كما اعتادت الأسواق هذا العام، فعند كل اجتماع للاحتياطي الفيدرالي يلتفت المستثمرون إلى التصريحات والإشارات الصادرة عن مسؤولي البنك وليس قرار فائدة، والذي عادة ما يكون متوقعًا من قبل، فعلى سبيل المثال من المتوقع على نطاق واسع أن لجنة الأسواق الفيدرالية المفتوحة ستتجه لرفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماعها الذي ينتهي مساء اليوم الأربعاء، بحسب تقرير لصحيفة "ذا سيدني مورنينغ هيرالد".
وستكون هذه رابع زيادة للفائدة هذا العام، والتاسعة منذ بدأ البنك المركزي الأمريكي سلسلة الرفع التدريجي في ديسمبر/ كانون الأول عام 2015، ووفقًا لمؤشرات سوق العقود الآجلة فإن الزيادة هذه المرة مرجحة بنسبة 80%، لكن ما سيحدد العواقب المحتمل تأثيرها في الأسواق المالية هو توقعاته لعام 2019.
الفيدرالي لم يحسم رؤيته لـ2019
- في الاجتماعات السابقة، أشار الرسم البياني الذي يوضح توقعات أعضاء اللجنة الاثني عشر، إلى ثلاث زيادة مقبلة في أسعار الفائدة خلال عام 2019، بواقع 25 نقطة أساس لكل زيادة.
- الآن، وبعد فترة من الاضطرابات شهدتها الأسواق هذا العام، حيث تراجعت الأسهم الأمريكية بأكثر من 11% منذ أوائل أكتوبر/ تشرين الأول، وتسطح منحنى عائد السندات الأمريكية (متجهًا نحو الشكل المقلوب) وهو ما ينذر باحتمال حدوث تباطؤ اقتصادي، فإن الأسواق لم تعد مقتنعة بأن الفيدرالي سيتمسك بهذه التوقعات.
- تعتقد الأسواق أن الاحتياطي الفيدرالي سيرفع الفائدة مرتين فقط في 2019، ومع ذلك فإن محللين يؤمنون بأن العام القادم قد يشهد حتى أربع زيادات، وهو ما يعكس درجة عدم اليقين بشأن استراتيجية البنك المركزي الأمريكي والتوقعات الاقتصادية.
- تتزايد ضغوط البيت الأبيض لتبني موقف أكثر تساهلًا، وهو ما يتضح من الانتقادات المتلاحقة للرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في حق الفيدرالي ورئيسه "جيروم باول" (الذي اختاره بنفسه).
- قد ينزل الفيدرالي في نهاية المطاف على رغبة "ترامب"، ومؤخرًا قال "باول" إن سعر الفائدة الحالي أقل قليلًا من مستوى الحياد، وهو تحول ملحوظ في رأيه الذي أعرب عنه قبل شهر فقط عندما أكد أن الفائدة بعيدة كثيرًا عن مستوى الحياد.
مخاطر تهدد الأسواق في 2019
- إن معضلة الاحتياطي الفيدرالي تتمثل في أن الاقتصاد الأمريكي يمضي على نحو جيد للغاية (حتى الآن) مع مستويات بطالة منخفضة بشكل كبير، وهو ما ينذر بتزايد المخاطر ودفع الاقتصاد الذي تلقى دعمًا من الخفض الضريبي وزيادة الإنفاق الحكومي إلى حالة من الفوران وتفاقم التضخم.
- في الوقت الذي ستبدأ فيه آثار التخفيضات الضريبية التضاؤل خلال عام 2019، ستتراجع أرباح الشركات، وتتصاعد حدة الصراع التجاري بين واشنطن وبكين، وسيتباطأ النمو في الصين واليابان ومنطقة اليورو، تزامنًا مع فوضى محتملة جراء انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
- يضاف لكل ذلك، الانخفاض الحاد مؤخرًا في أسعار النفط، وتخلي الأسواق المالية عن استقرارها بعدما أصبحت متقلبة بشكل كبير ومفاجئ، وكل ذلك ينذر بمزيد من الاضطرابات في الأسواق والاقتصاد العالمي.
- اشترى الفيدرالي ما قيمته تريليونات الدولارات من السندات والرهون العقارية خلال الفترة بين عامي 2008 و 2015، لكنه بدأ مؤخرًا خفض ميزانيته العمومية بالتخلص من هذه الأصول، في إجراء يتسبب في سحب السيولة من الأسواق بمعدل 50 مليار دولار شهريًا.
الفيدرالي قد يعمق اضطرابات الأسواق
- بغض النظر عما سيفعله الاحتياطي الفيدرالي بأسعار الفائدة، فإنه يواصل تشديد سياسته، الذي يعني بطبيعة الحال انخفاض المعروض النقدي، وهو ما يحدث في وقت يتزايد فيه طلب الحكومة الأمريكية على الاقتراض، نظرًا للخفض الضريبي الذي أجرته بجانب رغبة "ترامب" في زيادة الإنفاق.
- سيؤدي الجمع بين انخفاض المعروض من الدولار وتزايد الطلب الحكومي (حتى لو أبقى الفيدرالي معدل الفائدة عند النطاق الراهن بين 2% إلى 2.25%) إلى خلق ضغوط تصاعدية على أسعار الفائدة في السوق، بينما لا تزال تعاني الشركات الأمريكية من ديون مرتفعة للغاية.
- إذا أقر الفيدرالي الرفع المتوقع في الفائدة اليوم، وأبدى تمسكه بالزيادات الثلاث المقررة في 2019، فإن انكماش سوق الأسهم الأمريكية (التي تضخمت في السابق بفعل انخفاض الفائدة وبرامج التيسير الكمي السخية) سيستمر وربما يخلق حالة من الهلع، وهو ما سيلقى صداه لا شك في باقي الأسواق العالمية.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}