في الوقت الذي تسمح فيه التجارة الإلكترونية بتصدير العديد من المنتجات بين مختلف الدول وفقًا لأسعار مقبولة -مع أخذ تكلفة الشحن في الاعتبار-، تجري مناقشات حول مبادرة لسن قوانين وسياسات واضحة بشأن ذلك داخل أروقة منظمة التجارة العالمية، بحسب تقرير لـ"الإيكونوميست".
وخلال فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، اجتمع ممثلو 76 عضوًا من أعضاء منظمة التجارة العالمية، وأعلنوا خططا للتفاوض بشأن قواعد جديدة تغطي الجوانب التجارية الرقمية، وهي خطوة تبدو منطقية، فلوائح المنظمة كُتبت في الأساس عندما كانت الحوسبة السحابية مادة من الخيال العلمي ليس إلا.
تهميش للأغلبية
- الأعضاء الذين اجتمعوا في دافوس يشكلون 90% من حجم التجارة العالمية، إلا أنهم لا يشكلون أغلبية في المنظمة، وتعتقد العديد من البلدان النامية أن قواعد التجارة الإلكترونية الجديدة سوف تحد من قدرات المنظمين الوطنيين، بالإضافة إلى أنها تشتت الأنظار عن قضايا أهم، مثل الحد من الدعم الزراعي في البلدان الغنية.
- تُهمش الخطة الجديدة مثل هذه الشكاوى، التي عرقلت كثيرًا التوصل إلى بعض الاتفاقات داخل المنظمة، وبدلًا من إقرار اتفاقية متعددة الجوانب من قبل جميع الأعضاء، فإن مجموعة متقاربة فكريًا ستضع القواعد فيما بينها.
- لن يكون لدى المعارضين مثل الهند وجنوب إفريقيا، القدرة على عرقلة المباحثات إذا لم يتم الوفاء بمطالبهم، وبهذه الطريقة سينتج عن تمرير هذه القواعد شرعية لمجموعة جديدة، بالإضافة إلى أحقية غير الموقعين في إجراء اتفاقات أخرى والتملص من أي التزامات.
- في الوقت الراهن تعرف المنظمة التجارة الإلكترونية بأنها "إنتاج أو توزيع أو تسويق أو بيع أو تسليم السلع والخدمات بالوسائل الرقمية"، ومن المتوقع أن يكون هناك مزيد من الصدام في الطريق، وفقًا لأستاذة العلاقات الدولية بجامعة "جورج واشنطن"، "سوزان أرونسون" التي تقول: ليس لدى البلدان تعريف مشترك لما تتفاوض عليه حتى الآن.
منافع أمريكية
- يمكن أن تتضمن الاتفاقية قواعد تخضع رسائل البريد الإلكتروني غير المرغوبة فيها لأحكام المنظمة، وأخرى تساعد في معالجة عقبة الحواجز الجمركية التي تواجه المشتريات الرقمية، ويمكن أن تصل إلى اللوائح التنظيمية المحلية لتغطي قضايا الأمن السيبراني وحماية البيانات الشخصية.
- قد ترفع أيضًا الحواجز أمام تدفق البيانات خارج حدود البلاد، وتمنع متطلبات تخزين بيانات المستخدمين على خوادم محلية، وبينما اعتاد أعضاء المنظمة كل سنتين على تجديد وعدهم بعدم فرض ضرائب على السلع الرقمية مثل الأفلام المذاعة عبر "نتفليكس"، فإن الاتفاق الجديد ربما يجعل ذلك قانونا دائما.
- يطمع المفاوضون الأمريكيون في كل ما سبق، فشركات التكنولوجيا التابعة لهم ستستفيد من تدفق البيانات بحرية، ما يضمن لها تحسين أداء الخوارزميات وتعزيز المبيعات، كما أن توطين البيانات محليًا مكلف، ويضعف الجوانب الأمنية من خلال إعطاء القراصنة مزيدا من الأهداف، ويبدو أيضًا أن واشنطن تحبذ عدم إخضاع مبيعاتها الرقمية للضريبة.
- تم التكريس بالفعل لطموح هذا اللوبي في اتفاقات تجارية بعيدة عن المنظمة العالمية، فمثلًا الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، والمفترض أن يصدق عليه الكونجرس الأمريكي هذا العام، يحظر فرض رسوم جمركية على المنتجات الرقمية.
- يخشى الكثيرون من استخدام شركات التكنولوجيا الأمريكية لقواعد التجارة تلك في تجاوز المنظمين الوطنيين، ورغم وجود بعض الاستنثاءات للقواعد المتعلقة بتوطين البيانات ونقل التكنولوجيا، يتخوف المنتقدون من الالتفاف على هذه الاستثناءات.
أوروبا والصين غير متحمستين
- سيكون من الصعب موافقة المفاوضين الأوروبيين على بعض هذه القواعد، إذ يعتبر القانون الأوروبي الخصوصية حق أصيل من حقوق الإنسان، فيما ينظر إلى التدفق الحر للبيانات كأمر ثانوي، أما الأمريكيون واليابانيون فيقولون إنه ينبغي السماح بتدفق حر للبيانات ومن ثم النظر في الاستثناءات.
- مع ذلك، فإن التفاهم الأخير بين الاتحاد الأوروبي واليابان يوحي بأن الخلافات لن تشكل عقبة مستعصية، وتبقى المعركة الأكبر مع الصين، حيث تنظر بكين إلى البيانات كمسألة تتعلق بسيادتها وبالأمن القومي، وبحسب مصادر، فإن الممثلين الصينيين حاولوا المراوغة في مسألة حرية تدفق البيانات وهددوا بالانسحاب.
- على أي حال، انضم الصينيون في النهاية، حيث يعتقدون أن الإبقاء على تأثيرهم في أي قواعد جديدة أفضل من صياغة معايير عالمية دونهم، وفي النهاية ربما تكون هذه المبادرة سبيلًا لنجاح تحتاجه المنظمة في هذا الوقت أو مجرد دليل آخر على ضعفها ووهن آلياتها في حفظ ترابط الأعضاء وضمان مصلحتهم معًا.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}