في المستقبل، لن يتم إضاءة مصابيح الليد عن طريق مصادر الضوء الحيوية التي توفر موارد الأرض فحسب، وإنما ستعمل أيضًا على تحسين مزاج البشر عن طريق محاكاة أسلوب الشمس في الإنارة طوال اليوم، بحسب تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي.
قد يكون الأمر أقرب مما نعتقد، وفقًا للدكتور "روبن كوستا"، العالم الإسباني الشاب الذي يعتقد أن العالم على حافة ثورة بيولوجية ونانوتكنولوجية يمكنها سد الفجوة بين الطبيعة والبيئة، ويقول: ما يتعين علينا القيام به، هو بناء جسر بين هذه المواد التي نعرفها ونفهمها، وبين التكنولوجيا، هذه هي الثورة القادمة.
تخطي المستحيل
- يجمع بحث أجراه "كوستا" بين عمل العديد من العلماء الحائزين على جائزة "نوبل"، مثل البروفيسور الياباني "أوسامو شيمورمورا" الخبير في الكيمياء العضوية وعلم الأحياء، والذي حصل على الجائزة عام 2008، بفضل اكتشافه البروتين الأخضر الفلوري في قناديل البحر.
- البروفيسور "مارتن تشالفي" هو أيضًا من الشخصيات التي حازت على اهتمام "كوستا"، وقد نجح في استخراج الحمض النووي للبروتين وتعديله لجعله أكثر توهجًا، والآن تُستخدم بروتينات قناديل البحر من قبل علماء الأحياء الجزيئية لتعقب الجينات.
- في 2014، فاز مهندس الإلكترونات الأمريكي، البروفيسور "شوجي ناكامورا" بجائزة "نوبل" في الفيزياء، مع زميلين آخرين، لابتكاره الصمام الثنائي الباعث للضوء الأزرق (الليد) فائق الكفاءة، والذي يصفه "كوستا" بأنه أقوى التقنيات التي أنتجها البشر.
- بعد سماعه عن البروتينات الفلورية في أحد المؤتمرات، أصبح "كوستا" مفتونًا بهذه المادة وفكرة استخدامها بطريقة ما لإضاءة المصابيح، وبطبيعة الحال، فِعل ذلك كمان يشكل تحديًا كبيرًا.
- يقول "كوستا": لم أعتقد أبدًا أنه يمكن صنع تقنية ما باستخدام المركبات الحيوية.. إنني أنتمي لعالم مقتنع إن المركبات الحيوية ليست مستقرة بما فيه الكفاية، لكني أجدها مستقرة للغاية.
مصابيح ليد مستدامة
- لصنع مصابيح "الليد" البيضاء التي تضيء المنازل والجوالات وشاشات الحواسيب، يتم تغليف رقاقة "ناكمورا" الزرقاء بمركب لتنقية الضوء الأزرق القوي، وهذا الغلاف الذي يعمل كمرشح عبارة عن فوسفور (يميل للصفرة) مصنوع من مواد أرضية نادرة مثل الإيتريوم، وهي واحدة من أفضل المواد لتحويل الضوء الأزرق القوي.
- لكن مع تزايد انتشار مصابيح "الليد" لاتسامها بالكفاءة وانخفاض تكاليف التصنيع، فمن المتوقع أن يصل الطلب على الإيتريوم إلى ذروته خلال الفترة بين عامي 2019 و2022، ويرجع ذلك لندرة المادة التي توجد في عدد محدد من البلدان، ولعملية استخراجها تداعيات بيئية.
- هنا يأتي دور "الليد الحيوي"، وبمجرد أن توصل فريق "كوستا" إلى مرشح الألوان الحيوي، والذي لا يزال متوهجًا إلى الآن، تحولت أفكار العالم الإسباني إلى مزايا حقيقية قابلة للتطبيق.
- الخطوة التالية هي الاستدامة، فأصول البروتينات يمكن إنتاجها في أي مكان في العالم عبر الاستعانة ببكتريا "إي كولي" ومن خلال عملية رخيصة التكلفة، ومع ذلك فالتقنية المأمولة لا تزال قيد التطوير، لكن فريق "كوستا" تمكن حتى الآن من رفع استقرار "الليد الحيوي" من 100 ساعة إلى 1700 ساعة، ويستهدف الوصول إلى 5 آلاف ثم 10 ساعة من الإضاءة.
علاج نفسي
- لا يمكن لمرشح الألوان الحيوي أن يخفض المكون الأزرق الحاد في الإضاءة بشكل فعال فحسب، بل إن البروتين يتجدد عند إطفاء الضوء، وبحسب "كوستا"، تحتوي المواد الحيوية قدرة فريدة من نوعها وهي إصلاح نفسها تلقائيًا، وبقول آخر، فإن البروتين سيعيد تشكيل هيكله أثناء نوم البشر.
- يضيف "كوستا": يمكن تعديل لون "الليد" من خلال طيف يساعده على محاكاة إضاءة الشمس المتغيرة على مدار اليوم، تخيل أن لدينا بروتينا يكون في الصباح شديد السطوع على الجزء الأخضر المصفر، ثم يصبح أكثر سطوعًا لكن على الجزء البرتقالي، وعند ذهابك إلى النوم يبدأ في التعافي وإعادة بناء نفسه.
- "كوستا" أكد أنه يعكف على تطوير مصباح "ليد" يمكنه محاكاة ضوء الشمس بالفعل، وهو متأكد تمامًا من أن هذه التقنية ستساعد أولئك الذين يعانون من الاضطراب العاطفي الموسمي، والذين يصل عددهم خلال أشهر الشتاء في المملكة المتحدة فقط على سبيل المثال، إلى ثلث سكان البلاد.
- على جانب آخر، بدأ "كوستا" وفريقه العمل على نوافذ شمسية مزودة بمرشح حيوي بين طبقتين من الزجاج، والتي ستعمل على تحويل جزء من الأشعة فوق البنفسجية إلى خلايا ضوئية صغيرة في زوايا النوافذ، والتي ستكون على اتصال بمخارج "يو إس بي" تسمح بشحن الجوالات والأجهزة الأخرى.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}