يواجه قطاع المقاولات صعوبات عدة في مقدمتها قرارات وزارة العمل الخاصة بالتوطين، فما أن يتأقلموا على أنواع منها حتى تظهر أخرى أشد تضييقا من سابقتها والتي كان آخرها تقسيم النطاق الأخضر إلى ثلاثة نطاقات فرعية ضعيف ومتوسط ومرتفع، معتبرين ذلك نوعا من تضييق الخناق عليهم وسلبا لحقوقهم المشروعة التي يفترض بالوزارة أن تقدمها لهم دون مساومة عليها.
يأتي ذلك إضافة إلى صعوبات أخرى تفرض على القطاع من قبل الجهات التي تتعامل معه خاصة في المشاريع الكبيرة والمتمثلة في اشتراطات وممارسات تصعِّب عليهم الإقدام على بعض المشاريع أو تحرمهم من الدخول فيها.
المستثمرون في قطاع المقاولات، أكدوا في حديثهم لـ”مكة” أن عددا من مطالبهم التي صاغوها بالاشتراك مع فريق من وزارة العمل، والخاصة بتطبيق قرارات السعودة، ما زالت عالقة رغم مرور عامين عليها، مفضلين دفعهم للغرامات التي يقررها النظام عليهم على توقفهم عن العمل لما لذلك من تبعات على مستقبل القطاع ككل والمستثمرين فيه.
مساومة على الحقوق
عد عضو اللجنة الوطنية للمقاولات المهندس فهد النصبان قرارات وزارة العمل الأخيرة والخاصة بتقسيم النطاق الأخضر إلى ثلاثة أقسام بأنها مساومة على حقوق أي رجل أعمال يمتلك سجلا تجاريا، موضحا أن المقاولين وصلوا إلى النطاق الأخضر بصعوبة بالغة وبالتالي تقسيم الحقوق من نقل كفالات ورخص عمل على درجات الأخضر أمر غير مقبول.
وقال في حديثه لـ”مكة” إن الوزارة لم تفعل أيا من توصيات اللجنة المشتركة بين وزارة العمل وقطاع المقاولات والتي طالب فيها الأخير بمراجعة نسبة التوطين على اعتبار أنها غير عادلة في قطاع شاق كالمقاولات والذي لا يشهد إقبالا من السعوديين.
موضحا أن النسبة التي حققها القطاع في التوطين تعد عالية جدا وتتراوح بين 7-8%.
وأشار إلى أن هناك منافسة على العنصر البشري الوطني وأي شركة أو مطعم يقدم نفس الراتب أو أقل ببعض الميزات سيفضله الباحث عن العمل على قطاع المقاولات.
وشدد على أن قرارات وزارة العمل الأخيرة بشأن تقسيم النطاق الأخضر إلى ثلاثة أقسام ليس لتوزيع الحوافز بل لسلب الحقوق.
الغرامات بديل منطقي
يطالب عضو اللجنة الوطنية للمقاولات عبدالحكيم السحيلي بعدم وقف خدمات وزارة العمل عن من لم يحقق نسب التوطين المفروضة، وأشار إلى أن وقف الخدمات يؤثر سلبا على تنفيذ الأشغال لدى عدد من قطاعات الأعمال، واقترح أن يكون البديل هو تغريم من لم يحقق التوطين بمبلغ مالي عن عدد العاملين السعوديين المفترض توظيفهم، وأن تنفذ وزارة العمل بمبالغ هذه الغرامات برامج تدريبية متخصصة ومتعددة بغرض تأهيل الشباب السعودي.
وأوضح السحيلي: أن اقتراحه ناجم عما يحدث من نتائج سلبية عند وقف وزارة العمل الخدمات عن قطاع استراتيجي كالمقاولات، والذي يوكل إليه تنفيذ مشاريع للبنية التحتية والإنشائية تستهدف مصلحة الوطن والمواطن والتي يتطلب اكتمال تنفيذها في إطار الوقت المحدد ألا تكون هناك عقبات أو عراقيل، فليس من المعقول أن تضع وزارة العمل هذه العراقيل بوقفها الخدمات عن المقاول المنفذ، وفي النهاية يؤدي هذا التوقف للإضرار بمصلحة المواطن وذهاب أموال الدولة في مشاريع معطلة ومتعثرة وخسارة المقاول بسبب التوقف أو التأخير في التنفيذ إضافة لارتفاع أسعار المواد والخدمات عن الأسعار التي قدرها في مناقصته لدى دخوله في المنافسة على تنفيذ المشروع.
وأشار إلى أنه في حال الإصرار على هذه القرارات فيجب أن يبدأ تنفيذها مع العقود الجديدة حتى يعرف المقاول التكلفة التي يحتاجها العقد وليس على عقود أقرت ووقعت وبدأ العمل فيها ثم يفاجأ المقاول بقرارات تغير تكلفة عقوده.
العمل نجحت في الحملة الإعلانية فقط
اعتبر عضو اللجنة الوطنية للمقاولات عبدالحكيم السحيلي أن وزارة العمل نجحت عبر الحملة الإعلانية الضخمة فقط في تحويل الحق إلى مكافأة بينما لم تمنح الواجبات التي عليها.
وأضاف أن العمل أضرت بقطاع المقاولات كثيرا عند إغلاقها لعدد من السجلات بسبب قوانين العمل الجديدة، مشيرا إلى تقاريرها الأخيرة التي رصدت إغلاق نحو 120 سجلا تجاريا كان في معظمها لشركات مقاولات.
واقترح السحيلي نسبة توطين اعتبرها معقولة في قطاع المقاولات مشيرا إلى أنه لا يمكن توطين ما نسبته 85 % من وظائفه لكونها وظائف عمالة، وأن التوطين الذي يمكن تحقيقه في حدود الـ15% المتبقية يجب أن يأخذ في عين الاعتبار أن عدد المهندسين السعوديين لا يتجاوز 35 ألف مهندس وهو ما يمثل 20% فقط من المهندسين في المملكة.
أرامكو بعيدة عن المشاريع المدنية
إحالة الإشراف على تنفيذ المشاريع المدنية إلى شركة أرامكو السعودية بسبب إشكالية تنظيمية غير منطقي من وجهة نظر عضو اللجنة الوطنية للمقاولات المهندس فهد النصبان، والذي يرى أنه يفترض على الشركة أن تتفرغ لطبيعة أعمالها وليس التصدي بتولي الأعمال المدنية.
وأضاف أقر بأن لدى أرامكو السعودية الخبرة الواسعة في مجالها إلا أنه يجب أن تكون هناك جهة مستقلة تنقل إليها مهمة المباشرة والإشراف على المشاريع الحكومية بدلا من إشراف الشركة على مشاريع مدنية خارج إطارها.
صعوبة الدخول لمشاريع بإشراف أرامكو
هناك صعوبة في دخول المقاولين إلى المشاريع التي تشرف أرامكو على تنفيذها، هذا ما يقره عضو اللجنة الوطنية للمقاولات المهندس فهد النصبان ويضيف: هناك إيثار في بعض المشاريع لشركات عن الأخرى وهو أمر يعتقد كثير من المقاولين أنه غير عادل، إضافة إلى أن دخول الشركات الأجنبية يجب ألا يلغي حصة المقاول المحلي.
وأشار إلى أن أرامكو توصي باندماج أكثر من مقاول أو بالدخول في شراكات مع مقاولين أجانب، وقال أشجع فكرة الاندماج ولا أؤيد فتح الباب أمام الجميع باستثناء المقاولين المحليين الأكفاء، مفيدا أن دخول المقاولين الأجانب يجب أن يكون بالشراكة مع المحليين حتى تنقل الخبرة من جهة وتبقى العادات المالية في المملكة من جهة أخرى.
أنظمة أرامكو يصعب الوفاء بها
يتفق السحيلي مع النصبان في إشكالية تسلم أرامكو المشاريع المدنية وصعوبة الدخول إلى مشاريعها موضحا أن لديها نظام تأهيل يصعب الوفاء به، مشيرا إلى أن الجدول الزمني الذي وضع للملاعب الرياضية المقرة أخيرا جدول مستحيل ولا يمكن العمل به إلا لمقاولين لهم علاقة سابقة بأرامكو.
وقال: أرامكو تفضل المقاولين الذين لهم علاقة معها وتدربوا على نفس نظامها ونماذجها ونحن نستطيع أن نعمل وفق نظامها لكن إذا أعطينا الفرصة المناسبة، أي مقاول يعطى الفرصة لمدة سنة واحدة سيتعرف ويستكشف هذه الأنظمة والنماذج، كل المقاولين مستعدون لإعادة الهيكلة ويحتاجون الفرصة، الفرصة يجب أن تمنح للمقاولين المحليين لأنه لو تعلم 10 مقاولين محليين على هذا النموذج وكل واحد علم 10 من مقاولي الباطن الآخرين يصبح لدينا عدد كبير من المقاولين القادرين على النهوض بسوق المقاولات والإضافة عليه.
غير أنه شدد على أن ما تتمتع به أرامكو من نظام مختلف عن نظام المشتريات الحكومية أمر أساس إلى جانب إدارتها الفعالة مكناها من الوصول إلى مستوى الخبرة والحرفية الذي يجعلها مفضلة في بعض المشاريع، وقال “دفعات أرامكو ميسرة وإدارتها تبحث عن حلول، مضيفا أن ما يحتاجه المقاولون المحليون للوصول إلى مستوى أرامكو هو عقد واضح ونظام مشتريات جيد وإدارة فعالة.
اشتراطات الملاعب نموذج للصعوبة
من النماذج التي يسوقها المقاولون لتوضيح مدى صعوبة اشتراطات أرامكو السعودية لتنفيذ المشاريع، المشروع المعروف باسم “ملاعب أرامكو” ، وهي 11 ملعبا، والذي تحمس له عدد من المقاولين إلا أن اشتراطات التنفيذ والمدة الزمنية التي يعتبرونها قصيرة جدا لإنشاء هذه المشاريع الضخمة دفعت بهم للانسحاب رغم تصنيفهم العالي لدى أرامكو، خشية عدم القدرة على الوفاء بالتزاماتهم.
ومن المبررات التي ساقوها عند مقارنة تنفيذ المشروع بمشروع إنشاء استاد مدينة الملك عبدالله الرياضية بجدة وحمل اشتراطات متشابهة، بأن المقاول نفذ الاستاد تحت هذه الشروط في ظروف مغايرة إذ لم يكن هناك ضغط خلالها في عدد المشاريع للدولة والقطاع الخاص كما هو الحال في الوقت الحاضر، حيث تعمل مصانع الاسمنت وشركات الخرسانة الجاهزة وشركات المقاولات والنقل وغيرها بأقصى طاقاتها ولا تستطيع الوفاء بالكميات المطلوبة.
وأشاروا إلى أن عدم تيقنهم من أن وزارة العمل ستفي بتوفير العدد المطلوب من العمالة، كان له دور في ترددهم.
أبرز 6 توصيات عالقة للجنة العمل والمقاولات
ما زالت التوصيات التي رفعتها اللجنة المشتركة بين وزارة العمل واللجنة الوطنية للمقاولات والتي أمر وزير العمل المهندس عادل فقيه بتشكيلها قبل عامين عالقة، وأفاد أعضاء اللجنة أنه لم يقرر شيء حيالها منذ رفعها ومن أبرز التوصيات التي حصلت عليها “مكة”.
1.طلبات إصدارات التأشيرات وقبول خطابات التأييد الحكومية خلال أسبوعين.
2.احتساب نسب التوطين بـ2% لمشاريع النظافة والتشغيل والصيانة و3% لمشاريع التشييد.
3.اعتماد التأشيرات التعويضية بدون رسوم بمعدل 1 مقابل 1 عن كل عامل هارب أو تم ترحيله خلال فترة التجربة أو لم يعد من السفر وإسقاطه من نسبة العمالة الوافدة فور الإبلاغ عنه.
4.إصدار إحصائية عن طلبات التأشيرات للعقود الحكومية والعدد الفعلي الممنوح للسنوات المالية الثماني الماضية.
5 .إصدار إحصائية عن العمالة الهاربة في قطاع المقاولات لمقارنة حجم العمالة المستقدمة بحجم الإنفاق على المشاريع خلال تلك السنوات.
6.يجب فك حظر تجديد رخص الموظف الوافد بعد مرور 6 سنوات عوضا عن تحول المشاريع السعودية إلى حقل تدريب لكافة المهن والتخصصات ومن ثم تصدير العمالة المدربة.
آلية منتظرة للتعويض عن 2400 ريال
وعلى صعيد رخص العمل التي رفعت العمل رسومها إلى 2400 ريال قال السحيلي ناقشنا الوزارة من خلال اللجنة المشتركة ودعمتنا في مطلب التعويض وتوجهنا إلى المالية ثم إلى ديوان المظالم والذي لم يقبل الشكوى منا كلجنة وطنية، موجها أن يتقدم كل صاحب شركة بالشكوى بنفسه لكن لم يحكم لأحد بالتعويض حتى الآن، عوضا عن أن البعض لم يتوجه لديوان المظالم.
وأضاف: الأنباء التي تصل إلينا تفيد بأن هناك قرارا مرتقبا بالتعويض لكن لم توضع له الآلية وقد يكون هذا السبب في أن ديوان المظالم لم يحكم لأحد حتى الآن.
لا لتصنيف موقت للمقاولين الأجانب
دخول المقاولين الأجانب إلى السوق المحلي بات مفروغا منه، ويضيف عضو اللجنة الوطنية للمقاولات المهندس فهد النصبان لكن ما يأمله المقاولون المحليون أن يعاملوا بنفس المستوى من ناحية قبول المقاول الأجنبي في الأعمال والمشاريع الحكومية دون شهادة التصنيف موقتا.
وقال النصبان إن شركات المقاولات المحلية المصنفة لا تتجاوز 3% من شركات المقاولات السعودية ولهذا فإن الأولى أن يعاملوا بنفس طريقة المقاول الأجنبي أو ألا يعتمد إلا الأجنبي المصنف حتى يضيف خبرة لسوق المقاولات السعودي وليس يأخذ جزءا من حصته في السوق فقط.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}