نبض أرقام
01:19 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/22
2024/11/21

وقاية استباقية أم هلع .. ماذا وراء القرار المفاجئ من الاحتياطي الفيدرالي بخفض معدل الفائدة؟

2020/03/04 أرقام

أعلن الاحتياطي الفيدرالي الثلاثاء بشكل مفاجئ خفض الفائدة بنصف نقطة (خمسين نقطة أساس) إلى النطاق بين 1.25% و1.00%، وبرر القرار بأنه سيحافظ على النمو الاقتصادي الأمريكي في ظل التحديات التي يشكّلها انتشار فيروس "كورونا".

 

وصرّح رئيس الفيدرالي "جيروم باول" بأن خفض الفائدة يعد بمثابة خطوة استباقية للحفاظ على النمو، مشيراً إلى استمرار قوة البيانات الاقتصادية الصادرة.

 

لكن الأسواق بدأت في تقييم هذه الخطوة المفاجئة والنادرة التي اتخذها الفيدرالي دون الانتظار لاجتماع الشهر الجاري كي يفصح عنها، فماذا وراءها؟

 

 

ركود محتمل؟

 

- يرى محللون أن الركود الاقتصادي في أمريكا لا يمكن استبعاده في ضوء تأثر الاقتصاد الأكبر في العالم بالتباطؤ الذي يعتري اقتصاد الصين واقتصادات شرق آسيوية؛ مما يؤثر سلبياً على المصنّعين وتجار التجزئة في الولايات المتحدة.

 

- بمعنى آخر، سوف يضر الفيروس بسلاسل الإمداد والتوريد وتجار التجزئة دون الإضرار بالطلب، لكن هذا الافتراض كان منطقياً حتى الأسبوع الماضي قبل أن يتخذ الفيدرالي قراره  يوم الثلاثاء بخفض الفائدة.

- لسوء الحظ، لن يكون في جعبة الفيدرالي الكثير من الأدوات لاستعادة سلاسل الإمداد العالمية، كما أن قدرته ستكون محدودة حال تفشي الفيروس بشكل وبائي في الولايات المتحدة، فلو حدث ذلك، سيعزل المواطنون أنفسهم في المنازل - ومن ثم تأثر الطلب.

- رغم التفاؤل بشأن احتواء "كورونا"، إلا أنه من السهل تفشّيه كما حدث في الصين وانتقاله سريعاً إلى عشرات الدول الأخرى حول العالم؛ مما دفع بنوكاً ومؤسسات بارزة كمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لخفض التوقعات إزاء النمو الاقتصادي العالمي في 2020.

- في هذه الأثناء، سيكون اللاعب الرئيسي هو المواطنين، وبالتالي، "فتش عن إنفاق المستهلكين - العمود الرئيسي للاقتصاد الأمريكي - ففي أسوأ السيناريوهات، سيسفر تفشي الفيروس بشكل وبائي عن ضعف إنفاق المستهلكين بشكل حاد.

- من صور إنفاق المستهلكين السفر وارتياد المطاعم والمناطق الترفيهية والرياضة والتعليم وحتى الأحداث السياسية، بعد تأثر الإنفاق، سيفقد الملايين وظائفهم وسوف تهدد آلاف الشركات بالإغلاق - أي ركود اقتصادي بمعنى أصح.
 
- ضمن هذا السيناريو القاتم، سيكون على الولايات المتحدة التفكير خارج الصندوق من خلال استخدام أدوات كالمزج بين السياستين النقدية والمالية والعمل على احتواء انتشار الفيروس بشتى السبل.

 

 

"كورونا"

 

- يعكس قرار الفيدرالي بخفض الفائدة مدى المخاوف من تفشٍ وبائي لفيروس "كورونا"، الأمر الذي ينعكس سلبياً على الاقتصاد الأمريكي؛ حيث إن البنك المركزي عادة ما يدخر هذه الخطوات في أوقات التكهنات الاقتصادية القاتمة التي تنذر بالركود.

 

- بعد قرار خفض الفائدة، اتجهت الأسهم الأمريكية نحو الهبوط لتعكس هي الأخرى قلقاً بالغاً لدى المستثمرين بشأن قدرة البنك المركزي على وقف أضرار "كورونا" على ثقة وإنفاق المستهلكين.
 
- أكد "باول" أن التطورات حول "كورونا" والجهود المبذولة لاحتواء الفيروس سوف تنعكس على النشاط الاقتصادي محلياً وعالمياً، كما أن القرار يدل أيضاً على مدى القلق لدى أعضاء البنك المركزي من تفشي الفيروس بشكل وبائي خارج عن السيطرة.

- اعترف رئيس الفيدرالي بأن خفض الفائدة لن يقلل تفشي "كورونا" ولن يدعم سلاسل الإمداد، لكنه سيدعم الاقتصاد الأمريكي بشكل جوهري، كما أنه سيبعث برسالة للأسواق بأن البنك المركزي جاهز للرد ومواجهة أي مخاطر كما حدث عام 2019 عندما خفّض الفائدة ثلاث مرات رداً على مخاطر الحرب التجارية.

- بالطبع لن تكون خطوة الفيدرالي كافية، بل يجب أن تدعمها سياسة مالية من جانب الحكومة الأمريكية، فضلاً عن تحركات وجهود أكبر من السلطات الصحية لاحتواء الفيروس.

- بعد قرار الثلاثاء، يتوقع محللون اتخاذ الفيدرالي قراراً بخفض الفائدة بشكل إضافي خلال الأسابيع القليلة المقبلة - ربما في اجتماع مارس الجاري.

- علق مسؤولو الفيدرالي في العام الماضي على خفض الفائدة ثلاث مرات بأنه من المهم التصرف بشكل حاسم رداً على أول إشارة تباطؤ في الإنفاق أو وتيرة التوظيف.

- تجدر الإشارة إلى أن قرار الفيدرالي سبقته خطوة من جانب البنكين المركزيين في كل من أستراليا وماليزيا بخفض الفائدة وبيان من مجموعة الدول السبع ببذل كل الجهود الممكنة لمواجهة "كورونا".

 

 

وقاية أم هلع؟

 

- قال المحلل لدى "سي إن بي سي" "جيم كريمر" - الذي اشتهر بالدفاع عن الفائدة المنخفضة - تعقيباً على القرار بأن خفض الفيدرالي للفائدة خاطئ ولن يمنع سوق الأسهم الأمريكية من الهبوط.

 

- هذا ما حدث بالفعل بعد الإعلان عن خفض الفائدة وتعقيب "باول" على القرار حيث هبطت سوق الأسهم الأمريكية وأغلق "داو جونز" على تراجع بنحو 786 نقطة أدنى 26 ألف نقطة.

- يأتي ذلك في ظل مخاوف المستثمرين في "وول ستريت" من إضرار "كورونا" بأرباح الشركات خاصة بعد أن دق البعض منها كـ"آبل" و"مايكروسوفت" جرس إنذار بشأن نتائج أعمال الربع السنوي الجاري.
 
- يرى "كريمر" أن المشكلة تكمن في أن الفيروس يمكنه الإضرار بالاقتصاد الأمريكي بشكل كبير، ومن ثم، فإن قرار خفض الفائدة ليس الحل.
 
- فسّر المحلل الاقتصادي الشهير قرار خفض الفائدة بأنه يعكس هلعاً شديداً لدى أعضاء الفيدرالي من تحول "كورونا" إلى وباء، كما أن "باول" بدا خائفاً  من ارتفاع معدل البطالة في الولايات المتحدة.
 
- لم يدعم قرار خفض الفائدة ثقة الشركات أو المستثمرين، بل إن القرار تسبب في مزيد من الضغوط على سوق السندات وهذا ما اتضح عند انخفاض العائد على السندات الأمريكية لأجل عشر سنوات أدنى 1% للمرة الأولى في تاريخه.
 
- رغم أن "باول" ألمح إلى أن خفض الفائدة يعد بمثابة وقاية استباقية من أضرار محتملة سيسببها "كورونا" للاقتصاد الأمريكي، إلا أنه - دون قصد - بعث برسالة للمستثمرين مفادها أن البنك المركزي يتوقع أضراراً بالغة على النشاط الاقتصادي.

 

المصادر: ماركت ووتش، وول ستريت جورنال، سي إن بي سي

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.