يحاول فاقدو البصر تلمس خطواتهم وأيديهم أمامهم يتحسسون بها طريقهم، وفي عام 1991، مكث الممثل العالمي "أل باتشينو" في مبنى "Selis Manor" بنيويورك الذي يقدم خدمات لفاقدي البصر من أجل التدريب على أحد أفلامه قريبة الصلة، وفي عام 2016، تم تطوير المبنى ليناسب فاقدي حواس أخرى كالشم والسمع، وتحدث تقرير نشرته "الإيكونوميست" عن هذا العصر الذي برزت فيه تصميمات معمارية تناسب هؤلاء الأشخاص.
وخضع مبنى "سيليز مانور" للعديد من التحديثات لكي يصبح مناسباً لفاقدي حواس مختلفة، ولكن الأمر لا يقتصر هنا على هذا المبنى، بل إن شركات معمارية بدأت فعلياً أخذ هذا الأمر في الاعتبار وتصمم منشآتها لتلبية احتياجات الذين يعانون من فقدان قدرات حسية معينة.
قوية..مفيدة..جميلة
- قال أحد المهندسين المعماريين في أحد كتاباته قديماً إن المباني يجب أن تكون "قوية ومفيدة وجميلة"، وحاول من جاءوا بعده وضع هذه الصفات في تصميماتهم، ولكن بشكل منفرد، فأحدهم يفضل الشكل الجمالي والآخر يفضل صلابة الهيكل، ونسوا أن جمال الشكل حاسة بصرية لا يمكن أن يناسب البعض.
- ليس الشكل فقط، بل هناك من يريد الاستمتاع بمساحات فسيحة وغيرهم من يريد تلمس الحوائط والشعور بشكلها باللمس، ويعاني 466 مليون شخص حول العالم من مشكلات في السمع بينما يعاني 36 مليوناً من فقدان البصر.
- كشفت دراسة أمريكية عام 2016 عن أن 94% من الذين تتراوح أعمارهم بين 57 عاماً و85 عاماً يعانون من ضعف في قدرات حسية، ومع ارتفاع متوسط أعمار البشر حالياً، فإن هذه الإحصائيات سوف تستمر مع توقعات بتضاعف عدد من يعانون من الصمم بحلول عام 2050.
- يحاول المصممون حالياً استغلال إبداعاتهم ومزجها بالتكنولوجيا الحديثة لمواكبة وإظهار تصميمات أحدث من "سيليز مانور"، ومن بين الشركات التي خاضت هذا المعترك، "جريمشو أركتيتكت" البريطانية التي تصمم منشآت تناسب فاقدي حواس بعينها لصالح فاعليات معرض "وورلد إكسبو 2020" في دبي.
- وضع مهندسو "جريمشو" في اعتبارهم كيفية توفير الحواس البصرية والسمعية لدى فاقديها من خلال حاسة اللمس والشعور بشكل المباني والمنشآت ووضع إمكانات أمامهم عند عبور الطرق مثلاً وزيادة معدل الأمان في تحركاتهم.
ثورة معمارية حسية
- لن يقتصر الأمر بالطبع على مبنى أو منشأة أو طريق، بل إن المزيد من الأفكار بدأت تظهر على السطح في هذا الصدد حيث كشفت شركة "هول ماكنايت" الآيرلندية عن تصميمات لمباني إحدى الجامعات التي ستناسب مجتمعات فاقدي السمع والبصر.
- سوف يحتوي هذا النوع من المباني على مستشعرات تتعلق بلغة الإشارة وإمكانات تتيح التواصل مع فاقدي بعض القدرات الحسية وغرف منحنية وأجهزة تنبيه لفاقدي السمع أو أجهزة أخرى للتواصل مرئياً معهم.
- تجدر الإشارة إلى أن المباني التي تناسب فاقدي السمع والبصر قد ظهرت في القرنين التاسع عشر والعشرين لكنها كانت بمثابة معزل لبعض الذين يعانون من مشكلات حسية، ومن أبرز تلك المباني "المدارس" للأطفال والمستشفيات للمرضى، والكثير من هذه الأماكن كانت تفتقر للمسات إنسانية تناسب هؤلاء الأشخاص.
- بعد زلزال في أمريكا عام 1983 ضرب مدرسة "إداهو" لفاقدي السمع والبصر، عمل مسؤولو المدرسة مع مهندسين معماريين محليين لتحسين وإعادة تطوير المبنى، وتم ذلك من خلال توفير مساحات أكبر تتيح التحدث بلغة الإشارة والتواصل بين الأطفال فضلاً عن وجود خاصية امتصاص الضوضاء والأصوات العالية وتقليل الأضواء البراقة.
تغير الفكر
- تغيرت الحال كثيراً عن الماضي في التعامل مع فاقدي السمع والبصر، وربما يكون ذلك السبب وراء اهتمام أصحاب المدارس والمنشآت الأخرى بإعادة تصميم المباني كي تواكب احتياجات فاقدي هذه الحواس.
- عام 2006، كشف أحد المهندسين المعماريين عن مشروع تحت اسم "ديف سبيس" لوضع إرشادات تساعد في تصميم منشآت مناسبة لضعاف السمع ليس فقط لمساعدتهم على التكيف بل أيضاً لتغيير ثقافة المجتمعات ودمج هؤلاء بينهم.
- بدأ مشروع "ديف سبيس" يؤثر عالمياً عام 2015 عندما انطلقت مسابقة دولية بين المهندسين لحثهم على عصر أفكارهم والحصول على أفضل التصميمات المناسبة لفاقدي السمع والبصر.
- يمكن لفاقدي السمع والبصر الإحساس بالجمال عن طريق اللمس أو الشم أو حتى التذوق، ومن هنا جاءت أفكار المهندسين لوضع بدائل حسية لما يفقده البشر.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}