يمكن للأخطاء الصغيرة نسبيًا في صناعة السفر الجوي أن تؤدي إلى عواقب وخيمة، لذا فإن السلامة تعد أولوية رئيسية لمشغلي خطوط الطيران، لكن الشركات لها حد أقصى من القدرات الإنفاقية، مما يضطرها لمحاولة الموازنة بين متطلبات الأمان والربحية، بحسب تقرير لموقع "إنسياد نولدج".
وبصيغة أخرى، عندما يتعلق الأمر بالسلامة، فالمسألة ليست "ما مدى الأمان الذي تتحلى به الشركة"، وإنما "ما مدى الأمن الذي يمكن أن توفره الشركة"، فمعالجة معضلة "السلامة مقابل الربحية" مثال حي للأهداف التشغيلية المتضاربة التي تواجهها الشركات بشكل منتظم.
ماذا يحدث عقب الحوادث المدمرة؟
- أجرت كلية إدارة الأعمال "إنسياد" دراسة تحت اسم "آمن أم رابح؟ السعي لتحقيق الأهداف المتضاربة"، والتي ركزت على كيفية موازنة شركات الطيران بين ضمان السلامة وتحقيق الأرباح، وتأثير ذلك على القرار الجوهري المكلف بخصوص تغيير تكوين الطائرات بعد الحوادث.
- يعد تحديث الأساطيل، أو استبدال الطائرات القديمة أو تلك الأقل أمانًا، بنماذج أحدث وأكثر موثوقية، طريقة مهمة تضمن بها شركات الطيران السلامة، ومع ذلك، هذه العملية باهظة التكلفة، حيث يتم خلالها البيع بأسعار منخفضة والشراء تكلفة أعلى.
- لا يُتخذ القرار دون تدقيق في الميزانية العمومية لشركة الطيران، وقد يبدو بديهيًا أن شركات تكون الطيران الأكثر ربحًا في وضع أفضل، لذلك يمكنها ببساطة استبدال الطائرات الأقل أمانًا بأخرى أفضل من ناحية السلامة.
- في الواقع، لم يكن الحال كذلك، وفي حين تحقق الشركات الأكثر ربحية تقدمًا عامًا في جانب السلامة، فعندما يتعلق الأمر بإجراء تغيير في تكوين أسطولها بعد الحوادث، تبين أن الشركات الأقل ربحية هي الأكثر عرضة لبيع طائراتها واستبدالها بنماذج أكثر موثوقية.
الأقل ربحية أكثر تفاعلًا
- لتتبع مبيعات ومشتريات الطائرات، استخدم الباحثون لدى "إنسياد" بيانات تشكيل الأساطيل التي يوفرها موقع "إير فليتس"، والذي يشمل معلومات كاملة طائرات الركاب المستخدمة في جميع أنحاء العالم، وكذلك سجلات الحوادث لجميع الشركات العالمية.
- أظهر التحليل أنه في أعقاب الحوادث المدمرة للطائرات لدى الشركات التي تتمتع بسجلات سلامة أعلى من المتوسط، ذات الشركات منخفضة الربحية مبيعات الطائرات بنسبة 55%، في حين زادت نظيرتها مرتفعة الربحية من المبيعات بنسبة 29% فقط.
- لعبت الربحية دورًا أكثر أهمية بين شركات الطيران ذات معدلات الحوادث المرتفعة نسبيًا، وعندما نظر الباحثون إلى الشركات ذات سجلات السلامة الأقل من المتوسط، وجدوا أن اللاعبين من ذوي الربحية المنخفضة أكثر عرضة لبيع طائراتهم بنسبة 50% من أولئك الذين يحققون أرباحا ضخمة.
- تطرق التحليل إلى التغطية الإعلامية لنماذج الطائرات بعد الحوادث، ووجد أن العلاقات العامة، كانت دائمًا في اعتبار صناع القرار، وتبين أن الشركات الأقل ربحية كانت أكثر ميلًا لبيع طائراتها عندما يشير الإعلام إلى أسطولها باعتباره أقل ملاءمة.
- باختصار، في حين أن شركات الطيران ذات الأداء الضعيف، كانت أكثر عرضة لاستبدال طائراتها في محاولة لتحسين السلامة، كان تفاعل الشركات المنتعشة متواضعًا، حيث تبين أنها أقل عرضة وأكثر قدرة على النجاة عند وقوع الفضائح.
هل يجب أن تقلق "بوينغ"؟
- عكفت شركات الطيران على دراسة موقف الطائرة "بيونغ 737 ماكس" بعد حادثين قاتلين، ورغم حداثة هذا الطراز، إلا أنه يحظى بقبول واسع النطاق لدى مشغلي خطوط الطيران، خاصة شركات النقل منخفض التكلفة.
- اعتبارًا من فبراير 2019، تم تسليم 376 طائرة، وطلب 4636 طائرة أخرى، لكن أفادت تقارير بأن "غارودا إندونيسيا" و"ليون إير" وعددا من شركات الطيران الأخرى تراجعوا عن طلبياتهم من "بوينغ".
- مع ذلك، وبالنظر إلى نتائج التحليل وحقيقة أن شركات الطيران الاقتصادي (والتي تشكل الجزء الأكبر من عملاء "737 ماكس") تعد عمومًا أكثر ربحية من نظيرتها التي تقدم خدمات متكاملة، فمن غير المرجح أن ينخفض الطلب على هذا النموذج كثيرًا.
- شركة طيران "ساوث ويست إيرلاينز"، التي تعد أكبر زبائن الطائرة "بوينغ 737 ماكس"، سجلت للتو عامها السادس والأربعين من الربحية، فيما سجلت "ريان إير"، وهي أحد أبرز عملاء الطائرة ذاتها، ربحًا صافيًا قدره 1.63 مليار دولار في 2018.
- تحقق شركة "فلاي دبي"، وهي ثاني أكبر عملاء الطراز، أرباحًا سنوية منذ عام 2012، وأكدت في وقت سابق من شهر أبريل أن الطائرة "بوينغ 737 ماكس" ستظل جزءًا لا يتجزأ من مستقبلها، ما يدعم حقيقة أن الشركات الأكثر ربحية ستكون أقل ميلًا لتحديث أسطولها.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}