استغرق "دارين وودز" عامًا كاملًا في إعداد خطة طموحة للعودة بـ"إكسون موبيل" إلى المجد مرة أخرى، وفي مارس/ آذار كشف الرئيس التنفيذي لعملاق النفط النقاب عن استراتيجية لإنفاق أكثر من 230 مليار دولار لمضاعفة الأرباح وضخ مليون برميل إضافية من النفط والغاز.
وبعد انتهاء الحدث الذي حضره جمع من المحللين والمستثمرين، كان بانتظار السيد "وودز" مفاجأة غير سعيدة، فبعدما ألقى نظرة على الرسالة التي وصلت إلى جواله عقب الفراغ من كلمته، توجه بالحديث إلى أحد المديرين التنفيذيين قائلًا بغضب: المساهمون لم يرحبوا، سهمنا انخفض بنسبة 3%.
في حقيقة الأمر، تواجه "إكسون موبيل" عددًا من التحديات بما في ذلك التحقيقات الجارية بشأن ممارساتها المحاسبية والضريبية، وكذلك الدعاوى القضائية من قبل المدن والدول التي تسعى للحصول على أموال نظير آثار التغير المناخي.
لكن المشكلة الكبرى حاليًا والتي نادرًا ما تعرضت لها الشركة طوال تاريخها البالغ 148 عامًا، هي أنها لا تجني الكثير من الأموال كما جرت العادة، بحسب تقرير لـ"وول ستريت جورنال".
المنافسة أفقدت المستثمرين شهية التوسع
- تحت قيادة الرئيس التنفيذي السابق "ريكس تيلرسون"، راهنت "إكسون" على أعمال محفوفة بالمخاطر ومكلفة مثل تلك في المناطق القطبية الشمالية التابعة لروسيا، لكن مع انهيار الأسعار، لم تنجح الشركة في بلوغ هدفها المنشود.
- لذا قررت الشركة البالغة قيمتها 350 مليار دولار، العودة إلى طريقها القديم، وهو الإنفاق الكبير والمنضبط على الخطط التي من شأنها تحقيق أرباح حتى مع انخفاض الأسعار، وهو رهان يأتي في حقبة جديدة تشهد تحديات جمة في قطاع الطاقة (خاصة المنافسة مع المصادر الجديدة).
- يعكف العديد من منافسي "إكسون" على تحويل أعمالهم التجارية بعيدًا عن عمليات التنقيب النفطي، وبدأوا الحذر في إنفاقهم والتوجه نحو الطاقة المتجددة، وفي الوقت ذاته، لم يعد المستثمرون متأكدين من رغبتهم في تواصل توسع عمالقة النفط أكثر من ذلك.
- يقول "مارك ستويكلي" الرئيس التنفيذي لصندوق "Adams Funds" الذي يملك أسهمًا بقيمة 100 مليون دولار في "إكسون": معظم المستثمرين يحبون "إكسون" لكنهم يحبون شركات أخرى بشكل أكبر، لذا فالسوق ليس مستعدًا لمكافأة الشركة على إنفاقها اليوم أملًا في تحقيق عائدات كبيرة غدًا.
- تعهدت "إكسون" بإنتاج المزيد من النفط والغاز لسنوات، لكن إنتاجها البالغ نحو 4 ملايين برميل يوميًا لا يزيد اليوم عما كان عليه بعد اندماجها مباشرة مع شركة "موبيل" عام 1999.
السبيل معقد أكثر مما يبدو
- حتى لو نجحت "إكسون" في مضاعفة أرباح العام الماضي البالغة 15 مليار دولار (مع غض الطرف عن الاضطرابات وتأثيرات الإصلاح الضريبي في أمريكا) بحلول عام 2025 كما تعهد "وودز" في خطته للإنفاق، فإنها ستظل تحقق إيرادات أقل بكثير مما فعلت عام 2008، عندما سجلت ما كان رقمًا قياسيًا آنذاك من الأرباح السنوية لأي شركة أمريكية، والذي بلغ 45 مليار دولار.
- في عام 2016، جردت "ستاندرد آند بورز" شركة "إكسون" من تصنيفها الائتماني "إيه إيه إيه" الذي ظلت محتفظة به منذ عام 1930، وكانت واحدة من ثلاث شركات فقط حظيت بهذا التميز إلى جانب "مايكروسوفت" و"جونسون آند جونسون".
- بينما كانت "إكسون" أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية ذات مرة، فإنها جاءت في المرتبة العاشرة في الثلاثين من يونيو/ حزيران الماضي، بأقل من نصف حجم شركة "آبل".
- ترفض "إكسون" الاعتراف بارتكابها مخالفات للتشريعات المتعلقة بالمناخ، وغيرها من القضايا الأخرى التي تخضع للتحقيق على ذمتها، وتصر على أن الدعاوى القضائية هي الطريق الخاطئ للتعامل مع تغير المناخ، لتبدو متمسكة بالمضي قدمًا في الطريق الذي أدى إلى تقسيم وإنهاء هيمنة شركة الملياردير "جون روكلفر" "ستاندرد أويل" عام 1911 على يد القضاء لممارساتها الاحتكارية.
- تحمل "إكسون" تشابهًا مع "ستاندرد أويل" حتى الآن، فرغم أن الرئيس التنفيذي القوي "وودز" يبدو أنه هو من يحدد طريق الشركة، هناك لجنة من المديرين التنفيذيين تهيمن على مجريات الأمور بشكل فعلي، وملثما كان الأمر في عهد "روكفلر"، تقاسم هؤلاء المديرون المسؤولية الرقابية الهائلة لـ"إكسون" التي تعمل في 51 دولة وتضم أكثر من 70 ألف موظف.
- أصبحت "إكسون" أكبر شركة مدرجة في العالم من حيث الإيرادات عام 1975، وخلال الثلاثة عقود ونصف العقد التالية، كانت الأكثر ربحية في أغلب الأوقات حتى مع انخفاض أسعار النفط، ونجحت دائمًا في صياغة موازنة ناجحة والمضي قدمًا في المشروعات المعقدة من الناحيتين الهندسية والسياسية، لكن ذلك قبل أن تعاني جفافًا في منابع الأموال وتعلق أمالها على نتائج الرهان الخطر لـ"وودز".
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}