نبض أرقام
09:08 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/25
2024/11/24

هل تنهي البيئة عقودًا من صعود الاقتصاد الصيني الذي أذهل العالم؟

2019/04/26 أرقام - خاص

كثيرًا ما تتصدر الصين عناوين الأخبار بوصفها أحد أسرع الدول نموًا في العالم (حتى مع التباطؤ الأخير)، ويتناول المحللون المعجزة التي حققتها بكين اقتصاديًا، ليبقى "الثمن" البيئي مهملًا، على الرغم من انعكاس تدهور البيئة في الصين عكسيًا على الاقتصاد الصيني.
 

 

خسارة بسبب التلوث
 

وتقدر دراسة لـ"هارفارد" خسارة الصين لحوالي 10% من الناتج المحلي الإجمالي بسبب التلوث البيئي، بل وتصل الدراسة إلى حد اعتبار أن الاقتصاد الصيني يخسر أكثر مما يجني من الاستمرار على السياسات الاقتصادية التي لا تراعي البيئة.
 

وتشير تقديرات الدراسة إلى أن 190 مليون صيني يشربون مياها "تسبب لهم الأمراض" وهي نسبة تفوق كافة الدول القريبة من الصين من حيث مستوى الدخل وتعكس "اعتداء"  تلك الدولة على البيئة بشكل يفوق غيرها من الدول المتقدمة أو حتى النامية.
 

وعلى الرغم من امتلاك الصين لحوالي 2.8 تريليون متر مكعب من المياه العذبة، لتأتي في المرتبة السادسة عالميًا في هذا المجال، إلا أن التلوث وسوء الاستخدام يفقدان بكين نسبة كبيرة من تلك المياه بما يشكل خسارة اقتصادية.
 

ووفقا لتقدير الدراسة تفقد الصين 25% من المياه أثناء عملية النقل بسبب التسريبات في المواسير، أو بسبب تلوث بعض الأنهار بفعل المخلفات الصناعية. ولتبيان مدى فداحة تلك النسبة يكفي الإشارة إلى أنها لا تتعدى 8% فحسب في الولايات المتحدة، و3% في ألمانيا (صاحبة المعدل الأفضل في هذا المجال).
 

فرص مفقودة
 

وخلال عقد واحد تشير التقديرات إلى هجرة 40 مليون شخص من أماكن إقامتهم لأنها أصبحت "غير قابلة للعيش بها"، ويعكس هذا بطبيعة الحال خسارة للبنية التحتية القائمة والحاجة لتأسيس بنية تحتية في أماكن أخرى تستقبل هؤلاء المهاجرين (داخليًا).
 

وعلى الرغم من التزايد المستمر في الإنتاج الزراعي الصيني، إلا أن الدراسة تعيد ذلك إلى التحسن في الأساليب التكنولوجية وليس لتحسن الأرض المزروعة، حيث تعرضت 40% من التربة الصالحة للزراعة في الصين لعمليات تجريف متفاوتة الشدة خلال الخمسين عامًا السابقة.
 

 

ويعكس هذا إمكانية وجود "فرص مفقودة" في المجال الزراعي في ظل إهلاك المياه والتربة معًا، خاصة مع تلوث الهواء أيضًا حيث تعد المدن الصينية من بين الأكثر تلوثًا في العالم بسبب استمرار الاعتماد على الفحم في التنمية رغم إقرار واسع لتكولوجيا الطاقة المتجددة.
 

وينعكس هذا على تكلفة الرعاية الصحية، فيشير تقرير "هارفارد" إلى أن الصين هي أكثر دول العالم إنفاقًا على علاج الأمراض الصدرية وتلك المرتبطة بتلوث الهواء، وعلى الرغم من ذلك يسقط 1.1 مليون شخص سنويًا في المتوسط بفعل أمراض مرتبطة بتلوث الهواء في رقم هو الأعلى عالميًا.
 

محاولات غير كافية
 

وعلى الرغم من البرامج الصينية المتعددة في مجال حماية البيئة، بما في ذلك الاستثمار في إعادة بناء الغابات (زادت نسبتها 2% خلال الأعوام الخمسة الأخيرة وتوقف تآكلها منذ عام 2005) إلا أن هناك حاجة لبذل المزيد من الجهود.
 

فنسبة التعديات على البيئة التي يتم التعامل معها، من خلال اتخاذ إجراءات حكومية لإيقافها لا تتجاوز 2% فحسب من تلك التي يتم الإبلاغ عنها، بينما تقدر نسبة الانتهاكات التي يتم رصدها بربع التعديات الفعلية على البيئة بما يعني أن ما يتم معالجته من انتهاكات يقل عن 0.5% فحسب.
 

وترجع دراسة لمنظمة "هليث إفيكيت" (مؤسسة أمريكية معنية بشؤون البيئة) التأخر الصيني في الإصلاح الاقتصادي إلى عدة أسباب، لعل أهمها اعتماد بكين على أسلوب "الأمر" في توجيه الأنشطة الاقتصادية، بمعنى أن الحكومة تلجأ لتوجيه "تعليمات" لبعض الأعمال بتغيير التكنوجيا القائمة بأخرى صديقة للبيئة، ولا تستخدم الحوافز لتحقيق هذا الأمر.
 

 

ويجعل هذا تطبيق برامج الإصلاح البيئية خاضعًا بدرجة كبيرة للأهواء، فهو ليس قانونًا يخضع له الكل ولكنه قرار فردي، وبالتالي يسهل الالتفاف عليه بتأجيله أو إلغائه، واستغلال ثغرات الفساد للاستمرار على أساليب الإنتاج نفسها.
 

وتحذر الدراسة من أن إبقاء الصين على نفس الأسلوب الحالي في التعامل مع البيئة بهدف تحقيق النمو من شأنه الوصول بالاقتصاد إلى "نقطة اللاعودة" بعد ثلاثة عقود من الآن، حيث سيصبح الاستمرار في النمو مستحيلًا، وستصبح بكين مضطرة لدفع ثمن ما تفسده الآن.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.