لم تُعرف البنوك المركزية العالمية بقراراتها العفوية، بل إنها تتدخل في أوقات بعينها وبقرارات محددة للرد على ظرف أو حالة ما بالأسواق والاقتصادات، وبالطبع، لا يعد الاحتياطي الفيدرالي استثناءً، فقد اتخذ قرارات عاجلة لم ينتظر حتى لاجتماعه الدوري لمناقشة السياسة النقدية.
وفي الخامس عشر من مارس، خفض الفيدرالي معدل الفائدة إلى النطاق بين 0.25% و0%، وهذا ثاني تدخل طارئ من البنك المركزي بعيداً عن الاجتماعات الدورية، كما خفض الاحتياطي الإلزامي لدى البنوك إلى الصفر.
وعلاوة على ذلك، أطلق الفيدرالي برنامج تيسير كمي بقيمة 700 مليار دولار لتحفيز الاقتصاد رداً على آثار "كورونا".
ما ردة فعل الأسواق؟
- في أوقات الأزمات مثل ما يمر به العالم حالياً من تفشي فيروس "كورونا"، يتجه المستثمرون نحو أصول الملاذ الآمن، والتي من بينها سندات الخزانة الأمريكية، مما دفع سعرها نحو الارتفاع والعائد عليها نحو الانخفاض.
- قال الفيدرالي إنه سيشتري سندات خزانة بقيمة 500 مليار دولار وأوراقا مالية مدعومة برهن عقاري بقيمة 200 مليار دولار لتوفير المزيد من السيولة في الأسواق وتحفيز النمو الاقتصادي.
- وسئل رئيس الفيدرالي "جيروم باول" عما إذا كان التيسير الكمي هذه المرة يشبه الجولات التي تم إطلاقها أثناء الأزمة المالية العالمية، لكنه رد بأن مشتريات السندات هذه المرة ذات أغراض مختلفة، فهي تهدف إلى الاستقرار وتوفير السيولة بالأسواق.
- من هنا، يرى محللون أن التيسير الكمي بالتزامن مع انخفاض الفائدة قرب الصفر كان هدفه في أزمة "كورونا" استقرار الأسواق، لكن الإجراءات العاجلة التي اتخذها البنك المركزي لم تنجح في تهدئة المستثمرين.
- على النقيض، هبطت مؤشرات الأسهم الأمريكية في اليوم التالي من القرارات بأكبر خسائر يومية منذ عام 1987، كما توقع محللو "جولدمان ساكس" انكماش الاقتصاد في الولايات المتحدة بنسبة 5% على أساس سنوي.
- قال الرئيس "دونالد ترامب" تعقيباً على خسائر "وول ستريت" إن الأمور ستتغير بناء على تطورات أزمة "كورونا" التي يتوقع عدم انتهائها قبل يوليو وربما أغسطس.
- من المعروف أن البنوك المركزية تتدخل بشكل عاجل (لكن على نحو مخطط وبناء على دراسات للسوق وحالة الاقتصاد) في أوقات الأزمات كما فعل الفيدرالي في أكتوبر عام 1979 عندما قرر في عطلة أسبوعية اتخاذ إجراءات لمكافحة التضخم.
خطوات منسقة في مواجهة "كورونا"
- أكد "باول" على أن قرارات الفيدرالي تمت بالتنسيق مع بنوك مركزية عالمية في اليابان وسويسرا وإنجلترا وكندا ومنطقة اليورو لحماية الاقتصادات من آثار فيروس "كورونا".
- أشار "باول" أيضاً إلى أن وباء "كورونا" له تأثير سلبي بالغ على الاقتصاد الأمريكي، ورحب الرئيس "ترامب" بهذه الإجراءات، قائلا إنه يشعر بالسعادة بعد اتخاذها.
- يرى البعض أن برنامج التيسير الكمي، بالتزامن مع خفض الفائدة قرب الصفر، يُعد إجراء يهدف إلى ضخ سيولة مباشرة في الاقتصاد الأمريكي.
- تظهر الإشارات الأولية أن قرارات الفيدرالي لم تكن كافية لدعم الأسواق، أوضح "باول" أنه رغم التأثير السلبي الواضح على الاقتصاد الأمريكي بسبب "كورونا"، فإنه من السابق لأوانه تقييم مدى الأضرار بوجه عام.
- أفاد بأن التطورات والتداعيات على الاقتصاد تظهر يوماً تلو الآخر، وهو ما يعني ضرورة مراقبتها عن كثب لتقييم الأمور بدقة.
- بالطبع، سيسهم التنسيق بين البنوك المركزية العالمية في تحسين السيولة من خلال خفض تكلفة الإقراض بالدولار، لكن بعد إطلاق أدواته الأكثر أهمية وفاعلية (خفض الفائدة والتيسير الكمي) من جعبة سياسته النقدية، هل نفدت أدوات التحفيز لدى البنك المركزي؟
- ربما يمكن الرد على هذا التساؤل بمرور الوقت لمعرفة تأثير الإجراءات العاجلة التي أقرها الفيدرالي مؤخرا على الأسواق والاقتصاد.
- يخشى مراقبون من نفاد الخيارات من جعبة البنك المركزي حال تفاقم أزمة فيروس "كورونا"، وسوف يظهر ذلك مع مرور الأيام ومراقبة البيانات والأسواق.
المصادر: إيكونوميست، بي بي سي
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}