عادة ما حضرت عمليات إعادة شراء الأسهم -وهي الممارسة التي تشتري فيها الشركات أسهمها باستخدام فائض النقود لديها- في النقاشات بين المحللين، وكانت محل حذر وتشكيك في كثير من الأوقات حتى أنها وصفت بـ"كوكايين الشركات".
في بلد مثل بريطانيا، تراوح إجمالي حجم عمليات الشراء بين 15 مليار جنيه إسترليني (18.50 مليار دولار تقريبًا) و20 مليار جنيه إسترليني سنويًا، لشركات مؤشر "فوتسي 350"، خلال الفترة بين عامي 2007 و2017، الأمر الذي وصف بأنه "قصر نظر غذته أطماع الشركات".
هذه المليارات تبدو متواضعة مقارنة بما أنفقته 466 شركة مدرجة بمؤشر "إس آند بي 500" الأمريكي على عمليات إعادة شراء الأسهم خلال الفترة بين عامي 2008 و2017، حيث اشترت ما قيمته 4 تريليونات دولار (أكثر من نصف أرباحها).
بالعودة للمملكة المتحدة، كان هذا الاتجاه نتيجة الكثير من المخاوف، لكن تعهد الحزب المحافظ في عام 2017 بالتحقيق في عمليات إعادة الشراء هذه، لضمان أنها لا تُستخدم بشكل مصطنع لتحقيق أهداف الأداء وتضخيم رواتب المسؤولين التنفيذيين.
أثرها على الصعيد الاستثماري
- يدعي المعارضون لهذه الممارسة أنها تأتي على حساب استثمارات الشركات المنتجة وتستخدم للتلاعب في نسب ربحية السهم بغرض إثراء المديرين التنفيذيين، لكن ادعاء مثل هذا لا يبدو في محله.
- هذه المخاوف التي أثارها سياسيون ومعلقون مناهضون للرأسمالية، كانت دائمًا موضع شك اقتصادي، ومن الصحيح أن قرار إعادة شراء الأسهم قد يعني في بعض الأوقات استغناء الشركة عن زيادة الاستثمارات، لكن يرى مؤيدون أنها الممارسة الأفضل لآفاق الشركة.
- في الحقيقة، هذه الأموال التي تم تمريرها إلى المستثمرين عن طريق إعادة الشراء لا تختفي، وعلى مستوى الاقتصاد الكلي تصبح مصدرًا جديدًا لتمويل المشاريع الأخرى، ولا يوجد أي سبب للاعتقاد بأنها تخفض مستوى الاستثمار بشكل إجمالي.
- داخل النشاط التجاري، قد تعتبر إعادة شراء الأسهم اعترافًا بأن الشركة استنفدت فرصها الاستثمارية الرابحة، ويبدو قرار الاستثمار غير حكيم ويضر بالربحية، في حين أن إعادة شراء الأسهم تعزز أرباح الأسهم على المدى القصير.
- على المدى الطويل، يتأثر مسار سعر السهم بكيفية استخدام الأرباح، فإذا كانت هناك استثمارات جيدة، فيعزز ذلك الربحية، وفي الواقع ربما يأتي ارتفاع سعر السهم بعد عمليات إعادة الشراء لأن المستثمرين يعتقدون أن المديرين يتجنبون التبذير والأنشطة غير المضمونة.
ممارسة بريئة من الإضرار بالاستثمار
- وفقًا لنتائج الدراسة التي أجرتها الحكومة البريطانية، وأشرف عليها البروفيسور "أليكس إدمانز" من كلية لندن للأعمال وشركة "برايس ووترهاوس كوبرز"، فهناك الكثير من الأدلة على صحة الحدس الاقتصادي لهذه الممارسة.
- وفقًا للبيانات الخاصة بشركات "فوتسي 350"، فإن معظمها تجري عمليات إعادة شراء الأسهم بشكل دوري، ويتخذ الرؤساء التنفيذيون القرار بشأنها بعد النظر في الخطط الاستثمارية واتخاذ الإجراءات الخاصة بها.
- قال 85% من المديرين التنفيذيين الذين شملتهم الدراسة، إن شركاتهم استثمرت ما يكفي من الأموال خلال السنوات الثلاث الماضية للمساهمة في تحقيق النجاح مستقبلًا.
- وجد "إدمانز" و"برايس ووترهاوس كوبرز" علاقة إيجابية محدودة بين متوسط عمليات إعادة شراء الأسهم ومستويات الاستثمار، وإن كانت هذه العلاقة غير ذات أهمية إحصائية، فإنها تنكر أطروحة أن عمليات إعادة شراء الأسهم تميل إلى الحد من الاستثمارات.
- حتى الشركات التي لديها دوافع أكبر لإجراء هذه العملية (تلك التي لم تحقق هدف أرباح الأسهم) لم يتبين أنها سجلت مستويات استثمار منخفضة عن نظيرتها التي لم تخضع لمثل هذه الضغوط.
ماذا عن تضخيم المكافآت؟
- المخاوف بشأن المشكلة المحتملة الأخرى المتمثلة في التلاعب بأجور التنفيذيين، والتي استمدت قوة مؤخرًا بعد انهيار شركة السفر والسياحة "توماس كوك"، ليست دقيقة أيضًا؛ في الحقيقة لم يتبين وجود علاقة بين ممارسة إعادة شراء الأسهم والمسؤولين الذين يتخذون قرارات سيئة.
- التحليل الإحصائي الذي أجراه "إدمانز" لم يتوصل إلى أي علاقة بين الشركات التي لديها هدف ربحية سهم وخطط إعادة شراء أسهم، كما لم يكن هناك رابط بين حجم إعادة شراء الأسهم ونسبة المكافآت المرتبطة بالربحية.
- خلال فترة العقد الزمني التي تم فحصها، لم يتم العثور على أي شركة قادرة على توظيف عمليات إعادة الشراء بنجاح للتغلب على هدف ربحية السهم، لأسباب ليس أقلها أن الشركات نادرًا ما تشتري ما يكفي من الأسهم للتأثير على مستوى الربحية.
- يضاف إلى ذلك، إقرار المسؤولين التنفيذيين بأن خطط الحوافز طويلة الأجل تعتبر ذات أولوية منخفضة عند اتخاذ قرار بشأن الانخراط في ممارسة إعادة شراء الأسهم، والأكثر أن 30% من الشركات تعدل هدف ربحية السهم لاستيعاب نشاط إعادة الشراء.
- رغم أن الأمر يحتاج لمزيد من البحث لكن هذا لا يعني أن إعادة شراء الأسهم بهذا الشر المصور عنها، فهناك العديد من التفسيرات لها، مثل التعويض عن منح الأسهم للموظفين أو الاعتقاد بأن السهم مقوم بأقل مما يستحق أو ربما للحد من تجزئة قاعدة المستثمرين.
المصدر: التلغراف
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}