يواصل مؤشر "ناسداك" للأسهم الأمريكية تحطيم الأرقام القياسية تباعاً، بفضل طفرات قوية لأسهم التكنولوجيا التي تتصدر المشهد حالياً.
وأنهى المؤشر الأمريكي جلسات الأسبوع الماضي عند مستوى قياسي جديد هو الثالث على التوالي، متجاوزاً مستوى 10600 نقطة لأول مرة في تاريخه.
كلمة السر.. التكنولوجيا
وفضل المستثمرون في "وول ستريت" تجاهل حقيقة الارتفاع القياسي لحالات الإصابة اليومية الجديدة بفيروس "كوفيد-19" في الولايات المتحدة والتركيز على الدعم السخي من السياسة النقدية والمالية والبيانات الاقتصادية الإيجابية مؤخراً.
وفي الوقت الذي تجاوز فيه عدد المصابين بالفيروس حاجز الثلاثة ملايين أمريكي ومع إعادة النظر في عمليات فتح الاقتصاد في عدد من الولايات، واصلت مؤشرات الأسهم صعودها الحثيث بدعم ضخ تريليونات الدولارات من قبل الحكومة الفيدرالية وبنك الاحتياطي الفيدرالي.
وأصدر الكونجرس الأمريكي قانوناً للتحفيز والدعم بقيمة تقارب 3 تريليونات دولار تشمل مساعدات وقروضا للشركات والأفراد والولايات، بينما خفض الاحتياطي الفيدرالي معدل الفائدة قرب الصفر وأقر برامج لضخ السيولة وشراء السندات الحكومية والخاصة.
كما أظهرت أحدث بيانات اقتصادية إضافة الاقتصاد الأمريكي 4.8 مليون وظيفة جديدة مع تراجع معدل البطالة لـ11.1% في يونيو الماضي، بالإضافة إلى تحول نشاط قطاع الخدمات للنمو.
لكن رغم التعافي الذي حققته المؤشرات الثلاثة الكبرى للأسهم الأمريكية من القاع المسجل في مارس الماضي، فإن أداء "ناسداك" تفوق على الجميع بشكل واضح.
ويعتبر "ناسداك" المؤشر الأمريكي الوحيد الذي يسجل حالياً مكاسب منذ بداية العام الجاري وحتى نهاية الأسبوع الثاني من يوليو بنسبة 18%، مقارنة بهبوط "داو جونز" و"إس آند بي 500" بحوالي 8% و2% على الترتيب.
وجاء صعود "ناسداك" بفضل أداء أسهم شركات التكنولوجيا والتي تمثل نحو 50% من الوزن النسبي لمكونات المؤشر البالغ عددها أكثر من 2718 شركة.
واتجه المستثمرون لحيازة أسهم التكنولوجيا باعتبار أن شركات القطاع لديها مناعة نسبية من آثار الوباء مع امتلاكها سيولة نقدية قوية ناهيك عن الطلب المتزايد من قبل المستهلكين على المنتجات المستخدمة في أوقات البقاء في المنزل والتباعد الاجتماعي.
وتمثل خمس شركات كبرى وهي آبل ومايكروسوفت وأمازون وفيسبوك وألفابت حوالي 40% من الوزن النسبي للمؤشر ككل، وهي التي تمكنت في الأسبوع الماضي من ملامسة أو الاستقرار عند مستويات قياسية مرتفعة.
وقفزت القيمة السوقية لأكبر ثلاث شركات أمريكية وهي آبل ومايكروسوفت وأمازون لمستوى 1.6 تريليون دولار لكل منها، بينما سجلت قيمة ألفابت ما يزيد على تريليون دولار.
كما تلقى سهم شبكة الترفيه العالمية نتفليكس دعماً ملحوظاً من سياسة البقاء في المنزل والتي رفعت عدد المشتركين في أول ثلاثة أشهر من العام الحالي بنحو 16 مليون مشترك ليصل العدد الإجمالي لأكثر من 182 مليونا، ويصعد السهم منذ بداية العام بنحو 69% في العام الحالي حتى الآن.
ولوضع الأرقام في منظور أكثر وضوحاً، فإن القيمة السوقية لشركات فيسبوك وأمازون ونتفليكس وجوجل ومايكروسوفت وآبل وإنفيديا أو ما يطلق عليه اختصاراً أسهم FANGMAN تجاوزت 7 تريليونات دولار، وهو ما يعادل حجم اقتصادات ألمانيا وإيطاليا وإندونيسيا معاً، بحسب المحلل الألماني "هولجرزشابيتز".
ظهور نجوم جديدة
ولم يقتصر الدعم الذي تلقاه "ناسداك" في رحلة صعوده القياسي على العمالقة في مجال التكنولوجيا، لكن الشركات الأصغر وفرت دعما إضافياً للانطلاقة.
وشكلت قفزة تسلا أحد أبرز الأمثلة على صعود شركات التكنولوجيا الأمريكية مؤخراً، بعدما صعد السهم بنسبة 270% منذ بداية العام متجاوزا حاجز 1500 دولار لأول مرة مقارنة بنحو 418 دولارا في آخر أيام العام الماضي.
واستفادت شركة تصنيع السيارات الكهربية من عمليات التسليمات والإنتاج التي تجاوزت التوقعات مع تكهنات بتحقيق أرباح فصلية في نتائج أعمال الربع الثاني والمقرر إعلانها في الثاني والعشرين من يوليو الجاري، ما قد يكفل للسهم الانضمام لمؤشر "ستاندرد آند بورز".
ولم تقف تسلا وحيدة في سباق الصعود الحاد لشركات التكنولوجيا، حيث أظهرت شركة مؤتمرات الفيديو "زووم" أداءً مميزاً في عصر الوباء.
وتفوقت مكاسب "زووم" بشكل واضح لتصل لنحو 305% منذ بداية العام الحالي بدعم ارتفاع عدد المشاركين في الاجتماعات الافتراضية عبر المنصة من 10 ملايين مشارك في ديسمبر الماضي إلى حوالي 300 مليون في أبريل.
فقاعة الدوت كوم مجدداً؟
لكن رغم حقيقة استفادة شركات التكنولوجيا من تطورات الوباء، فإن الصعود القوي الأخير لأسهم القطاع وبالتبعية مؤشر "ناسداك" يثير ذكرى كابوس فقاعة التسعينيات.
ومع وجود اختلافات بين الوضع حالياً في المؤشر وتكوينه وأيام ذروة الفقاعة، فإن الارتفاع الحاد مؤخراً يثير مخاوف المستثمرين الذين عاصروا هبوط "ناسداك" في بداية الألفية بنحو 79% على مدار ثلاث سنوات تالية.
وكان عدد شركات "ناسداك" وصل لنحو 5 آلاف شركة قبيل انفجار فقاعة الدوت كوم في عام 2000، وهو ما يعادل نحو ضعف عدد الشركات المقيدة في المؤشر حالياً.
كما أن الوزن النسبي لأسهم شركات التكنولوجيا في المؤشر تراجع مقارنة ببداية الألفية الثالثة من 73% تقريباً إلى حوالي 50% حالياً، مع صعود تمثيل شركات القطاع المالي والاستهلاكي.
وتتميز الشركات الأكبر في "ناسداك" حالياً بتحقيق ربحية عالية وآفاق نمو لأعمالها بالإضافة إلى وجود تدفقات نقدية قوية، وهي أمور لم تكن متوفرة بنفس الشكل قبيل انفجار فقاعة عام 2000.
وتمتلك شركة آبل مثلا سيولة نقدية بقيمة 193 مليار دولار تقريباً بنهاية الربع الأول من العام الماضي، في حين يصل "الكاش" المحتجز لدى مايكروسوفت وألفابت لنحو 137 مليار دولار و117 مليار دولار على التوالي.
لكن على الجانب الآخر، تظهر البيانات أن 75% من أسهم مؤشر "ناسداك" تتداول أعلى متوسط 200 يوم، كما أنها تتجاوز المتوسط بنحو 22% وهو أعلى معدل منذ عام 2000.
وتتداول أسهم "ناسداك" بمعدل سعر إلى الربحية المتوقعة في غضون عام عند 34.3 مرة، وهو ما يتجاوز المتوسط التاريخي.
ويرى "جايمس ماكدونالد" رئيس شركة "هيركليز إنفسمنت" أنه قديماً كان ينظر لشركات التكنولوجيا على أنها "استثمار خطر" لكنها تحولت الآن لمناطق آمنة في نظر البعض.
لكنه عاد ليوضح أنه لا يستطيع تقديم نصيحة لمستثمر بشراء أسهم التكنولوجيا الكبرى حالياً عند هذه المستويات القياسية، معتبراً أن الأمر بحاجة لكبح جماح سرعة الصعود الحاد أولاً.
ومع بداية انطلاق موسم نتائج أعمال الربع الثاني من العام الحالي في الأسبوع الجاري، فإن مؤشرات الأسهم وخاصة "ناسداك" ستكون على موعد مع اختبار حقيقي.
المصادر: أرقام – بورصة ناسداك - نيويورك تايمز – بلومبرج –ذا فيرج – سي إن بي سي – ياهو فاينانس - أكسيوس
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}