تعد صناعة الفندقة إحدى أهم الصناعات حول العالم، لما توفره من دعم لصناعة رئيسية مثل السياحة من جانب، وبسبب ما توفره من دعم لوجيستي لأحد أهم مظاهر عالمنا الحديث من انتقال بين الدول والمدن، بما يستلزم وجود "استضافة" توفرها الفنادق.
انتعاش
وتقدم صناعة الفندقة 550 مليار دولار من أصل 1.2 تريليون دولار تدرها صناعة السياحة والرحلات حول العالم (بما في ذلك الطيران)، بمتوسط نمو 6 % خلال السنوات الأربع الأخيرة، بينما كانت نسبة النمو أقل من ذلك خلال العقدين الأخيرين بالكامل بشكل عام، بما يوحي باتجاه نمو تصاعدي، وفقًا لتقرير لـ"ديلويت".
وتبدو نسبة النمو تلك مرضية للغاية بالنسبة لصناعة تقليدية وعتيقة للغاية مثل صناعة الفندقة، لا سيما لدى مقارنتها بنمو صناعة السياحة والاستضافة بشكل عام، ويبلغ معدل نمو الأخيرة 3.9%، وفقًا لتقديرات "فوربس"، بما يجعل الفندقة في قمة الصناعات المرتبطة بالسياحة والترحال نموًا بشكل عام.
ويختلف توزيع مداخيل الفنادق، ولكن يقول "جوزيف توي" الخبير الاقتصادي في شؤون الفندقة لـ"سمول بيزنيس" إن 65 % من مداخيل الفنادق تأتي من خدمة تأجير الغرف، و25% من المأكولات والمشروبات، و10% فحسب من المحال الموجودة بالفنادق وخدمات مثل الكي وغسل الملابس وغير ذلك.
ويجعل هذا صناعة الفندقة رهينة بصورة أو بأخرى لنمو السياحة، ولنمو الاقتصاد العالمي الذي يستلزم ترحال الناس بهدف الاستثمار والعمل، وهو ما يجعلها إحدى أكثر الصناعات تأثرًا بحال الاقتصاد العالمي، لذا يشير "المنتدى الاقتصادي العالمي" إلى حالة من "الضبابية" التي تكتنف مستقبل الصناعة في ظل الحروب التجارية واحتمالات تباطؤ الاقتصاد العالمي.
تنوع الأنشطة
وعلى الرغم من ذلك يتوقع تقرير "مستقبل الفندقة" لـ"ديلويت" استمرار نمو الصناعة في السنوات القليلة المقبلة بمتوسط 6-7% وذلك بسبب انتعاش عام في القطاعات الخمسة التي يتشكل منها القطاع، وهي الاستضافة، و"تايم شير" والمأكولات والمشروبات، والترفيه (كازينوهات وغيرها)، والأنشطة السياحية (تأجير سيارات أو إقامة حفلات).
وكل هذه الأنشطة بلا استثناء تشهد انتعاشًا جيدًا بما يجعل انخفاض أحد منها مستقبلًا ذا تأثير محدود، خاصة في ظل تخطي الصناعة للمرحلة التي تدنت فيها أرباحها إبان الأزمة المالية العالمية، وعودة الربحية إلى مستويات فوق 20% بشكل عام للصناعة ككل.
وعلى الرغم من الصورة المشرقة لها، فإن "الشيطان يكمن في التفاصيل" دائما، وخصوصا فيما يتعلق بالتفاوت الحاد في الربحية، فبعض الفنادق تصل ربحيتها إلى 50%، لا سيما في المدن التي تشهد إقبالا طيلة العام، مثل "فيجاس" الأمريكية على سبيل المثال.
وفي المقابل فإن الفنادق الموسمية، أو التي تقتصر أعمالها على فصل الشتاء أو الصيف لا سيما في الدول الساحلية أو ذات الطبيعة الباردة، فأرباح تلك الفنادق قد لا تتعدى 7-10% بسبب اعتمادها المكثف على فترات محددة كل عام، واستمرار تكلفة التشغيل طيلة فترات السنة دون تأثر كبير، رغم تغير المداخيل بشكل جذري.
عوامل خارجية
وفي بعض الحالات تصل الفنادق إلى مرحلة من المنافسة السعرية الضارة التي تؤدي إلى خسارة بعضها، في ظل تذبذب الطلب على خدمات الفنادق، وهو ما يظهر كثيرًا في دول حوض البحر المتوسط والبحر الميت على سبيل المثال، في ظل منافسة ضارية على سياحة كبيرة حجمًا ولكنها تتركز صيفًا بالأساس.
وإحدى أهم الأزمات التي تواجهها صناعة الفندقة تتمثل في التركز الشديد لها، فعلى سبيل المثال تتخطى نسبة مساهمة الولايات المتحدة في الصناعة 37%، بينما تصل نسبة مشاركتها مع أوروبا قرابة 65% من السوق العالمي، بما يعكس تركزًا شديدًا لها، وفقًا لـ"ستاتيكا".
كما تظهر أزمة في الصناعة متعلقة بالقيود التي بدأت الكثير من الدول في فرضها على السفر بشكل عام والهجرة بشكل خاص، في ظل توقعات "ديلويت" باحتمال تراجع نسبة نمو الصناعة إلى 3-4% إذا استمر صعود اليمين السياسي في العديد من الدول الغربية.
وبشكل عام تبدو صناعة الفندقة في وضع جيد للغاية، ولكن ما يعترض طريق نموها هو عدم قدرتها على التحكم لا في مدخلاتها ولا في حجم الطلب بما يجعلها عرضة لتهديدات غير محسوبة ومُهددة باستمرار بالضرر من خارجها، وهو أخطر شيء تخشاه أي صناعة.
المصادر: تقرير لـ"ديلويت"، "ستاتيكا"، "فوربس"، المنتدى الاقتصادي العالمي، "سمول بيزنيس"
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}