نبض أرقام
11:31 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24

أمريكا اللاتينية و"العالم المقلوب".."اليساريون القدامى" يتنصلون من "حمائية" قائدة العالم الحر

2018/08/03 أرقام - خاص

"ترامب" حقق لأمريكا اللاتينية إنجازات لم تحققها أي قيادة سياسية في القارة في مجال التضامن والتكامل التجاري بين دولها".. هذا ما يؤكده "باتريسيو نافيا" أستاذ العلوم السياسية في جامعة نيويورك لـ"نيويورك تايمز"، مشيرا إلى الحروب التجارية التي بدأها الرئيس الأمريكي ودفعت القارة الجنوبية للتحرك بشكل مختلف مؤخرًا.

 

 

فرص

 

وتحمل الحروب التجارية فرصًا لأمريكا الجنوبية كما تحمل تهديدات بطبيعة الحال، وتبدو الفرص أقرب للظهور في المرحلة الحالية، وأبرزها أن الأرجنتين والبرازيل تعدان المستفيد الأول من الإجراء الانتقامي الصيني بفرض جمارك على الواردات من منتجات الصويا الأمريكية، لا سيما البرازيل بوصفها المنتج الأول له عالميًا (47% من الإنتاج العالمي من البرازيل).

 

وكشفت مجلة "بوليتيكو" عن اتفاق صيني- برازيلي بقيام الأولى باستصلاح مساحات واسعة من الأراضي في البرازيل لزراعة فول الصويا، فيما يعكس تحديًا واضحًا لواشنطن، ومحاولة من الأولى لوضع المزيد من الضغوط على واشنطن بتوفير البديل لمنتجاتها، باتباع نفس النهج الذي تتبعه في إفريقيا بمبادلة الاستثمارات الحالية بالإنتاج المستقبلي.

 

وتزداد أهمية العلاقات مع الصين مؤخرًا في ظل سماح بكين بميزان تجاري مختل مع العديد من دولها يصب في مصلحة الدول اللاتينية، ولعل أبرزها البرازيل التي تستورد بكين منها بـ50 مليار دولار سنويا وتصدر لها بـ27 مليار دولار فحسب بما يجعل "ريو دي جانيرو" حريصة للغاية على العلاقات مع بكين التي تمدها بثلث الفائض التجاري، 23 مليار دولار، الذي تتمتع به ويقترب من 70 مليار دولار ككل.

 

اتهامات أمريكية

 

وفي المقابل تنظر بكين إلى الدول اللاتينية على أنها مستقر جيد لاستثماراتها في ظل التهديدات الأمريكية، والأهم أنها قد تستقبل جزءًا من الإنتاج الصيني الذي قد تصيبه العقوبات الأمريكية في ظل تصدير الصين لـ20-25% من إجمالي صادراتها لواشنطن (حوالي 400 مليار من أصل تريليوني دولار) بما يجعل العثور على أسواق بديلة أو تنمية تلك القائمة حتميًا لبكين.

 

 

وفي ديسمبر الماضي اتهمت وزارة الخزانة الأمريكية الصين باستخدام الاستثمارات المباشرة في محاولة لاكتساب النفوذ في دول أمريكا للاتينية، ولعل هذا الاتهام إشارة إلى زيادة الصين لاستثماراتها المباشرة في دول القارة بـ70 مليار دولار بين عامي 2012-2017، في الوقت الذي بقيت فيه واشنطن المستثمر الأكبر فيها إلا أن نسبة الاستثمارات الأمريكية تراجعت من 24% عام 2012 إلى 20% فقط عام 2017 بما يعكس نفوذًا اقتصاديًا متراجعًا.

 

ويتفق ذلك مع ما نقلته وكالة "رويترز" للأنباء عن مسؤول صيني من أن "الأفعال تتكلم بصورة أصدق من الأقوال" وأن هذا هو ما دفع الصين لزيادة تجارتها مع الدول اللاتينية بنسبة 16% خلال عام واحد لتصل إلى ما قيمته 270 مليار دولار، محذرا واشنطن من جر الدول اللاتينية إلى المواجهات الصينية- الأمريكية الاقتصادية.

 

تهديدات

 

وأصبح تكتل "ميركسور" الاقتصادي الذي يضم بعض دول أمريكا الجنوبية، وأبرزها الأرجنتين والبرازيل والأوروجواي والباراجواي، فجأة نشطًا بعد خمول لسنوات طويلة، ليستأنف الدول الأعضاء مفاوضاتهم حول قواعد أكثر إلزامًا لأعضائه تجعله يتحول لكيان أكثر تماسكًا ومرشح لأن يصل إلى اتحاد تجاري يضم 80% من الناتج المحلي للمنطقة بما قيمته 4.3 تريليون دولار، وفقًا لشبكة "بلومبرج".

 

بل وانخرط التكتل في مفاوضات متعددة مع الاتحاد الأوروبي وكندا وتكتل "أسيان" وهو ما لم يكن قائمًا قبل اندلاع شرارة الحروب التجارية، يبدو أن أمريكا اللاتينية تؤمّن نفسها من مخاطر ما هو قادم بتدعيم علاقاتها بتكتلات أخرى، فيما يشكل "نأيا" واضحا عن السياسات الأمريكية الحمائية.

 

واللافت هنا أن التراجع الأمريكي عن التجارة الحرة يواجه بمقاومة من قبل اللاتينيين بسبب تبني غالبية دول القارة –باستثناء فنزويلا- لسياسات التجارة الحرة منذ سنوات قريبة، بما يدعوهم إلى دعم تلك السياسات خوفًا من تأثير انهيارها على اقتصاداتهم الداخلية التي أصبحت ملتزمة بالفعل باقتصاديات السوق الحر بعد معاناة طويلة مع حزم "الإصلاح" الدولية.

 

 

ومنذ 8 أعوام نشرت "إيكونوميست" صورة لخريطة العالم مقلوبة على صدر غلافها، ووضعت أمريكا اللاتينية بالأعلى والشمالية بالأسفل وكتبت "ليست الحديقة الخلفية لأحد" في إشارة إلى الاستقلالية التي باتت تتمع بها أمريكا اللاتينية في مواجهة واشنطن، وهو ما أكملته "نيويورك تايمز" منذ أيام بتصديرها لعنوان "عالم مقلوب: أمريكا اللاتينية (اليسارية تقليديًا) تتصدى للإجراءات الحمائية لمعقل الاقتصاد الحر".

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.