يقول نائب رئيس مجلس الادارة - العضو المنتدب في شركة «الامتياز» علي الزبيد: عندما تمنح جهة ما (ايا كانت) كل سلطات التشريع والرقابة والتنفيذ.. فانها ستكون سلطة مطلقة وبالتالي مفسدة مطلقة. ويضيف: ليس مقبولا أن تكون هناك دولة ضمن دولة.
يقول الزبيد ايضا من الخطأ وضع أي قوانين او تشريعات تنظيمية بنفس التشكيك، خطأ ان نضع قوانين بمنطق التعميم على الأسوأ، فغير منطقي ان نضع لوائح وتشريعات لأسوأ فرد او جهة حتى تقطع رأسه فاذا بك تقطع معه ارجل الآخرين، ضاربا مثلا بأن بعض الممارسات تأتي من واحد في المليون. وعندما تتم ملاحقة فرد يتبهدل بسببه 999,999 فردا آخر، فالخطورة تكمن في الاعتقاد ان الجميع سراق مال.
في حوار مع القبس يتحدث الزبيد باسهاب عن تجربة شركة الامتياز مقابل شركات تعثرت، كما يتحدث عن الازمة وتداعياتها. وفي ما يلي نص الحوار.
* بداية كيف تقيم تجربة العمل الإسلامي في غضون السنوات العشر الماضية؟ وما تفسير هبوط شركات تعمل وفق الشريعة؟
لا أعتقد ان التجربة المالية الإسلامية في أي مرحلة هبطت، يجب ألا نقيس هذه التجربة الثرية على ضوء شركة او اثنتين أو حتى عشر تعثروا أو خرجوا من الخارطة. فمنحنى التجربة المالية الاسلامية منذ ان بدأت قبل 30 عاما حتى اليوم ناجحة. ففي السنوات العشر الأولى بدأ النمو بين 5 الى %10 سنويا، في العشر اللاحقة جاء النمو بين 10 الى %15. فيما جاء نمو السنوات العشر الأخيرة بين 13 الى %20 كنمو سنوي. وهذه مسيرة معقولة جدا وناجحة. مع مراعاة ان كل شيء في بداياته يواجه مقاومة، فالطبيعة البشرية لا تحب أي شيء جديد، لذا في البداية تجد صعوبات أكبر. ونجاح التجربة وقوة الطلب على منتجاتها دفعا بنوكا تقليدية عالمية لأن تدخل الصيرفة الإسلامية، ولحاقها بالتجربة ليس من فراغ، واذا حدث أي هدوء فهذا طبيعي ولا يجب ان يندرج تحت اطار ان التجربة لم تنجح وهبطت، فلا تزال غنية وأغلب تركز خارطة التجربة الإسلامية بنسبة %80 منها في منطقة الخليج و%20 منها في شرق آسيا.
* لكن بماذا تصف التعثرات في الشركات الاسلامية؟
التجربة في السوق الكويتي، أظهرت تراجع بعض المؤشرات وتعثر بعض الشركات التي تعمل وفق الشريعة الاسلامية، وعلى كل حال فان هذه الشركات التي تعثرت لانها وقعت في محظورات ليس لها علاقة بصميم العمل المالي الاسلامي، فضلا عن تبني البعض لنموذج عمل كان مقبولا في تلك الفترة الا انه مع ظهور ملامح الأزمة المالية في مطلع 2008 كانت نتائج تطبيق هذا النموذج سببا للتعثر، كما اقتنعت بعض القيادات في لحظة معينة انها حققت ما عجز عنه الآخرون. وهذا عجل بنهاية مشوار كيانات ما.
كل مؤسسة متى ما كان خط السلطة فيها بيد شخص واحد يتخذ القرارات جميعاً، فاعلم انها ستقع تحت وصف الدكتاتورية. لقد كانت هناك شركات «ون مان شو» وليست مؤسسة وفقا لمعايير ومنهجية واضحة.. لذا غالبا ما يكون عمرها قصيرا.
* ماذا عن نموذج «امتياز»؟ وما مستقبل الشركة؟
حاليا نعمل على هيكلة وتفعيل الشركات التابعة والزميلة وتشغيلها بالشكل الأمثل وبما يرضي طموحنا، وتوجد خطة استراتيجية في هذا الصدد. وفي خط مواز نعمل جاهدين على فصل «الامتياز» عن ارتباطها باسمنا شخصيا كفرد أو ربط الشركة بأي دولة أو سوق بعينه أو اقتصاد محدد. أي ان الشركة تعمل وفق منهج مؤسسي ولا يعتمد على جهد أو فكر أو مساندة مؤسس ما أو مساهم محدد أو مالك واحد. وهذا سيحتاج منا ان نغير اعتقاد الناس ان هذا هو المصدر الوحيد للدخل، حيث يوجد انطباع لدى البعض ان الشركة مصدرها الوحيد السوق القطري وهذا ليس صحيحا.
يؤكد ذلك ان من يتمعن في موازنة «الامتياز» وتاريخ عوائدها وارباحها ومصادرها، لن يجد الإيراد والدخل والأرباح في سنتين متتاليتين من مصدر واحد، فليس هناك سنة مثل السنة التي سبقتها، فمرة هناك دخل رئيسي من شركات تابعة، وتارة دخل من بيع شركات تابعة أو حصص زميلة، أو دخل من بيع أصول عقارية، أو عمولات وإيرادات خدمات استشارية وأرباح شركات تابعة وزميلة ايضا.
موازنة الشركة عمرها 5 سنوات، فنحن في بدايات الطريق، ولم تمر علينا دورات اقتصادية كاملة يمكن ان تشكل فترة للحكم على الشركة كتجربة كاملة، نحن نتحدى أنفسنا قبل تحدي الآخرين، وهذه القاعدة منذ بداية التأسيس عندما وضعنا تجارب الشركات التي سبقتنا وتعهدنا للمساهمين والملاك ومجلس الإدارة بتحقيق عائد يضاهي أفضل الشركات في ذلك الوقت وأقدمها تأسيسا.
* مديونية «الامتياز» كانت بين الأعلى عندما وقعت الأزمة المالية، حيث كانت تصل الى 550 مليون دينار تقريباً، كيف خرجتم من الازمة؟
خرجت الامتياز من الازمة اسرع من كل الشركات، وتحديداً النماذج الاعلى ديوناً وعددها كان تقريباً نحو 5 شركات، و«الامتياز» نفدت الى بر الامان في حين ما زال يحاول الآخرون، تمكنت رغم الظروف الصعبة من سداد 304 ملايين دينار كويتي في 2010، وبهذا السداد انخفضت مديونية الشركة وقتها بنسبة %68.1 وذلك بعد عمليات تخارج شملت فقط %38 من أصول الشركة، حيث اتخذنا قرارات سريعة وحاسمة بهيكلة الوضع المالي للشركة ونجحنا في ذلك وكان من ضمن ابرز هذه القرارات تخفيض مصاريف التمويل بنسبة %46 وكذلك نسب الارباح على الوكالات الدائنة من متوسط %9 الى %6، اضافة الى اننا وصلنا بالمخصصات الاحترازية الى اكثر من 53 مليون دينار كويتي، مما يعادل نصف رأس المال، فضلاً عن زيادة حقوق المساهمين الى ضعف رأس المال المدفوع، وتحويل الشركة من مدينة بمبالغ طائلة الى شركة اكثر من %70 من اصولها مدرة و%80 من تمويلاتنا داخلية مصدرها حقوق الملاك.
* هل من قروض قصيرة الأجل أو ديون ذات استحقاقات عاجلة تشكل عبئاً على الشركة خلال العام الحالي؟
ديون الشركة الآن اقل من 100 مليون دينار كويتي، وهي معقولة جداً مقابل أصول الامتياز وحجم «الكاش» الذي لدينا والتدفقات التي تأتينا، واستطيع القول انه لا يوجد لدى «الامتياز» أزمة ديون أو كاش على الاطلاق لا قصير أجل ولا طويل ولا غيره، وللعلم لدينا استحقاقات بقيمة 35 مليون دينار في العام الحالي مقابلها سيولة جاهزة قبل الاستحقاق بوقت كاف، ولن أكون مبالغاً اذا أكدت ان التزاماتنا من الآن حتى 2015 مبرمجة وواضحة بالنسبة لنا، حيث ان الايرادات ودخل الشركة حتى ذاك التاريخ في حدود 150 مليون دينار كويتي، مقابل ان كل التزاماتنا بما فيها الديون والدفعات وتوزيعات أرباح المساهمين والمصارف والأعباء ومتطلبات الموظفين تقدر بنحو 145 مليون دينار كويتي، فنحن في «الامتياز» لسنا خائفين مما يخشاه الآخرون.
* ثمة مأخذ على نموذج عمل الامتياز في شأن تفريخ الشركات.. وكأنكم على درب آخرين سبقوكم اليه وعادوا منه خائبين!؟
نحن في الامتياز غير الآخرين. فلا نفرخ الا بزواج حلال، ونماذج عمل واضحة ومحددة لجميع شركاتنا ومعظم الشركات الرئيسية مشغلة وفاعلة، لكن كان ثمة نظرة اخرى لنا في ذلك الحين أي ما بين عامي 2005 و2007 في الاستعجال للحصول على هذه التراخيص.. لكن ذلك كان ضمن التحسب للمستقبل، فقد يأتي وقت يصعب فيه استخراج التراخيص التي نحتاجها او الأنشطة التي نتطلع لها لذلك نحسب حساب هذا الوقت، وقد مرت علينا صعوبات في بعض الاحيان عندما تم التضييق على بعض انشطة شركات التجارة العامة والمقاولات وتم طلب تحديد انشطتها بدقة بالغة. من هذا المنطلق نؤكد ان لدينا الرؤية للتعامل مع بعض الانشطة، لذلك لا يلومنا احد في تأسيس شركات او الحصول على رخص.
فلم نسلك مسلك الاخرين عبر تأسيس شركات ثم بيعها على العملاء في السوق من اجل تجميع اموال، لسنا من هذه النوعية ابدا ولن نكون بإذن الله تعالى.
* هل يمكن القول ان «الامتياز» صاحبة افضل تجربة استثمار كويتية في قطر؟
على ارض الواقع واستنادا الى الإنجازات التي تحققت يمكن القول بثقة ان الامتياز نعم صاحبة افضل تجربة استثمار كويتية في قطر، فلدينا وقائع ونتائج يمكن الاستناد اليها وابرزها مشروع ارض بروة الخور التي مساحتها التقريبية 6 ملايين متر مربع. اشتريناها وحققنا منها عوائد جيدة نحن وجميع مساهمينا وكل من استثمر معنا وشاركنا بل حتى الجانب القطري استفاد من تعظيم قيمة هذا الاستثمار بعد ان اعدنا تغيير استخدام الارض وتنميتها واقامة جزء من البناء والتقييم وتجهيزها للبيع. وهذه الصفقة كانت اكبر استثمار لنا في البداية حيث كانت قيمته نحو 136 مليون دينار كويتي ورأسمال الشركة في ذلك الوقت 36 مليون دينار، وحققنا منها عوائد جيدة فنحو %50 من ارباح الامتياز آخر 4 سنوات كانت من هذه الصفقة.
* كيف نجحتم في قطر؟
شخصيا لدي تجربة وخبرة في السوق القطري حيث دخلت في عام 1995 وعملت هناك منذ عام 1997و1998. ثم دخلنا في استثمارات عديدة مع اطراف مختلفة اعتبارا من 1999، وبعد ذلك تم تأسيس شركة الامتياز في عام 2005 ودخلنا هذا السوق، عموما، ان اي نجاح نسعى للوصول اليه يجب ان يحقق المصالح المشتركة لجميع الاطراف. ان تطغي مصلحة طرف يعني الفشل؟ لذا نجحنا حيث فشل آخرون.
* كم جنيتم تقريبا في السوق القطرية؟
خلال مسيرة 15 سنة تقريبا حققنا قبل الامتياز واثناءها نحو 500 مليون دينار كويتي، استفاد منها جميع الشركاء.
* حتى الآن لم نعرف نموذجا استثماريا واضحا لشركة الامتياز؟
الامتياز منذ بداياتها الأولى خرجت لتكون نموذجا متخصصا في الملكيات الخاصة وخدمات ادارة الأصول وفق الشريعة، وبفكر مختلف. ما كان سائدا كان يعتمد على الحصول على «الكيكة»، بمعنى ان الشركات كانت تطمع في كل العمولات والعميل يأخذ الفتات، ومن هنا رغبنا في أن نقدم نموذجا مختلفا يعتمد في البحث عن الفرصة ومن ثم تقييمها، واذا ما اقتنعنا بها فنيا تتم دعوة العميل للدخول معنا. لذلك كانت عوائد استثماراتنا للعميل هي أفضل من الاستثمار البديل. وهذه النظرة كانت غير موجودة. ونجحنا في بداية انطلاقنا وحققنا نتائج ايجابية في الفرص والاستثمارات التي تم انتقاؤها، الى ان استشعرنا في 2007 بوادر جفاف للسيولة و«مساعي» لإغلاق منابعها الأساسية والفرعية منها، عندئد بدأنا في اتخاذ قرار بتغيير نموذج عمل الشركة.
* ماذا بقي لكم في السوق القطري؟
تقريبا تخارجنا من كل الاستثمارات الرئيسية ويتبقى فقط حاليا استثمارات لا تزيد قيمتها على نحو 40 مليون ديناركويتي تقريبا، ونراقب الفرص.
لكن في كل حال يبقى السوق القطري أفضل الأسواق التي عملنا فيها وأفضل سوق يمكن أن تتوجه اليه استثماراتنا متى ما وجدنا فرصة.
* هل كانت نتائج الامتياز في السنوات الماضية فعلية أم قائمة على اعادة التقييم؟
لم نعلن أو ندخل في موازنة الامتياز فلسا واحدا من اعادة التقييم، وهذه كانت مشكلة الكثير من الشركات التي انخدع فيها المساهمون، اما بالنسبة لنا في الشركة فأذكر ان مدقق الحسابات أبلغني بشأن أرض قطر أن لدينا %180 ربحا ناتجا عن تقييمات وليست أرباحا حقيقية بل أرباحا غير محققة ودفترية فقط، ورفضت هذا الأمر رفضا قاطعا رغم ان مدقق الحسابات أبلغني بأن ذلك يعد حجبا للمعلومات عن المساهمين واخلالا بمبدأ الشفافية. لكننا وجدنا في اعادة التقييم واعتماده في موازنة الشركة الأولى خداعا أكثر منه انجازا أو شفافية، وفتشنا في معايير المحاسبة الدولية الى ان وجدنا ما يعفينا من اظهار هذا التقييم في ميزانياتنا، حيث كانت الأرض تحت التطوير وتم احتسابها بسعر التكلفة وليس بالقيمة العادلة، أي أننا لن نتمكن من اظهار هذا الربح الا في حال بيع الأرض، ورغم ذلك وافقنا، فلماذا خداع المساهمين والمستثمرين بتقييمات غير محققة؟
* هل استشعاركم للأزمة المالية فقط عندما لاحظتم بوادر الشح التمويلي؟
الأزمة المالية العالمية وتداعياتها علينا في الكويت «كلام مأخوذ خيره»، فأزمة شركات وبنوك الكويت بسبب ما قامت به بعض الشركات وحتى بعض البنوك وبسبب الوضع الرقابي الذي كان يسمح بالاستدانة بلا حدود متى ما قبل الدائن والمدين... فإننا كنا في كل الأحوال سنواجه أزمة محلية داخلية قبل الأزمة العالمية، والجميع بات يعرف هذه الممارسات. ولو لم تقع الأزمة العالمية في الخارج فحتماً كنا سنواجه أزمة اسوأ مما نحن عليه الآن، ولكن حدوث الأزمة العالمية سرع من كشف الحقائق وأوضح الأمور بشكل جلي، فحقيقة الواقع كانت واضحة كفيلة بتوليد هذه الأزمة، لذا دعونا لا نخدع الناس بالحديث فقط عن تداعيات الأزمة العالمية.
* إلى أين من هنا ستتجه «الامتياز للاستثمار»؟
على ضوء خارطة الملكيات والاستثمارات التي تحت مظلة الامتياز، وتراجع ثقة المستثمرين والمساهمين، فإن نشاط ادارة اصول الغير سينخفض بالتأكيد، يمكن القول ان الامتياز في اتجاه الشركة القابضة. وحالياً نركز بدرجة عالية على تفعيل قائمة الشركات التي تحت مظلتنا، فلدينا نحو 7 شركات بين تابعة وزميلة مدرجة في سوق الاسهم الكويتية، ونحو 8 شركات اخرى غير مدرجة تعمل في قطاعات فاعلة وحيوية ومستقبلها واعد، واجمالا يمكن القول ان لدينا ما بين 15 الى 20 شركة ذات قيمة مضافة، ومن نتاج عمليات الهيكلة الحالية خطة لتجميع شركات «اجوان» و«ريم» و«البلاد» تحت كيان عقاري واحد.
* لا تختلفون كثيراً عن شركات التفريخ!
في الامتياز فكرنا مختلف عمّن اسسوا شركات وباعوها على الافراد، واستباحوا اموالهم. فنحن نموذج قد يكون شبيهاً نظرياً بنماذج عدة لم تنجح، لكننا مختلفون في المحتوى والمضمون، تعلمنا من اخطاء الاخرين ولم نقع فيها.
أستطيع ان اؤكد ان «الامتياز للاستثمار» هي الشركة الاولى بالمطلق على مستوى الشركات الاستثمارية الكويتية كافة، وثاني شركة استثمارية من حيث القيمة السوقية، وهي الاعلى في الربحية من بين جميع شركات الاستثمار الاسلامية، واعلى شركة بعد المشاريع، واعلى شركة استثمار بالمطلق اذا استثنينا المشاريع (كيبكو) كشركة قابضة وليست استثمارية. اجل، في السوق شركات ناجحة مثل «كيبكو».
وقناعتنا الذاتية ان الامتياز اكثر منظومة مستقرة حالياً. لها هيكل تنفيذي واداري واضح المعالم وعلى اعلى مستوى من المهنية، ليس لدينا فرد واحد قائد ومتسلّط.
في ظل هذه الظروف نركز بنسبة %70 من جهودنا على هيكلة وتنشيط شركاتنا التابعة والزميلة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}