أكّد فيصل عقيل نائب الرئيس التنفيذي في مصرف الإمارات الإسلامي أن مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، في جعل دبي عاصمة للاقتصاد الإسلامي تمثّل نقلة نوعية نحو تعزيز الاقتصاد الوطني والانتقال به إلى آفاق جديدة بالإضافة إلى تعزيز المكانة الرائدة التي تحتلها الدولة بشكل عام ودبي بشكل خاص كمركز مالي إقليمي ودولي مهم، متوقعاً أن يشهد إصدار الصكوك قفزات نوعية بفضل تلك المبادرة التي ستصب في صالح المصارف الإسلامية في الدولة وحتى المصارف التقليدية يمكنها المشاركة من خلال نوافذها الإسلامية.
وأضاف عقيل في حوار مع البيان الاقتصادي إلى الفرص التي يحملها قطاع إدارة الثروات الإسلامية في الدولة التي تعّد الحاضن الأكبر لأصحاب الثروات والثروات المرتفعة بالنسبة إلى عدد السكان في المنطقة، داعياً إلى ضرورة الاهتمام بقطاع الوقف الإسلامي لما له من أهمية في تطوير المجتمع باعتباره أداة فاعلة، ودعم الخبرات المصرفية الإسلامية ورفع مستوى خدمة العملاء في المصارف الإسلامية.
ويعمل عقيل في مجموعة بنك الإمارات منذ 23 عاما، وفي 2005 انتقل من بنك الإمارات آنذاك إلى مصرف الإمارات الإسلامي كرئيس للخدمات المصرفية للأفراد، ليتسلم منصب نائب الرئيس التنفيذي لمصرف الإمارات الإسلامي منذ حوالي عام تقريباً.
* ما رأيكم في الآفاق الني تفتحها مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، في جعل دبي عاصمة للاقتصاد الإسلامي؟
- أعتقد أن مبادرة صاحب السمو تمثل نقلة نوعية من حيث تعزيز الاقتصاد الوطني، والانتقال به إلى آفاق جديدة. وستعزز هذه المبادرة المكانة الرائدة التي تحتلها الإمارات بشكل عام ودبي بشكل خاص كمركز مالي إقليمي ودولي مهم.
وعلى الرغم من نمو التمويل الإسلامي خصوصاً بعد الأزمة المالية الأخيرة، إلا أن التمويل الإسلامي قبل مبادرة صاحب السمو كان مهمشاً نوعاً ما، ففي السابق كانت معظم الأوراق المالية التي تصدرها الحكومة يتم ترتيبها من قبل بنوك أجنبية من خلال السندات، وكانت السندات متفوقة على الصكوك في حين نجد أن هذا التوجّه تغّير لصالح الصكوك.
واليوم عندما تقوم حكومة الدولة بإصدار صكوك فهذا يعطي أهمية كبيرة وخاصّة للصكوك والتمويل الإسلامي في الأوساط العالمية.
والفضل في ذلك يعود إلى مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، "رعاه الله"، التي أتوقع أنها ستدعم التمويل الإسلامي بشكل غير مسبوق في المحافل العالمية.
وأعتقد أن التوجّه العالمي إلى إصدار الصكوك سيشهد قفزات نوعية بفضل تلك المبادرة وهذا سيصب في صالح المصارف الإسلامية في الدولة وحتى المصارف التقليدية يمكنها المشاركة من خلال نوافذها الإسلامية.
* ما هي الفرص المتاحة لإدارة الثروات الإسلامية في الدولة؟
- هناك العديد من الفرص أمام القطاع المصرفي الإسلامي من أهمها أن هذا القطاع أصبح يتلقى دعماً تنظيمياً متزايداً، في ضوء لجوء العديد من الحكومات إلى تشجيع عملية تطوير قطاع الصيرفة الإسلامية، بالإضافة إلى أن المنافسة المتزايدة أدت إلى تنويع المنتجات المصرفية الإسلامية، مما أدى إلى استقطاب شريحة واسعة من المتعاملين، وبالتالي عملت المصارف الإسلامية على التوجه نحو تقديم منتجات مصرفية متوافقة مع الشريعة الإسلامية وجعلها أكثر جاذبية من الناحية التجارية.
كما أنه عقب التقلبات التي شهدتها الأسواق العالمية، تظهر لدى قطاع إدارة الثروات في منطقة الشرق الأوسط مرة أخرى علامات تشير إلى التوسع والنمو الاقتصادي، إذ بدأت العديد من المصارف والبنوك العالمية في الأسواق العالمية بتوسيع أعمالها في مجال إدارة الثروات في منطقة الشرق الأوسط.
ويتوقع الخبراء أن تصبح منطقة الشرق الأوسط محركاً رئيسياً لصناعة إدارة الثروات العالمية، مع تصدر دول مجلس التعاون الخليجي القائمة.
ويشير بحث أجرته المؤسسات المصرفية الدولية أنه من المحتمل أن يكون هناك نموا كبيرا في قطاع إدارة الثروات في منطقة الشرق الأوسط على الأقل بنسبة 15%.
فضلاً عن ذلك، تلمح هذه التطورات إلى النمو المستقبلي في القطاع الاقتصادي، وتشير إلى أنه تم تصنيفها على أنها ذات أولوية في الوقت الذى لا ترغب فيه البنوك في تحمل المخاطر.
وحالياً تبلغ حصة قطاع إدارة الثروات في مصرف الإمارات الإسلامي 30% من حجم أعمال المصرف. وبالنسبة لصيرفة الأفراد قسم إدارة الثروات فقد كان عام 2012 قياسياً بالنسبة لنا.
* هل تتماشى مخرجات التعليم العالي في الدولة مع طموحات المبادرة؟
- يمكننا عمل المزيد في هذا الإطار. ونحن كمصارف إسلامية بحاجة لاتخاذ خطوات أكبر لنتماشى مع طموحات المبادرة.
فعلى سبيل المثال أعتقد أن مصارفنا الإسلامية لا تزال بحاجة لمزيد من الخبرات في التمويل والمنتجات الإسلامية.
فمعظم الخبرات التي تعمل لدينا اليوم أتت من مصارف تقليدية.
فالكفاءات إما أن تكون جاهزة في السوق أو تقوم بتأسيسها إن كان لديك النفس الطويل، وهذا يحتاج إلى وجود جهات تشريعية وتنفيذية بهذا الخصوص.
كما أننا لم نستفد من ماليزيا كأحد مراكز التمويل الإسلامي العالمية من حيث الخبرات أو نقل المعرفة.
* ماهي الثغرات الراهنة في قطاع الصيرفة الإسلامية التي يمكن معالجتها على المدى القصير؟
- أعتقد أن هناك مساحة واسعة للتطوير في مجال خدمة العملاء ومن الأسباب الرئيسة لذلك هو قلة تدريب موظفي الصّف الأول على التعامل مع العملاء بالشكل المطلوب.
فأخذ المبادرة من طرف الموظف له تأثير كبير على تجربة العميل مع أي مصرف.
ونحن نهدف إلى تطوير مستوى هذه الخدمة.
* ما مدى صعوبة الجمع بين الابتكار والتوافق مع الشريعة الإسلامية بالنسبة لمنتجات الصيرفة الإسلامية؟
- لدينا في المصرف العديد من المنتجات المبتكرة كالخاصّة بالتوفير مثل منتج "كنوز بلاس" الذي أخذناه من مصرف دبي وقمنا بتطويره وإطلاقه مؤخراً بطريقة مبتكرة.
ولدينا كذلك برنامج الودائع "سوبر سيفر" بالشراكة مع برنامج "سكاي ووردز" الخاص بطيران الإمارات.
ونحن نقدّم جوائز شهرية لدعم تلك البرامج بشكل دوري.
وأما المنتجات التمويلية فلدينا برامج التمويل الشخصي عن طريق مرابحة الأسهم عن طريق سوقي دبي وأبوظبي المالي الذي طرحناه قبل عام وهو من أقوى المنتجات لدينا اليوم، إضافة إلى التمويل العقاري للمواطنين والوافدين وتمويل السيارات ونعتبر من البنوك الرائدة في هذا المنتج.
ولدينا هيئة شرعية في المصرف ولجنة رقابية تشرف على كافة العمليات المصرفية للتدقيق والتأكد من توافق التعاملات حسب الشريعة الإسلامية. وفي حال حدوث شبهة في أي تعامل فيذهب ريعه إلى الجمعيات الخيرية بالكامل.
* هل لديكم فريق للاستثمار في الصكوك لصالح عملائكم؟ وما هي الأسواق التي تتوقعون أن ينشط فيها إصدار الصكوك؟
- في الواقع ان الاستثمار في الصكوك يدخل ضمن نشاط قسم الاستثمار الخاص بالبنك بحيث يتم استثمار السيولة الفائضة في البنك في الصكوك بشروط معيّنة أو العقار أو الأسهم وذلك حسب تعليمات اللجنة الاستثمارية في البنك.
وأعتقد أننا إلى جانب الإمارات سنشهد إصدارات صكوك جديدة في كل من تركيا والسعودية وذلك بسبب الإعلان عن عدد من المشاريع الكبيرة بالإضافة إلى عدد السكان الكبير في الدولتين.
* قمتم العام الماضي بطرح إصدارين من الصكوك بقيمة إجمالية بلغت حوالي مليار دولار. هل لديكم خطط لإصدار صكوك هذا العام؟
- حالياً لا يوجد لدينا نية لطرح صكوك في المستقبل القريب على الرغم من الظروف الحالية المشجعة. ونحن نمتلك سيولة جيدة حالياً.
* هل ما زلتم تقومون بالتمويل العقاري على الشروط السابقة؟
- أجل، وكما تعلم فقد قرر المركزي أن تستمر المصارف بالإقراض على الشروط السابقة التي تصل إلى حد 80% من قيمة العقار وأود التأكيد أننا ملتزمون بكامل القرارات التي يتوصل إليها المصرف المركزي.
وأعتقد أن المصرف يقوم حالياً بدراسة متأنية للمقترحات التي قدمتها جمعية مصارف الإمارات خلال أسبوع من صدور القرار المذكور.
وأعتقد أن القرار الجديد سيكون عادلا وسيحمي مصالح العملاء والمصارف والمطورين على حد سواء ويتماشى مع الانتعاش الاقتصادي الذي تشهده الدولة في الوقت الراهن.
خطط التوسع
قال فيصل عقيل إن عدد فروع المصرف حاليا يبلغً 49 فرعاً وسنقوم بفتح الفرع رقم 50 في بني ياس الخور خلال الشهر الحالي، ولدينا خطة أن نرفع عدد الفروع إلى 61 فرعا خلال 2013.
وتم تحديد المواقع لأربعة من تلك الفروع الجديدة وتم توقيع عقود تأسيسها وسنقوم بتحديد الفروع الباقية التي أتوقع أن يكون معظمها في أبوظبي ودبي والشارقة.
كما أننا بصدد إطلاق هوية جديدة للمصرف سنقوم بالإعلان عنها لاحقاً تماشياً مع اندماجنا مع "مصرف دبي".
وسنركّز هذا العام بشكل أكبر على الانتشار وتحسين خدمة العملاء وتدريب الموظفين على مبادئ التعاملات المالية الإسلامية مثل البيع والتسويق، كما يبلغ عدد الموظفين المواطنين في المصرف 400 مواطن من حوالي 1700 موظف في الفروع الحالية.
كما قمنا مؤخراً بتقسيم عملاء المصرف إلى شرائح الأفراد والموسرين وأصحاب الثروات وذلك بناء على أفضل الممارسات العالمية في البنوك. وخلال هذا العام سننتهي من وضع الهيكلية النهائية لهذه الشرائح.
ارتباط الوقف بإدارة الثروات
يؤكد الخبراء أن للوقف بشكل عام وظيفة دينية محضة تتوقف على التقرب إلى الخالق عّز وجّل وأخرى اجتماعية تعود على الواقف والمجتمع بأكمله بالخير والمحبة، وتعمل على تعزيز التكافل الاجتماعي، كما أن هناك أهدافا أخرى تتوقف على نوعية الوقف الإسلامي.
وبالإضافة إلى الأهداف العامة، توجد هناك أهداف خاصة للوقف، وهذا يكمن بالطبيعة البشرية، فالنفس بطبعها تميل إلى مساعدة الآخرين وبخاصة الضعفاء، وهذا بالذات يشعر الإنسان بقوته، وهذه الطباع والدوافع والميول لا تنفك بمجملها عن مقاصد الشريعة الإسلامية وغاياتها.
وقد أشارت الدراسات التي قام بها المتخصصون في مجال الفقه الإسلامي بما في ذلك مجال المعاملات المالية الإسلامية إلى أنه لابد من الاهتمام بالقطاع الوقفي الإسلامي لما له من أهمية في تطوير المجتمع باعتباره أداة فاعلة.
وانطلاقاً من ذلك، يمكن التوسع في مجال الوقف في الإسلام ليشمل المجالات الاجتماعية والتربوية والتعليمية والاقتصادية وغيرها.
كما يمكن أن يكون الوقف جزءاً من الإدارة الإسلامية للثروات، وذلك من خلال اتباع طريقة متطورة لاستثمار الأصول التي يمكن بها الاستفادة بشكل أكبر من الأرباح مما يولد مجالاً يمكن الاستفادة منه في تنويع الأصول، وبالتالي المحافظة على المنافع طويلة الأجل وحمايتها وانتاج أوقاف أخرى.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}