يدعم آلاف المستثمرين الإنجليز مخططات استثمار مهترئة أشبه برجل فاقد للوعي لكنه يستند على آخر يوشك أن ينطرح أرضًا هو الآخر، ويرجع ارتياح هؤلاء المستثمرين إلى الطمأنينة التي تشكلها شرعية الشركات الراعية لهذه البرامج، لكن يا لخيبة أملهم، حيث انتهى المطاف بهم بفقدان الملايين من الدولارات وخسارة أمنهم المالي، بحسب تقرير لـ"التلغراف".
ويقول المستشار المالي المستقل في شركة "ريد سيركل" "دارين كوك": مثل هذه الاستعدادات القانونية تستغل مشاعر الناس وتنجح في إقناعهم بالاستثمار في مخططات عالية المخاطر تتركز في كثير من الأحيان خارج أوطانهم.
يجب على جميع الشركات تقريبًا التي تقدم خدماتها المالية في بريطانيا الحصول على إذن من سلطات السلوك المالي وأن تخضع لقواعدها التنظيمية، ولكن الاستثمارات عالية المخاطر غالبًا ما تعتمد على العديد من الشركات في مختلف البلدان، وإذا حدث خطأ فإن اكتشاف المسؤول عن خسارة أموال المستثمرين يشبه محاولة الخروج من متاهة كتلك التي في الفيلم الهوليوودي الشهير "عداء المتاهة".
المثال الإنجليزي
- تتحمل كل شركة مسؤولية عن جزء صغير من الصفقات، ما يجعل المستثمر أشبه بكرة التنس التي تتعاقب المضارب عليها صفعًا من اليمين واليسار، خلال رحلة للبحث عن أمواله المفقودة والمتسبب في هذه الخسائر.
- المستثمرون في المخططات الخارجية معرضون بشكل خاص لهذا الخطر، لأن شركات الظل الداخلية لا تتحمل أي مسؤولية تذكر، فيما يقبع الأشخاص المتسببون في الخسائر حقًا على بعد آلاف الكيلومترات.
- على سبيل المثال، خسر زوجان متقاعدان، ما مجموعه 345 ألف جنيه إسترليني (450 ألف دولار)، في أربعة برامج مختلفة بهذه الطريقة، وهو ما يمثل 86% من إجمالي استثماراتهما.
- يقول الزوج "ريتشاردز": لقد عملنا لمدة 40 عامًا ولم نأخذ أي عطلات، وفي أوقات فراغنا كنا نعكف على تجديد المنزل، ثم بعناه مقابل 400 ألف إسترليني، قررنا استثمارها من أجل التقاعد.
- في عام 2016، شاهد الزوجان إعلانًا على الإنترنت حول ما يعرف بـ"بار وركس" وهو مخطط للاستثمار في توفير مساحات عمل مشترك لرواد العمل الحر، وهو ما اعتقدا أنه اتجاه نافع للناس.
- بعد مرور عام، فقد الزوجان أكثر من 57 ألف جنيه إسترليني جراء استثمارهما في هذا المخطط، فيما فقد 50 بريطانيًا ما قدره مليونا جنيه إسترليني (2.61 مليون دولار) نتيجة ثقتهم في هذا البرنامج، الذي استقطب أيضًا مئات المستثمرين الأجانب بعد وعود بمنحهم عائدات تصل إلى 15%.
تحايل وتعقيد
- شركة "بار وركس" التي تتخذ من نيويورك مقرًا لها، لا تخضع لتنظيم سلطات السلوك المالي كي يتسنى لها التعامل مع المستثمرين البريطانيين، وبدلًا من ذلك، استخدمت شبكة من الشركات الوكيلة التي وجهت تعلميات للمستثمرين بتحويل الأموال إلى "سنترال إف إكس" وهي شركة لتداول العملات تتخذ من لندن مقرًا لها وتخضع لقواعد السلطات البريطانية، وكانت تحول الأموال بدورها إلى "بار وركس".
- تقول الزوجة البريطانية التي وقعت وزوجها ضحية هذا المخطط: لم يكن هناك أي شيء واضح، وكانت "سنترال" تحافظ على هذا الغموض حتى لا نعلم ما يجري، لم تكن هناك توقيعات على أي ورقة، ولا يوجد أشخاص معروفون بأسمائهم.
- انهارت "بار وركس" في أبريل/ نيسان بعدما تسلم مكتب التحقيقات الفيدرالي مؤسس الشركة البريطاني من السلطات المغربية، وهو "رينويك هادو" البالغ من العمر 49 عامًا، ويستخدم اسمًا مستعارًا هو "جوناثان بلاك".
- جاءت عملية التسليم وسط مزاعم بأن "بار وركس" كانت جزءًا من مخطط بونزي استخدم للاحتيال على المستثمرين في أكثر من 28 مليون جنيه إسترليني، وبعدما وجهت محكمة في نيويورك اتهامات إلى "هادو" في 2017 بالاحتيال، مهددة إياه بالسجن 40 عامًا.
- كما اتهم "هادو" باصطناع شخصيات تنفيذية رئيسية وهمية، والكذب بشأن استثماراته، وتحويل ملايين الدولارات من حسابات "بار وركس" إلى حسابه الخاص في موريشيوس والمغرب.
- المفارقة في الأمر، أن "هادو" كان غارقًا في الادعاءات والدعاوى القانونية الموجهة ضده في بريطانيا قبل خمس سنوات أيضًا، بعدما اتهمته سلطات السلوك المالي بقيادة مخططين استثماريين آخرين غير خاضعين للتنظيم.
- في مارس/ آذار من هذا العام، قضت المحكمة العليا بضرورة سداد "هادو" وآخرين تعويضات قيمتها 16.9 مليون جنيه إسترليني (22 مليون دولار) لترويجهم مخططات استثمارية بطرق غير مشروعة وخادعة.
- لكن قبل نهاية هذه المعركة القانونية المطولة، استطاع "هادو" مغادرة الأراضي البريطانية إلى أمريكا، حيث أسس شركة "بار وركس"، لكن النجاح في الوصول للمستثمرين الإنجليز مرة أخرى، كان وليد الترابط مع "سنترال" التي حظيت بثقة المستثمرين (الذين لم يسمح لهم بمعرفة الكثير عن البرنامج) نظرًا لوضعها القانوني المنظم.
من يتحمل المسؤولية؟
- يقول الزوج "ريتشاردز" إنه افترض أن الشركة الخاضعة للقواعد التنظيمة والقوانين البريطانية ستعتني بأموال المستثمرين وتبقيها في أمان، مضيفًا: لكننا نصبح ضحايا للمرة الثانية عندما لا نحصل على المساعدة اللازمة من المؤسسات المالية المنظمة.
- يشار هنا إلى أن الاستثمار في الشركات غير الخاضعة لتنظيم السلطات المالية في بريطانيا، يمكنه أن يلغي حق المستثمر في التقدم بشكوى إلى هيئة المظالم المالية أو السلطات المعنية بالتعويض في سوق الخدمات المالية، مما يجعل من الصعب استرداد الأموال إذا ساءت الأمور.
- تنفي "سنترال إف إكس" مسؤوليتها عن خسائر المستثمرين، وقالت في بيان: لم تعمل الشركة على الترويج أو السعي إلى زيادة الاستثمار في "بار وركس"، فقط قمنا بتوفير خدمات صرف العملات الأجنبية لأولئك الذين يرغبون في الاستثمار في هذه الشركة، لكن لم يكن لنا دور في تسويقها للمستثمرين.
- بيد أن المحامي "مايكل كوتر" الذي يدافع عن حقوق 50 بريطانيًا فقدوا أموالهم مع انهيار "بار وركس" يقول إن "سنترال" شريكة في هذه الخسائر مضيفًا: يحق للمستثمرين الثقة في شركة مرخص لها من قبل المنظمين الماليين، هذا يشعرهم بأن هناك من يحميهم.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}