يعد استخدام الرقم "9" في المبيعات شائعًا بشدة، فإذا كان سعر سلعة 10 آلاف ريال فإن الكثير من البائعين يقومون بعرضها بـ"9999" ريالًا، وعلى الرغم من أن العقل كثيرًا ما يقوم بترجمة الرقم الأخير إلى 10 آلاف مباشرة إلا أن البائعين يُصرون على استخدام مثل هذا الأسلوب بما يثير التساؤل حول السبب وراء ذلك.
رقم مهيمن
وتشير دراسة كلية الاقتصاد في جامعة "إيموري" إلى أن 60-95% من السلع في البقالة والتوزيع يتم عرضها بأسلوب استخدام الرقم 9 في خانة الآحاد بما يجعله مهيمنًا على حساب بقية الأرقام (0-9) بشدة، لا سيما مع استخدامه من جانب شركات أخرى في مجالات غير البيع بالتجزئة (حتى في بعض شركات العقارات بعرض عقار بـ999 ألف ريال مثلا وليس مليون ريال).
وتشير الدراسة إلى أنه ما نسبته 80% من المستخدمين يقومون بتقريب الرقم مباشرة، وعلى الرغم من ذلك فإن نسبة 84% من المستخدمين "يشعرون" حقًا بأن المنتجات التي تنتهي بالرقم 9 أقل تكلفة من تلك التي تنتهي بصفر أو حتى بغيره من الأرقام.
وتُرجع الدراسة ذلك إلى أن المستهلك يشعر بأنه هو من قام برفع سعر السلعة عقليًا بينما هو ليس مرتفعًا بنفس الدرجة، بما يجعله -رغم إدراكه بأن هذا ليس حقيقيًا- يقبل على شراء المنتجات التي تنتهي برقم 9 أكثر من غيره من المنتجات.
كما أن نسبة ليست يسيرة من المستهلكين، تصل إلى 30% وفقًا لتقديرات الدراسة، تقوم بإدراك رقم 2.99 دولار على أنه 2 دولار وليس 3 دولارات، وذلك بسبب قرار هؤلاء المستهلكين العقلي بإهمال "الفكة" بما يدفعهم لإدراك السعر بشكل مخفق وليس على أنه 3 دولارات كما هو واقع الأمر.
تأثير مزدوج
وعلى ذلك ترتفع مبيعات المنتجات المبيعة برقم نهايته 9 بنسبة 14% في محلات التجزئة الأمريكية، عن متوسط مبيعات السلع التي تنتهي بالأرقام الأخرى، ولذلك تستمر المتاجر في استخدامها على الرغم من إدراك الكثير لـ"الفخ" الذي يقدمون على دخوله بمحض إرادتهم.
وفي هذا الإطار، تشير دورية "سيكولوجي توداي" إلى أن المتاجر تستفيد من التسعير بالرقم 9 من حقيقة أخرى تتعلق بعدم إقبال غالبية المستهلكين على مقارنة الأسعار في حالة منتجات المقاربة (سلع البقالة أو تلك رخيصة الثمن) بما يجعلهم يقدمون على شراء ما "يعتقدونه" أرخص سعرًا وليس ما هو أرخص بالفعل.
وفي كثير من الحالات يستخدم البائعون استراتيجية الرقم 9 بشكل جزئي، فعلى سبيل المثال أشارت دراسة لـ"هارفارد" إلى أنه بدراسة أكبر 10 متاجر للتجزئة في الولايات المتحدة فإنهم يقومون بتسعير المنتجات التي تحظى بعروض ترويجية بالرقم 9 بنسبة 60% أكثر مما يفعلون مع المنتجات التي لا تحظى بالعروض الترويجية.
وتشير الدراسة إلى أن المتاجر تسعى بذلك إلى إحداث تأثير مزدوج على المستهلك، الأول من خلال العروض التجارية، والثاني من خلال الرقم 9 بما يجعل قرار الشراء سريعًا وغير متعلق بتحليل واقعي للأسعار ولكن للاندفاع خلف الشعور بتحقيق وفورات في عميلة الشراء.
الرقم 9 أكبر من 10
ولعل أبرز دراسة في هذا المجال كانت لجامعة "شيكاغو" الأمريكية، بوضع أسعار أحد الأزياء النسائية عند 34، 39،44 دولارًا، ليكتشف من أجروا الدراسة أن المبيعات كانت في أعلى مستوياتها عند مستوى 39 دولارًا تأكيدًا على تأثير رقم "9" على المتسوقين.
وفي دراسة نادرة لجامعة "هارفارد" رصدت الدراسة أسعار 120 سلعة لدى 10 تجار تجزئة في مدينة "مانهاتن" الأمريكية عام 1997، وبناء على ذلك أصبح لدى الدراسة ما مجموعه 1200 سعر يمكن المقارنة بينهم للكشف عن تأثير وجود الرقم 9 في نهاية تسعير أي سلعة.
واكتشفت الدراسة أن متوسط تسعير السلع التي تنتهي برقم 9 أعلى بنسبة 24% من أدنى سعر للسلعة نفسها في مجموعة المقارنة كلها، بل وفي بعض السلع التي يتم بيعها بـ9.99 دولار فكثيرًا ما يفوق الفارق نسبة 30%، وذلك على الرغم من أن الفارق في هذه الحالة عن التسعير لا يتعدى سنتًا واحدًا.
وبذلك يستفيد البائعون باستمرار من التسعير بالرقم 9، لأنهم وفقًا لـ"سايكولوجي توداي" يخاطبون اللاوعي عند الأشخاص وليس عقلهم الواعي، معتبرة أن من "ينجون" من مثل هذا التأثير هم فقط من يدركون مدى عمق محاولة التأثير على إرادتهم ودفعهم لاتخاذ قرارات لا إرادية بشكل مستمر، أي هؤلاء الذي يسعون باستمرار لتقديم العقل الواعي على نظيره غير الواعي.
المصادر: دراسة لجامعة "إيموري"، دراسة لجامعة "هارفارد"، دورية "سايكولوجي توداي"، دراسة لجامعة "شيكاغو"
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}