لسعر السهم.

 

على الجهة الأخرى، يعود ارتفاع مستوى السيولة بالنفع على منظمي السوق من خلال زيادة عدد المشاركين في السوق وارتفاع مستوى الثقة فيها وازدياد القدرة على جذب مستثمرين جدد، وهو ما تتم ترجمته في النهاية إلى إيرادات يتم جمعها في صورة رسوم تداول. أما رابع المستفيدين من تحسن مستوى السيولة فهو الاقتصاد ككل، والذي يتأثر إيجابياً بارتفاع قدرة الشركات على زيادة رأس المال والتوسع وضخ المستثمرين لأموالهم في السوق.

 

مساحة للمناورة

 

لو أن هناك درساً واحداً تعلمه مستثمرو سوق الأسهم في السنوات الأخيرة فهو على الأغلب ذلك الدرس الذي يقول إن التقلبات المفاجئة وغير المتوقعة قادرة على أن تذهب بأموالهم التي ربما لم يكسبوها إلا بشق الأنفس في لمح البصر، وما أزمة "كورونا" عنا ببعيدة.

 

بخلاف تسييل المحفظة بالكامل وتحويلها إلى مبالغ نقدية، لا توجد طريقة سهلة تمكن المستثمرين من حماية أموالهم من كل خطر محتمل، ولكن توجد أدوات مالية قادرة على تقليل مخاطر المحفظة للحد الأدنى دون الاضطرار إلى تقليل حجم التعرض لسوق الأسهم، من بين هذه الأدوات المشتقات المالية.

العقود المستقبلية هي واحدة من أشهر منتجات المشتقات المالية التي يستخدمها المستثمرون سواء من المؤسسات أو الأفراد في التحوط وإدارة مخاطر تقلبات الأسعار في سوق الأسهم. وتشمل هذه العقود عدة أنواع من بينها العقود المستقبلية للمؤشرات والعقود المستقبلية للأسهم المفردة.

 

 

ولكن كيف يتم هذا على أرض الواقع؟ لنفترض أن لديك كمستثمر شعوراً بالتفاؤل حيال إمكانية انتعاش السوق بشكل عام خلال الأسابيع القادمة، ولكن في الوقت نفسه لا يوجد في محفظتك سوى عدد محدود من الأسهم التي تنتمي لقطاعات محدودة، أي إن محفظتك غير متنوعة بما يكفي لتستفيد من حالة السوق ككل.

 

في هذه الحالة يمكنك التفكير في شراء العقود المستقبلية للمؤشرات التي تعكس أداء الشركات المدرجة بهذه المؤشرات، والتي ستمكنك في حال صدقت توقعاتك من تحقيق أرباح أعلى من الأرباح التي ستحققها محفظتك الأصلية. بسبب خاصية الرافعة المالية.

 

أما إذا كنت متخوفا حيال مستقبل السوق وترغب في حماية نفسك من أثر الخسارة المتوقعة مع انخفاض السوق، فبدلًا من تصفية المحفظة يمكنك ببساطة بيع العقود المستقبلية للمؤشرات وهو ما سيمكنك في حال انخفض السوق بالفعل من تحقيق مكاسب في سوق المشتقات المالية تعوض الخسائر التي قد تتكبدها المحفظة الأصلية.

 

 بعيداً عن التفاصيل، نجد أن إقدام "تداول" على إطلاق سوق المشتقات المالية هو خطوة هامة في طريق جعل السوق المالية السعودية سوقاً متعددة الطبقات (Multi-layered Market) توفر للمستثمرين مجموعة متنوعة من الأدوات الاستثمارية والمالية الفعالة التي من شأنها أن تعزز من قدرتهم على إدارة المخاطر المالية وتكوين استراتيجيات للتداول مما يحسن كفاءة السوق وينعكس إيجاباً على الرخاء الاقتصادي والاجتماعي.

 

 

ما زال للحديث بقية، ولكن في ختام هذا التقرير نود الإشارة إلى عبارة -قد نتناول مغزاها باستفاضة لاحقًا- جاءت على لسان المستثمر الأمريكي "جيمس مورجان" في حديثه لـ"فايننشيال تايمز" قال فيها: "إن المشتقات المالية هي سيف ذو حدين، حيث إن توظيفها بشكل غير مدروس قد لا يعود على المستثمر بالنتائج المأمولة".

 

المصادر: أرقام – تداول

دراسة: The Impact of Derivative Trading on the Liquidity of Stocks

دراسة: Enhancing Liquidity in Emerging Market Exchanges

دراسة: Hedging with Stock Index Futures: Theory and Application in a New Market

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.