نبض أرقام
02:30 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/10/07
2024/10/06

دروس من الماضي عن "تباين" الحروب التجارية ..متى يحمى وطيسها؟وكيف تضع أوزارها؟

2018/08/20 أرقام - خاص

أصبح مصطلح "الحرب التجارية" مسيطرًا على المشهد العالمي في هذه المرحلة، في ظل ترقب واسع لاحتمالات تصاعد المواجهة بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في عالمنا المعاصر، بكين وواشنطن، لا سيما بعد رد الصين على "ترامب" باتهامه بإشعال "الحرب التجارية الأكبر في التاريخ" ليثار التساؤل هل هي كذلك بالفعل؟ وماذا يمكن أن تفيدنا التجارب السابقة في المواجهات التجارية والاقتصادية؟

 

 

ويرصد الاقتصادي الشهير "إيرون كرونيكل" في كتابه "نشر الحمائية: قانون "سموت" والكساد العظيم" العناصر التي يمكن بناء عليها تقييم مدى خطورة الحرب التجارية أو الاقتصادية وعمق تأثيراتها، وتشمل حجم السلع في تلك الحرب، وعدد الأطراف المتورطة فيها، والمدة الزمنية لها، واحتمالات نهايتها.

 

"حجم" الحرب

 

فعلى سبيل المثال،  تسببت الحرب التجارية التي شنها الرئيس الأمريكي "هيربرت هوفر" جزئيًا بداية في زيادة الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي، إذ بدأت بفرض الجمارك من قبل الولايات المتحدة على حوالي 900 سلعة ثم امتدت لتشمل آلاف السلع، حتى تشير التقديرات إلى فرض جمارك على حوالي ثلث الواردات الأمريكية من الخارج.

 

ولهذا السبب تعارض "واشنطن بوست" التصريح الصيني حول اندلاع الحرب التجارية الأكبر في التاريخ حاليًا، فالجمارك الأمريكية حاليًا لم تصل لآلاف السلع بطبيعة الحال، والأهم أن عمرها لم يتعد أشهرا بينما امتدت الحرب الأخرى لسنوات، وهذا بسبب تعدد أطرافها وصعوبة السيطرة عليها، فالجمارك الأمريكية حينها لم تستهدف دولة بعينها أو سلعًا مثل الألمنيوم والصلب لكنها امتدت لتشمل "كل الدول" و"كل السلع"، ولذلك فاقم تأثيرها الكساد الكبير عالميًا ولم يقتصر على طرف بعينه.

 

وتشير دراسة لجامعة "أوكسفورد" إلى أن المواجهات الاقتصادية بين بريطانيا وأيرلندا في ثلاثينيات القرن الماضي بدأت برفض حكومة الأخيرة دفع أقساط أراض للحكومة البريطانية، فردت الأولى بحظر استيراد سلع زراعية من أيرلندا فرفضت الأخيرة منح الموظفين الإنجليز لديها رواتبهم، وظلت المواجهات تزداد حتى أصبحت العلاقات الاقتصادية بين الطرفين "صفرا" بعد أن كانا الشريكين الأكبر لبعضهما البعض.

 

تعدد الأطراف

 

وعلى الرغم من ضراوة الحرب بتحويلها شريكين تجاريين إلى خصمين، غير أن تأثيراتها لم تكن كبيرة لأكثر من عامل أهمها اقتصار المواجهات على الطرفين المتورطين فحسب دون انجراف أطراف أخرى في المواجهات.

 

لذا فالتاريخ يؤكد على صعوبة السيطرة على الحرب الاقتصادية كلما زادت أطرافها، فأثينا القديمة دخلت في عدة مواجهات اقتصادية مع جيرانها اليونان قبل آلاف السنوات من حصار اقتصادي ومقاطعة تجارية وغيرها، ولكن عندما نشبت حروب تجارية بين أكثر من طرف انتهى الأمر بتحول الصراع لآخر ذي بُعد عسكري.  

 

 

كما تختلف "ضراوة" الحرب وتأثيراتها على مستويات التجارة والنمو العالميين باختلاف "التغير" في مستوى الجمارك أو في طبيعة الإجراءات الاقتصادية، ففي ثلاثينيات القرن الماضي جاء الرفع الأمريكي للجمارك على السلع إلى نسبة 45% على الكثير من السلع، بينما لم يتخط مستوى الضرائب 25% في الإجراءات الاقتصادية الأمريكية الأخيرة.

 

وتذكر "فوربس" حقيقة قيام الولايات المتحدة الأمريكية بدخول عدة مواجهات تجارية سابقة، وكان الصراع هل "إنتاج الدجاج" مع أوروبا في الستينيات، ثم مع أوروبا أيضًا على إنتاج المعكرونة والموز في الثمانينيات والتسعينيات، لكن دون توسع المواجهات لتشمل سلعًا أخرى أو أطرافًا أخرى، بما جعل أضرار تلك المواجهات في الحد الأدنى وإن أثارت القلق وقتها حول مستويات النمو الاقتصادي والتبادل التجاري العالميين.

 

كيف تضع الحرب التجارية أوزارها؟

 

في حالة حرب الثلاثينيات التي خاضتها واشنطن، جاء الأمر بتغيير القيادة السياسية في البلاد بانتخاب الرئيس "روزفلت" وتوليه مقاليد الأمور عام 1933، وانتهج الأخير سياسات اقتصادية أعادت انفتاح بلاده على العالم، فتراجعت الكثير من الدول عن الإجراءات الانتقامية في مواجهة واشنطن مما ساهم في التخفيف من آثار الكساد الكبير.

 

وفي الكثير من الأحيان، يرى طرف تحقيقه للأهداف المرجوة من وراء الخطوات التي أدت لنشوب الحرب التجارية، بما ينهيها. والمثال على ذلك ما حدث إبان حكم الرئيس "أوباما" بفرض جمارك لفترة زمنية قصيرة على الصلب أيضًا، وذلك لـ"جعل المستهلك الأمريكي يرى البدائل الوطنية المتاحة في مواجهة الإغراق الصيني" وفقًا للإدارة الأمريكية حينها، ولذلك لم تستمر طويلًا بسبب هدفها المحدد سلفًا.

 

 

أما في حالة الحروب الاقتصادية القديمة، مثلما كان يحدث في اليونان القديمة وإيطاليا، فغالبًا ما كانت الحرب العسكرية تلحق بنظيرتها التجارية والاقتصادية، فيبدأ الأمر بحظر تصدير أو استيراد ليمتد لحصار اقتصادي قبل الوصول إلى المرحلة النهائية بالتقاء الجيوش في ميادين الصراع، لتبقى أهمية رصد التجارب السابقة وكيف تدهورت الأوضاع وكيف استقرت بعدها ضرورية في التوقيت الحالي لمحاولة التنبؤ بقادم الأحداث.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.