يعد الوقت من أهم القضايا المربكة والمثيرة للجدل في عالم الأعمال، في الوقت الذي يشهد العالم تطورا تكنولوجيا هائلا.
وتطرح تساؤلات بشأن مدى الحاجة لتغيير أطر العمل والتواكب مع المتغيرات الحديثة للتحكم في الخطوات القادمة في ظل تواصل تحرك عجلة الوقت بلا توقف، وربما يكون الأمر سهلا على الكيانات العامة التي تحدد لها الحكومات قواعدها لتنفيذ الرؤية المحددة على غرار خطة الصين "صنع في 2025" الهادفة لصناعات متقدمة تكنولوجيا.
أما في اقتصادات السوق، لا يوجد خطة، بل توجد قرارات أفراد في آلاف الشركات التي تتنافس في عملية عفوية، ووفقاً لتقرير نشرته "الإيكونوميست"، تبني العديد من الشركات خططها وقراراتها الجريئة اعتمادا على سلوكيات المجتمعات في المستقبل البعيد، فهل تجدي نفعا؟
خطط المدى الطويل والتوجهات الكبرى
- تواجه العديد من الشركات ضبابية حيث تلجأ الغالبية إلى نهج من اثنين إما تبني نهج "المدى الطويل" أو اتباع "التوجهات المستقبلية الكبرى"، وعلى ما يبدو، لا يعد أي من النهجين مرضيا.
- فيما يتعلق بنهج "المدى الطويل"، انتقد المدير التنفيذي لـ"جيه بي مورجان تشيس" "جيمي ديمون" والمستثمر الشهير "وارن بافيت" ما وصفاه بـ"هوس سوق الأسهم" بالتوقعات حيال الأرباح ونتائج الأعمال الفصلية.
- تسود الشكوك بخصوص مدى قدرة معظم الشركات على بلوغ أهداف نتائج أعمالها الفصلية كما أن 28% فقط من الشركات المدرجة على مؤشر "S&P 500" في البورصة الأمريكية هي التي تصدر توقعات لأعمالها.
- عندما يتم توجيه مديري الشركات للعمل على المدى الطويل، فإنهم يتعثرون في الظلام، وبدلاً من عرض الحقائق، يميل العديد منهم لاتباع سياسة القطيع رغم ارتفاع مستويات الدين وزيادة أنشطة الاستحواذ في خضم دائرة سوق الأسهم وذروة الاقتصاد.
- حتى لو نجحت الشركات في تحقيق رؤية على المدى الطويل، فيجب عليها أن تمر بدورات زمنية متعددة، ومع زيادة البنوك لأسعار الفائدة على الودائع لليلة وضخ قروض طويلة الأجل، تعتدل الشركات في مطالباتها والتزاماتها بفترات مختلفة.
- يعد البديل الأكثر شيوعا للخطط "طويلة الأجل" للشركات هو محاولة التعرف على "توجهات كبرى" وبناء استراتيجيات حولها، وتكون بعض هذه الاستراتيجيات بمثابة رهانات عادلة.
- على سبيل المثال، سوف تستهلك الهند المزيد من الطاقة في المستقبل كما أن المدفوعات الرقمية سوف تكون أمرا تقليديا كما ينتهج الكثيرون نهج الذكاء الاصطناعي، ولكن المشكلة المعتادة هو أن الجميع يتبعون نفس هذه التوجهات بالفعل.
الاتباع فخ
- ربما يكون تركيز الشركات على الخطط طويلة الأجل واتباع التوجهات الكبرى بمثابة فخ، والحل يكمن في عدة خطوات أولها إحداث توازن بين الآفاق الزمنية المختلفة للخطط والاستراتيجيات.
- يعني ذلك أنه من غير الجيد التكهن بسلوك المستهلكين في عام 2027 لعدم وقوع أخطاء تخاطر بمستقبل الشركات، كما أن تجاوز التوقعات لنتائج أعمال فصلية لربع سنوي سيكون بمثابة انتصار أجوف.
- الخطوة الثانية تكمن في ضرورة وجود خيارات متنوعة، فمن الجيد والجاذب للمستثمرين افتراض نجاح مضمون لشركة، ولكن الأمر لا يجدي بشكل مستمر، فبالرغم أن مستقبل "أمازون واعد" برهاناتها على الحوسبة السحابية، إلا أنها تتعرض لعثرات كالتوسع في الصين.
- لا تزال بعض الخيارات مكلفة لأنها غالبًا ما ينتج عنها حرق سيولة نقدية بسببها، وبالتالي، فإن الشركات الأفضل هي التي تنجح في توفير أداء ثابت في أنشطتها التجارية الأساسية في الوقت الحالي.
- أما الخطوة الثالثة، فهي ضرورة الاستعانة بخبراء في التكهنات بتوجهات الأعمال نظرا لأن الأحداث في العالم تجعل من الصعب التكهن بدقة على مسؤولي تلك الشركات.
- تحتاج الشركات الناجحة لمستشارين وخبراء لديهم القدرة والثقة بالنفس على عدم التأثر بالمجريات وإطلاق دراسات وموازنات قادرة على استيعاب الأخطاء.
- اتبع "جولدمان ساكس" خيارًا استراتيجيًا ضعيفاً في الخمس سنوات الماضية عن طريق رفض تقليص أنشطة وحدته لتداول السندات، لكنه لا يزال قادرا على جذب العقول اللامعة والطموحة.
- يزخر تاريخ الأعمال بالعديد من القصص الملهمة والتكهنات والاستراتيجيات التي نجحت عقول لامعة في تحقيقها، على سبيل المثال، توقع "أندرو كارنيجي" أن أمريكا في حاجة لسوق وطني متكامل للصلب في أوائل القرن التاسع عشر.
- كان للراحل "ستيف جوبز" رؤية حول مدى التغيير الذي ستحدثه الهواتف الذكية للعالم، ولكن بالنسبة لبعض الشركات في الاقتصادات غير المحترفة، يعد التركيز على المستقبل البعيد وإطلاق خطط طويلة الأجل مجرد مضيعة للوقت.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}