نبض أرقام
11:42 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24

فجوة الناتج الاقتصادي.. المؤشر الذي ينهك صناع السياسات ويرشدهم في الوقت ذاته

2019/01/26 أرقام - خاص

غالبًا ما يضع صناع السياسات تصورًا للناتج المحتمل عند عمل الاقتصاد بأقصى كفاءة في فترة معينة، ويستخدمونه كمعيار لقياس التضخم فيما بعد، ويعرّفونه بأنه مستوى الناتج المناسب مع عدم وجود ضغوط صعودية أو هبوطية تؤثر على الأسعار، لكن في عالم الاقتصاد لا تسير الأمور ببساطة وفقًا للاحتمالات والتوقعات.

 

 

وأحد أهم الأمور التي تشغل صناع السياسة والمحللين بشأن التقلبات الاقتصادية -أو ما يُعرف بالدورات- هو مدى قرب ناتج البلاد من المستوى الأقصى الممكن له على المدى الطويل، فهم لا يركزون فقط على النمو والانكماش، وإنما أيضًا على بلوغ الاقتصاد أفضل مستوى كفاءة حيث يعمل بكامل طاقته.

 

وخلال الفترة المستهدفة قد يتفاجأ صناع السياسة بناتج اقتصادي مختلف عن المستوى المحتمل، وهو ما يُعرف بـ"فجوة الناتج"، والتي تُعتبر مؤشرًا حول العرض والطلب في النشاط الاقتصادي، فخلال فترات الانكماش يتراجع إنتاج السلع والخدمات على عكس أوقات الانتعاش التي يزداد فيها الإنتاج.

 

متى تحدث وإلامَ تشير؟
 

- تُعرّف فجوة الناتج بأنها الفرق بين الناتج الفعلي للاقتصاد والناتج المحتمل للاقتصاد المعبَّر عنه بالناتج المحلي الإجمالي، وهذه الفجوة ليست بالضرورة أمرا سيئا للبلاد، إذ تنقسم إلى نوعين، أحدهما إيجابي والآخر سلبي، بحسب "إنفستوبيديا".
 

- يعرّف صندوق النقد الدولي الناتج المحتمل بأنه الحد الأقصى لمقدار السلع والخدمات التي يمكن للاقتصاد إنتاجها عندما يعمل بكامل طاقته محققًا أعلى مستوى من الكفاءة، وفي كثير من الأحيان يشار إليه باسم القدرة الإنتاجية للاقتصاد.



 

- تشير الفجوة السلبية (نادرة الحدوث) إلى أن الناتج الاقتصادي الفعلي لبلد ما كان أقل من طاقته الإنتاجية القصوى، فيما تعكس الفجوة الإيجابية تجاوز الاقتصاد للتوقعات بتحقيقه ناتجا أعلى من المستوى الأقصى المحتمل.
 

- كما ينمو وينكمش الناتج المحلي الإجمالي، فإن الفجوة قد ترتفع أو تنخفض، ويشهد الاقتصاد فجوة إيجابية إذا كان الطلب مرتفعًا للغاية، ولتلبية هذا الاحتياج القوي فإن المصانع والعمال يواصلون العمل بأكثر من طاقتهم الاعتيادية.
 

- أما الفجوة السلبية فتعني وجود طاقة إنتاجية احتياطية أو تباطؤ الاقتصاد بفعل ضعف الطلب، وبشكل عام فإن فجوة الناتج تشير إلى أن الاقتصاد يعمل بشكل غير كفء، سواء كان ذلك جراء الإفراط أو التفريط في العمل.

 

نظرة على نوعي الفجوة ونتائجهما
 

- كما ذكرنا من قبل؛ حدوث فجوة موجبة يزيد الطلب على السلع والخدمات داخل اقتصاد ما، وهو ما يعتبره الكثيرون أمرًا مفيدًا، ومع ذلك فله جانب سيئ، فارتفاع الاستهلاك بشكل مفرط يطلب من الشركات والموظفين العمل بأكبر من طاقتهم القصوى ومستوى كفاءتهم المستطاع لتلبية حاجة الأسواق.
 

- عادة ما تتسبب فجوة الناتج الموجبة في نمو التضخم بالاقتصاد، لأن كلا من تكاليف العمالة وأسعار السلع والخدمات ترتفع استجابة للطلب المتزايد، وبشكل عام يصعب قياس فجوة الناتج أيًا كان نوعها، لأنه من الصعب تقدير المستوى الأمثل لكفاءة التشغيل في الاقتصاد.



 

- أما في الفجوة السالبة، ومع تراجع الطلب على السلع والخدمات في الاقتصاد، يؤدي ذلك إلى تشغيل الشركات والموظفين بأقل من طاقتهم القصوى، وتعكس هذه الفجوة تباطؤا محتملًا في الاقتصاد.
 

- كما تنذر الفجوة السالبة بركود محتمل وانخفاض في أسعار السلع والخدمات نظرًا لتراجع الطلب، وتُعد أبرز مشاكل هذا السيناريو ارتفاع معدل البطالة وتزايد مخاطر الانكماش الاقتصادي، بحسب موقع "تشوتر تو يو" التعليمي.

 

ما الصعوبة في تقدير الفجوة؟
 

- تقاس الفجوة وفقًا للفرق بين الناتج الفعلي للاقتصاد والناتج المحتمل، كما اتفقنا في البداية، وتكمن المشكلة الرئيسية في تقدير ذلك، في أنه لا يمكن معرفة إمكانات الاقتصاد بشكل كامل، خاصة في جانب العرض، بالإضافة إلى عدد من العقبات الأخرى.
 

- من بين هذه العقبات، البيانات غير الدقيقة بشأن القوى العاملة، فعلى سبيل المثال؛ يصعب قياس حجم الهجرة الصافية للعمالة الداخلية، وكذلك يصعب قياس الإنتاجية بدقة، ويضاف لكل ذلك عدم دقة استطلاعات الرأي التي تشمل المنتجين بشأن الطاقة الإنتاجية الاحتياطية.
 

- هناك أيضًا مشقة في تقدير استثمارات الشركات والناتج المحتمل لرأس المال الجديد (القطاعات الرقمية على سبيل المثال)، كما أن هناك غالبًا حالة من عدم اليقين بشأن عدد الأشخاص الذين غادروا سوق العمل، وبشكل عام يصعب قياس مقدار فقدان الوظائف خلال المراحل المختلفة للدورة الاقتصادية.



 

- يقول صندوق النقد الدولي على موقعه الإلكتروني: أي تقدير للناتج الاقتصادي المحتمل سيكون له عيوب، نظرًا لاعتماد التقديرات على واحد أو أكثر من العلاقات الإحصائية، وحتى استطلاعات رأي المنتجين لمعرفة الزيادة المحتملة في الطلب أو العرض، عادة ما تكون غير كاملة، وتفسر الشركات الأسئلة الاستقصائية بشكل مختلف، كما أن القاعدة المتفاعلة مع كل استطلاع تكون محدودة في النهاية.
 

- يضيف الصندوق: بغض النظر عن الطريقة المستخدمة في تقدير فجوة الناتج، فإن العملية تتسم بدرجة كبيرة من عدم اليقين، لأن العلاقات الأساسية للاقتصاد (هيكله) غالبًا ما تتغير.
 

- على سبيل المثال، عندما يخرج الاقتصاد من ركود قاسٍ؛ تكون هناك طاقة إنتاجية احتياطية أقل من المتوقع، بسبب أمور كالعمالة التي غادرت السوق وأصبحت غير نشطة، والشركات التي أغلقت، والبنوك التي خسرت أموالها أثناء الأزمة وباتت أكثر صرامة في الإقراض.



 

مراقبة الفجوة
 

- نظرًا لصعوبة تقدير الناتج المحتمل والفجوة التي ستحدث، يحتاج صانعو السياسات إلى العديد من المؤشرات الاقتصادية الأخرى للحصول على قراءة دقيقة بشأن القدرة الإنتاجية الإجمالية للاقتصاد والضغوط التي تخضع لها.
 

- من بين هذه المؤشرات؛ التوظيف، ونقص العمالة، والطاقة الإنتاجية المستغلة، وساعات العمل المتوسطة، ومتوسط الأجور في الساعة، ونمو النقدية والائتمان، ومستوى التضخم المسجل مقارنة بالتوقعات.
 

- يمكن للمقاييس البديلة هذه أن تساعد صانعي السياسات على قياس فجوة الناتج، ورغم صعوبة تقديرها في نهاية المطاف؛ ظلت فجوة الناتج الاقتصادي وستظل أحد عوامل الإرشاد التي يعتمد عليها متخذو القرار، وفقًا لصندوق النقد الدولي.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.