ما المقصود بـ"الاقتصاد المخطط"؟ وما دور التكنولوجيا في تطويره؟

قبل قرن تقريباً، كان المهندسون لديهم مساحاتهم الخاصة وتسمى غرفة التحكم، وقبلها، كانت الأشياء تحتاج للتحكم بشخص في كل بقعة على حدة، لكن مع تطور شبكات السكك الحديدية وأنظمة التدفئة وشبكات الكهرباء، أصبح الأمر أكثر تعقيداً.

من هنا جاء دور التكنولوجيا في تبسيط الأمور والسيطرة على الأشياء على نحو أفضل، فمن الممكن التحكم من بعد وتغيير أنماط الشبكات وحالتها التشغيلية من مستوى لآخر بضغطة زر ومن موقع بعيد.

بدأ الجدل يُثار بشأن كيفية إدارة الاقتصادات، وتحدث البعض في سبعينيات القرن الماضي عن أن هذا الأمر يمكن بواسطة وسائل اتصالات وحواسب وتكنولوجيا المعلومات حتى نجحت اقتصادات السوق وشبه السوق ليظهر بعدها مفهوم الاقتصاد المخطط.

الاقتصاد المخطط

- يعرف الاقتصاد المخطط بأنه منظومة اقتصادية تتحكم فيها سلطة مركزية كالحكومة لاتخاذ قرارات تتعلق بالصناعة والإنتاج، ويختلف ذلك عن اقتصادات السوق التي تتخذ فيها القرارات من جانب الشركات والمستهلكين.

- تمتلك أغلب الدول المتقدمة اقتصادات تمزج بين التخطيط المركزي وأنظمة السوق الحرة والتي طورها ومزج بينها اقتصاديون من المدارس الكلاسيكية والحديثة، وتميل أغلبها إلى اقتصادات السوق الحرة التي تتدخل فيها الحكومات  لتنفيذ أهدافٍ ما كحماية التجارة والتنسيق بين خدمات عامة بعينها.

- يرى المدافعون عن الاقتصادات المخططة أن السلطات المركزية يمكنها تحقيق أهداف وطنية واجتماعية أفضل وأعلى كفاءة عن طريق تدخلاتها ومعالجتها لمشكلات كالفساد، بينما يرى المعارضون أن ذلك يخلق منظومة غير مرنة تخلو من تدفقات استثمارية من القطاع الخاص.

- تكمن المشكلة المرتبطة بالاقتصاد المخطط في أن هذا النموذج يستدعي الكثير من الانتقادات من الخبراء والهجوم على الحكومات بعدم الكفاءة وعدم معالجة أوجه القصور والعجز أو حتى الفائض، كما أن اتهامات الفساد تطال أحيانا بعض الساسة.

- من بين النماذج والأمثلة التي  تطبق أنظمة الاقتتصاد المخطط مركزياً تلك الأنظمة الاشتراكية والشيوعية التي تتحكم بشكل كبير في جميع جوانب الاقتصاد، فقد ارتبط مفهوم التخطيط المركزي بالنظرية "الماركسية - اللينينية".

- ربما تكون الصين والاتحاد السوفييتي القديم وفيتنام وكوبا أمثلة واضحة ومباشرة على تطبيق الاقتصاد المخطط مركزياً.

- صرح المؤسس الشريك لـ"علي بابا" الملياردير الصيني "جاك ما" عام 2017 بأنه على مدار المائة عام الماضية، ثبت أن اقتصاد السوق هو أفضل نظام، لكن في العقود الثلاثة القادمة، ومع التطور التكنولوجي، ربما تكون هناك بعض الأيادي الخفية في السوق سواء التي ستتحكم إيجابياً أو سلبياً.

التكنولوجيا
 

- يمكن للتكنولوجيا معاونة كافة الجوانب الاقتصادية بطرق مختلفة من بينها توفير الوظائف حيث يرى محللون أن تكنولوجيا المعلومات ستظل واحدة من أفضل القطاعات الموفرة للوظائف، وفي أمريكا وحدها، من المتوقع نمو أعداد الوظائف بتكنولوجيا المعلومات والحواسب بنسبة 22%.

- أيضاً، ستسهم التكنولوجيا في  تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي في الأسواق الناشئة والاقتصادات المتقدمة بالتزامن مع التطور في أنظمة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتضيف على الأرجح 0.5% من النمو للناتج المحلي الإجمالي العالمي.

- مع ظهور وسائل تكنولوجية حديثة، تظهر معها خدمات وصناعات مختلفة وجديدة لم تكن متوفرة سابقاً، مثل الأنظمة السحابية وتطبيقات الجوال والخدمات الإلكترونية للمواطنين والشركات فضلا عن تحولات في سوق العمل وظهور أنواع جديدة من الوظائف.

- هناك عدد من النظريات التي تحاول تفسير أسباب انهيار الاتحاد السوفييتي من بينها عدم الكفاءة الاقتصادية والإفلاس الأيديولوجي، بينما تحدث باحثون عن أن السبب الأكثر منطقية هو الاقتصادات المخططة للأنظمة الشيوعية والاشتراكية.

- أشار الباحثون إلى أن تلك الأنظمة لم تكن تتمتع بكيفية معالجة البيانات، فالرأسمالية ربحت الحرب الباردة بسبب عملها على معالجة البيانات بشكل أفضل من معالجة البيانات مركزياً، وإلا كيف لمخطط مركزي في موسكو إدارة أكثر من عشرة جوانب اقتصادية في مناطق مختلفة؟

- يحتاج المخططون المركزيون لأدوات لمعالجة البيانات بشكل أكثر فاعلية من أجل إدارة هذا النوع من الاقتصادات بكفاءة، وهنا يأتي دور التكنولوجيا والبيانات الكبرى في عالمنا هذا المتصل بشكل أفضل.

- بالطبع، ستسهم التكنولوجيا ومعالجة البيانات في فهم آليات السوق بشكل أفضل والتنبؤ بالقوى المحركة له وتخطيط الاقتصاد بفاعلية، وربما ذلك ما يدعم اقتصادا مخططاً بشكل مركزي في الصين.

- تسهم التكنولوجيا أيضاً في اتخاذ القرارات بشكل أفضل في نموذج الاقتصاد المخطط ومعالجة البيانات المتدفقة والواردة من السوق والقطاعات الصناعية المختلفة ودرء الفساد.

المصادر: إيكونوميست، فاينانشيال تايمز، إنفستوبيديا، المنتدى الاقتصادي العالمي