على مدار يومي السبت والأحد الماضيين كان المتداولون والمحللون في سوق النفط العالمي يستعدون كالعدائين الذين يجرون عملية الإحماء قبل الانطلاق في سباقهم، لمتابعة حركة أسعار النفط وتقييم مستقبل السوق على خلفية الهجمات الإرهابية الغاشمة التي طالت اثنتين من أهم المنشآت التابعة لـ "أرامكو".
ومع التهديد الذي ينال من أمن الطاقة عالمياً عبر تعطيل تدفق إمدادات النفط، سارعت بيوت الخبرة والمحللون لإبداء الآراء حول توقعات الأسعار وتداعيات الهجوم التي يرى بعضهم أنها تتجاوز سوق النفط.
تآكل المخزونات والطاقة الإنتاجية الفائضة
- عند افتتاح جلسة يوم الإثنين، وفي حركة جعلت الجميع على الأرجح يحبسون أنفاسهم في صالات التداول، قفز سعر خام "برنت" بنحو 20% مسجلًا أعلى وتيرة ارتفاع في قرابة الثلاثة العقود، في حين زاد سعر الخام الأمريكي بنسبة 16%، قبل أن يقلصا مكاسبهما بعد ذلك.
- مصرف "جولدمان ساكس" قال في مذكرة له إنه في حال استمر التوقف الجزئي للإمدادات السعودية لفترة تتجاوز الستة الأسابيع، سيرتفع سعر خام "برنت" أعلى 75 دولارًا للبرميل وسيتسبب ذلك في بدء استهلاك الاحتياطيات الإستراتيجية لسد العجز.
- مصرف "باركليز" من جانبه قال إن الهجمات الأخيرة تزيد من العجز في السوق على المدى القريب وتساعد في استهلاك المخزونات والقدرة الإنتاجية الفائضة، لكنه في نفس الوقت قلل من احتمالية تأثر صادرات المملكة بشكل كبير جراء الاعتداءات الأخيرة.
- هذا ما أكدته أيضًا المحللة لدى "إس آند بي جلوبال بلاتس"، "سارة كوتلي" في مقابلة مع "سي إن بي سي" قائلة: الهجمات الإرهابية التي طالت السعودية ستؤدي إلى القضاء على الطاقة الإنتاجية الفائضة حول العالم وتمنح الأسعار نظرة صعودية على المدى الطويل.
هل يملك العالم مخزونات كافية؟
- تقول "بلومبيرغ" في تقرير لها: يمكن لشركة "أرامكو" استعادة جزء كبير من الإنتاج المعطل البالغ 5.7 مليون برميل يوميًا في غضون أيام، لكن ربما يستغرق الأمر أسابيع للعودة إلى كامل الإنتاج.
- إذا لم يكن بالإمكان إعادة الإنتاج إلى مستواه المعهود بسرعة كافية، يمكن للعالم أن يلجأ إلى المنتجات المكررة والخام المخزن بمعرفة الحكومات للحالات الطارئة، وقد أذن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بالفعل باستخدام الاحتياطي الإستراتيجي للبلاد حال لزم الأمر.
- بلغ إجمالي مخزونات النفط التجارية والحكومية لدى بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 4.48 مليار برميل في نهاية يونيو الماضي، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، وهو ما يكفي لتلبية استهلاك الدول الأعضاء 92 يومًا، وهناك مخزونات إستراتيجية كبيرة لدى دول خارج المنظمة.
- تشير البيانات إلى أن المخزونات التجارية تكفي لتلبية الطلب لمدة 60 يومًا، لكن هذا الرقم مضلل بحسب التقرير، لأنه يشمل النفط الجاري ضخه في الأنابيب والمصافي، والذي يمثل نحو ثلثي الرقم، لكنه في نفس الوقت لا يعبر عن المخزونات المحملة على الناقلات في عرض البحر.
- إذا تمكنت "أرامكو" من استعادة الإنتاج المعطل سريعًا، فإن ما يعادل 20 يومًا من الطلب من هذه المخزونات سيكون كافيًا لسد حاجة بلدان المنظمة، لكن إن لم يتم الأمر بالسرعة المتوقعة، سوف يتعين النظر في مخزونات الطوارئ المملوكة من قبل الحكومات.
- خلص تقرير "بلومبيرغ" إلى أن معدل السحب من مخزونات الطوارئ يتجاوز الحد المطلوب لتغطية التعطل الجزئي للإمدادات السعودية حتى ثلاثة أشهر على الأقل، لكن إذا كانت مدة التغطية أطول ستصبح الأمور أكثر صعوبة على بلدان المنظمة.
- البعض يقترح أنه قد يتم تفادي مسألة استهلاك المخزونات حال وظّفت المملكة طاقتها الإنتاجية الفائضة لتعويض النقص، إضافة إلى زيادة بلدان "أوبك" الأخرى للإمدادات التي خفضتها بموجب اتفاق ضبط الأسعار.
الانعكاس على الدولار والفيدرالي
- تتمتع العملة الأمريكية بعلاقة عكسية مع سعر النفط الخام، ونتيجة لذلك، ضعف الدولار بشكل كبير مقابل اليورو خلال سوق النفط الصاعد الذي سبق أزمة عام 2008 (نمط وارد الحدوث هذه المرة)، في حين ارتفعت قيمته خلال الانخفاض الحاد لأسعار الخام نهاية عام 2014.
- ارتفاع اليورو سيكون سيئًا للشركات الأوروبية وربما تتعرض الأسهم في القارة العجوز لضغوط أقوى من الولايات المتحدة إلى جانب زيادة في التقلبات.
- الأثر المهم الآخر سيكون على الاحتياطي الفيدرالي، فارتفاع أسعار النفط قد يغذي حركة التضخم الصعودية، لكنّ المسؤولين في البنك المركزي الأمريكي قد يرون الأمر من منظور آخر، فإذا استمر تعطل الإمدادات لفترة طويلة مع توتر الأوضاع الجيوسياسية والأمنية، فإن فرص الانكماش ستتزايد.
- ربما يتجاهل الفيدرالي الآثار المباشرة المتمثلة في ارتفاع أسعار الوقود، لكنه في هذه الحالة يجب أن يقيّم الأثر المتمثل في زيادة الطلب على الخام الأمريكي مقابل التداعيات السلبية على الطلب العالمي ككل، خاصة إذا ظلت الأوضاع متوترة، بحسب تقرير لـ"فايننشال تايمز".
- يقول كبير الاقتصاديين لدى مصرف "يوني كريديت"، "إريك نيلسن": إذا طالت فترة توقف الإمدادات النفطية، من المحتمل أن يكون الفيدرالي حذرًا، صدمة النفط هي آخر ما يحتاج إليه العالم الآن، لأنها تخلق نوعًا "إشكالياً" من التضخم.
- ينطلق اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الثلاثاء وينتهي الأربعاء، وسط توقعات بخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، ويعقبه مؤتمر صحفي لرئيس البنك المركزي "جيروم باول"، وهو ما يترقبه المستثمرون عن كثب لمعرفة كيف ستنعكس حركة أسعار النفط الأخيرة والتوتر الجيوسياسي المتزايد على السياسة النقدية الأمريكية.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}