في تايوان، هناك مجمع صناعي عملاق يشبه خلية النحل لما يجري به من أنشطة صناعية وإنتاجية هائلة تعتمد عليها قطاعات أخرى وربما تمثل مستقبل التكنولوجيا حول العالم، وينحصر كل ذلك في عبارة "أشباه الموصلات".
وربما لا تعني أشباه الموصلات الكثير بالنسبة للبعض، لكنها بالنسبة للتكنولوجيا الحديثة تعد مسألة حياة أو موت، وفي المجمع الصناعي التايواني على وجه الخصوص، توجد مكونات وأجزاء فنية لا تقوم لشركات مثل "أبل" و"علي بابا" و"ديزني" قائمة بدونها.
ليس هذا فقط، بل إن 29 من بين أكبر 30 شركة على مستوى العالم من حيث القيمة السوقية تعتمد بشكل كبير على إنتاج شركة صناعة أشباه الموصلات التايوانية.
عماد التكنولوجيا
- على ما يبدو، لا تستهدف الشركة التايوانية بصناعاتها وخدماتها ومنتجاتها المستهلكين الأفراد على غرار مثلا بيع "أبل" لجوالات "آيفون"، لكن زبائنها هم الشركات التكنولوجية الكبرى.
- يوفر المجمع الصناعي الخاص بالشركة منتجات كالرقائق الإلكترونية المستخدمة في صناعات الجوال والبطاقات الذكية وأجهزة بث الفيديو، باختصار، توفر الشركة التايوانية بنية تحتية إنتاجية للعالم التكنولوجي الحديث.
- هذا ما يجعل الشركة ذات أهمية شديدة لصناعات مختلفة بعيدا عن كونها تدير مجرد نشاط تجاري، فهناك صناعات متقدمة في الولايات المتحدة والصين لا يمكن أن تقوم لها قائمة بدون تلك الشركة.
- يرجع ذلك إلى أن أشباه الموصلات -التي تعد مزيجاً من مكونات مثل الترانزستور والسليكون- التي توفرها الشركة بتكلفة أرخص وأدق في الجودة في والصنعة أصبحت عماداً لصناعات عديدة.
- تنوي الشركة بناء مبنى سادس -يضاف إلى خمسة مبان أخرى بمجمعها في تايوان- سيتم من خلاله صناعة رقائق إلكترونية خاصة بجوالات "آيفون" بنسخه القادمة.
- تمتلك الشركة التايوانية القدرة على تجميع كميات ضخمة من الرقائق الإلكترونية بدقة وبحسب أي طلب يقدم إليها من شركات برمجيات أو أجهزة تقنية وبتكلفة أقل.
- تأسست هذه الشركة عام 1987، وكانت وقتها صانعة الرقائق الإلكترونية الوحيدة التي تتيح منتجاتها لشركات أخرى في العالم، واقتصر عملها في ذلك الوقت على تصنيع منتجات أشباه موصلات للحواسب والأجهزة الإلكترونية الأخرى، لكن مع انطلاق ثورة الجوال، زادت الحاجة إلى منتجاتها.
- أصبحت حاليا المورد الرئيسي والحيوي لاثنتين من أكبر شركات صناعة الجوال على مستوى العالم، وهما "أبل" و"هواوي"، وتسهم الشركتان في أكثر من 10% من إجمالي إيرادات الشركة التايوانية.
ثنائي القطبية التكنولوجية
- رغم النجاح الهائل في صناعاتها ومنتجاتها والخدمات التي جعلتها بمثابة أحد أعمدة الصناعة عالمياً، إلا أن الشركة المعروفة اختصاراً بـ"تي إس إم سي" تواجه تحديات ربما تؤثر على مستقبلها.
- قال مؤسس "تي إس إم سي" "موريس تشانج" في نوفمبر الماضي بأن النجاح الهائل على الصعيد العالمي ربما يمثل أهمية جيواستراتيجية كون الشركة تمثل ركيزة أساسية لقوتين عالميتين هما الولايات المتحدة والصين.
- لكن ماذا لو حاولت إحدى الدولتين ادعاء السيادة على "تي إس إم سي" وتعهدت الأخرى بتقديم الحماية؟ تساءل "تشانج" بأن الأمر حين ذلك سيكون بمثابة صراع ومصدر قلق كبير.
- في جنوب شرق آسيا، هناك أحاديث عن أن العالم أصبح ثنائي القطبية التكنولوجية كونه منقسما بين الولايات المتحدة والصين، وكل طرف يريد جذب أكبر عدد من الشركات والموردين التقنيين إلى صفه.
- رغم هدوء النزاع التجاري بين واشنطن وبكين، إلا أنه في ذروته، شهد موطن خلاف عميق بين القوتين الاقتصاديتين، ألا وهو حماية حقوق الملكية التكنولوجية، فالولايات المتحدة تريد وقف قرصنة وتغلغل الصين في كياناتها وإبداعاتها التكنولوجية.
- رغم أن "تي إس إم سي" تورد منتجاتها وخدماتها لشركات من الدولتين، إلا أن واشنطن أو بكين ربما تستشعر الخطر من هيمنة محتملة على صناعة أشباه الموصلات الأمر الذي ربما يدفع أياً من الدولتين لتأمين احتياجاتها محلياً أو البحث عن بدائل أخرى.
- تجدر الإشارة إلى أن سهم الشركة التايوانية ارتفع إلى مستوى قياسي في جلسة الإثنين بدعم من المبيعات القوية لمختلف الصناعات والقطاعات حول العالم.
- أفاد وسطاء أسهم يابانيون بأن استمرار النمو التكنولوجي عالميا سيمنح الشركة التايوانية مزيدا من الدعم وسط تلقي طلبيات هائلة من عملاء على رأسهم "أبل" و"كوالكوم".
- أعرب محللون أمريكيون أيضاً عن تفاؤل مشابه تجاه الشركة التايوانية فضلا عن التوقعات بمزيد من الصعود في سعر سهمها.
المصادر: إيكونوميست، فوكاس تايوان
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}